أين المفر ونحن بذنوبنا ثقال حبيبي يا الله؟
فلولا رحمتك التي وسعت كل شيء ومُنحك الكثيرة التي تأتينا تباعا لما اشتهينا الجنة ودخلناها، فقد منحتنا عقولا نزنُ بها أفعالنا ونستدرك أخطاءنا، وفرضت علينا اعمالا لتكون سُلّماً لباب جنتك نصعده بروية، وخطوات نقترب بها لعطفك وكرمك، فمن بلغهنّ ذاق ثمار الدنيا والآخرة .
وفريضة الحج إحداهن تسبقها (الشهادتان، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، وتلحقها صوم رمضان)، فقد قال الصادق المصدوق (صلى الله عليه واله وسلم): "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً".
والحج بالنية الصادقة، هو ولادة جديدة، ونهاية سعيدة لطريقٍ طويل، وماء زلال يطهر القلب ويغسل الخطايا، ونورٌ يأكل ظلام النفوس.
عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد الدنيا والآخرة فليؤم هذا البيت، فما آتاه عبد يسأل الله دنياً إلاّ أعطاه الله منها، ولا يسأله آخرة إلاّ ادّخر له منها، ألا أيّها الناس عليكم بالحجّ والعمرة فتابعوا بينهما فإنّهما يغسلان الذنوب كما يغسل الماء الدرن على الثوب، وينفيان الفقر كما تنفي النار خبث الحديد.
وحج البيت أمنية تشع بقلب المؤمن ورغبة جامحة بتذوق حلاوة القرب لبيت الله الحرام فيغزلها بعقلٍ وتأني لتصبح حلما ثم هدفا، فكم عبدا فقيرا جمع دراهمه بصبرٍ يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وربما فاقت السنين دون مللٍ او كلل، وقلبه بالشوق ملتهب، وفؤاده معلق بكرم الله ولطفه، عالما ان دار الدنيا مرور ولا تكون دار مقر، ليقطع رحلة تعد من أصعب الفرائض والعبادات فهي رحلة لتنقية الروح من كل الذنوب، ويوم ينوي الرحيل يتخلص مما عليه من حقوق الناس ويكتب ماله وما عليه ويشهد على ذلك، ويتوب الى الله ويتوجه بقلبٍ صادقٍ مخلصٍ نازعا كل ملذات الدنيا، ثم يودع أهله كأنه راحل الى دار الآخرة.
وفي الميقات يردد وروحه حمامة تستنشق ربيع الغفران (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك لبيك).
قال الله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (سورة الحج: الآيتان 27 -28)، فليتنافس المتنافسون وليتسابق المؤمنون ففيها ترفع الدرجات وتُمحى السيئات.
اضافةتعليق
التعليقات