ذات صباح كنت جالسة اتبادل اطراف الحديث مع احدى الزميلات واذا بهاتفها يرن. فأجابت واثناء حديثها مع المتصل بدأت ملامحها تتغير فأحسستُ بتعكر في مزاجها، بعد لحظات من المكالمة أستفهمتها؟ ما حل بكِ؟ أهو خبر مزعج لا سمح الله... فأجابتني بأمتعاض شديد.. لا، لكن أقاربي ينوون أن يقضوا يوم غدٍ بزيارتنا وتناول وجبة الغداء، والصراحة لست على استعداد لضيافتهم !!
لم استطع استيعاب الموقف هل أعطيها العذر ام أستهجن تصرفها وأراها بعيدة كل البعد عن عاداتنا في الكرم والضيافة وحب قدوم الضيف كما ورثناه من آباءنا من حسن الضيافة والفرح عند قدوم الزائر، لكن اليوم نرى الكثير من التقاطع وعدم الالفة بين الاهل والاقارب والجيران وغالبا ما يكون الضيف ظلا ثقيلا خاصة في أيام الاعياد عند العديد من العوائل، ولأهمية هذه الظاهرة الاجتماعية واثارها على مجتمعنا وأسرنا سلط موقع (بشرى الحياة) الضوء على هذا الجانب..
آراء
كانت البداية مع زهراء محمد حيث قالت: هنالك مواقف كثيرة لاقاربي حين زيارتهم أحسستُ انا وعائلتي حينها بالضيف الثقيل وذلك لوجود خلل في آداب الضيافة لبعض اقاربنا كالتذمر من اطفالنا والتنويه بعدم اصطحابهم معنا في المرات القادمة بالرغم من أنهم لم يتجاوز عددهم الى أكثر من إثنين، بالاضافة الى تقديم وجبة الغداء والتي كانت قد اعدَّت قبل بضعة أيام والشكوى من ضعف الحال وان رزقهم ليس فيه اي بركة اضافة الى المشاكل التي حطت على رؤوسهم والتي أرى ان لا صحة لوجودها، وبالنتيجة بدأت القطيعة وعدم زيارتهم لفقدهم اصول الضيافة!.
وحدثتنا بشرى عبد الكاظم عن بعض المواقف التي جعلتها تقطع الزيارات بينها وبين اقاربها ومعارفها قائلة: كلما اتصلتُ بأهل زوجي لنخبرهم بقدومنا يتعذرون بحجة عدم تواجدهم بالمنزل وخاصة يوم الاول من عيد الفطر المبارك حيث تتعمد عائلة زوجي بالخروج من المنزل وعدم استقبال ضيوفهم.
واكملت بشرى حديثها بألم واضح: مما اضطرني الى قطع التواصل بين عائلتي وعائلة زوجي وأصبحت حريصة الا ازورهم وخصوصا يوم العيد لكن هنالك غصة حين يكون هنالك الحاحا من أطفالي بالذهاب الى بيت الجد وانا اختلق الاعذار وعدم قدرتي على البوح لهم بأننا ضيف غير مرحب به.
الالفة والمحبة
استرسلت ام علي بكلامها وكانت كلماتها تفيض حنانا: الضيف هو ضيف الرحمن فكيف اتذمر من ضيافته والترحيب به على العكس بيتنا مفتوح للجار والصديق والأهل والأقارب في اي وقت والعرب معروفون بكرمهم والالفة وبتقديم مختلف الاطباق من السمك المشوي والبرياني والدولمة والحلويات والفواكه.
واضافت: تعودت عوائلنا على الضيافة واكرام الضيف واعداد مأدبة خاصة في ايام شهر رمضان المبارك والاعياد واعداد اصناف خاصة (كالكليجة العراقية) وتوزيعها على الجيران حيث تتبادل الاسر انواع الطعام وتدعو الاهل والاقارب وحتى الأصدقاء الى المأدبة وتكون الاسر مجتمعة ومسرورة.
وحدثتنا ام هشام عن الضيف والضيافة بقولها: البيت الذي لا يدخله ضيف ينحسر رزقه فالضيف يكون فالا حسنا لجلب الرزق ويجب كما تعودنا وما عرفناه من أمهاتنا واباؤنا أن نتقاسم طعامنا مع الضيف حتى تحل البركة في بيتنا ورزقنا.
لكن في وقتنا الحاضر ومع الانشغالات الكثيرة على الضيف مراعاة وقت الزيارة واعلامنا مسبقا حتى نكون على استعداد لاستقبالهم ليس اكثر.
الاسلام والضيافة
كان لنا وقفة في هذا الجانب مع السيد باسم الاعرجي وبين لنا دور الاسلام في وضع الأسس في آداب الضيافة مؤكدا حرص الاسلام ورسولنا الكريم عليه افضل الصلوات على الكثير من الامور التي تهم الافراد في المجتمع منها إكرام الضيف والسائل وعابر السبيل وتفقد الاحبة وغيرها من الامور التي تنزل المودة والالفة والمحبة بين المسلمين وتجنبهم البغضاء والكراهية والعدواة وقال نبينا محمد عليه وعلى ابائه افضل الصلوات واتمها وازكاها: "الضيف دليل الجنة".
وهنا وجب علينا حفظ حق الضيف وبذل الجهود في اضافة جو الالفة والمحبة مما يؤدي الى تهذيب النفوس والرقة وجعل جو من التفاهم والمحبة بين الاهل والأصدقاء والتمسك بالاخلاق الحميدة .
واكد الرسول الكريم وال بيته الطيبين ان اكرام الضيف من الاعمال الحسنة والتي يثاب عليها الانسان المؤمن
كما اكد امامنا ومولانا امير المؤمنين عليه السلام في قوله:-
"ما من مؤمن يسمع بهمس الضيف ويفرح بذلك إلاّ غُفرت له خطاياه، وإن كانت مطبقة ما بين السماء والأرض".
بالمقابل على الضيف ان يختار اوقاتا مناسبة والا يطيل المكوث ولا يتطلب اموراً تثقل كاهل رب البيت واخبارهم بقدومه ليكونوا على استعداد لاستقباله لتشيع المحبة والالفة بين عوائلنا الكريمة.
اضافةتعليق
التعليقات