ماذا لو كان كل شيء مظلم يدعو الى الحزن في هذه الحياة!؟ او على العكس؟! ماذا سيحدث؟! كلنا في هذه الحياة تعرضنا لنكبات عديدة واحزان مختلفة، كلنا وصلنا لمرحلة يأس في وقت من الاوقات وتمنينا لو اننا اطبقنا اجفاننا ورحلنا عن الدنيا ولكن لبرهة يبزغ النور من حيث ولد الظلام فتنتفض في جسدنا طاقة عجيبة ونبرق بالامل وحب الحياة والابداع.
اننا ما كنا تذوقنا هذه النشوة من السعادة لو اننا ما شعرنا بمرارة الفقد، فقد حلم او موت امل !فعتمة ظلام الضوء تُبرز جمال الضوء، عندما نمر بوعكة صحية تضطرب كل صحة الجسد لها حتى لو كانت تخص عضو او منطقة معينة "فيتداعى لها كل الجسد بالسهر والحمى!".
ويغمرنا توتر عجيب حتى نقوم باللازم لنزع ذلك الألم من الجسد، وذات الامر في العائلة الواحدة التي ترتبط برابط الدم والمودة، رغم وجود الاختلافات الحتمية بين كل شخص وآخر عندما يمر احد افرادها بأزمة او مشكلة ويكترب لها.
هل تذكر لكم تهيجت مشاعركم اسفاً لحاله؟!
وتحاول انت وباقي افراد عائلتك على اخراجه من تلك الحالة والنكبة، وحين تتجاوزوها هل تذكر بريق عينيه لما انقشعت تلك السحابة الداكنة ولكم عمّكم الفرح؟!
في تلك الفترة تجاوزتم الاختلافات ووظفتم كل وجهات النظر والآراء للوصول لصيغة حل، ان النزاع يمكن ان يقودنا الى نتائج ايجابية لو ادرناه بحكمة وفسحنا مجالا نصغي به الى الطرف الآخر لنوظفه في خدمة القضية التي نتنازع لأجلها.
ويمكنك تجربة ذلك ان راجعت الماضي وتذكرت اخر نزاع متى كان ومع من؟! وتدقق ماذا كان سيحدث لو حولتماه الى نزاع ايجابي، ابقاء نظرتك الى الامور بتشاؤم وسوداوية سيعتم في عينيك الكثير من الحقائق، فعليك التخلي عن الانانية واستشعار المسؤولية والواجبات الملقاة عليك.
وكذلك الحال مع القضية الحسينية وتصاعد وتير النزاعات كلما مضى الوقت الى الامام حيث امست السوشل ميديا ارض خصبة تنمو عليها كل الصراعات بأسرع مما يمكن.
وما هو متوقع! كل هذا بسبب فقر الناس الى ثقافة فكرية، ثقافة التقبل واحترام رأي الطرف الآخر وتفضيل الاهم على المهم!.
فهي من اهم القضايا المتنازع عليها حالياً التي هي الأحرى باذابة النزاع وتوحيد الرؤى وتوظيفها في خدمتها، اذكر لما سرت العام الماضي مع السائرين لكربلاء كانت هنالك لوحات كبيرة للمرجع السيد صادق الشيرازي _قدس سره_ خط عليها: "الحسين يوحدنا!".
جذبتني تلك العبارة رغم اننا اعتدنا قرائتها كثيراً لكنا اضعنا فحواها واهملنا جوهرها وما ترمي اليه، فأمسينا نتصارع ونتخاصم تحت رايته وتحت اسمه ونثأر لآرائنا وكأنا نحن المسؤولون عن قبول الاعمال الناس وتقييم عقيدتهم.
فتارة نجد عبارة "لاخير في يد تلطم على الحسين ولاتتوضأ للصلاة" وتارةً "الحسين اخلاق وليس مشي"! وغيرها الكثير..
لماذا هذا الضرب للشعائر المقدسة بهذه الطريقة من داخل ابناء المذهب!، وكلما جاء عام ازداد الهجوم اكثر، مرة يُذم مشي النساء ومرة يُتهجم على اخلاق الشباب السائرين نحو الحسين (ع)! والمشكلة ان المتحدثين بهذه الطريقة لم يشهدوا الطريق وروحانيته وكيف توشح الكل بالحزن والخدمة بقمة من الاخلاص.
فقضية الاربعين قضية عالمية مليونية مباركة محاطة بعناية إلهية قد جذبت انظار العالم اليها بما تحمله من سلمية واعداد هائلة اجتمعت تحت راية الحسين ومواساة لأخته زينب فافحمت العقول وكانت سببا في دخول الكثير للإسلام والتشيع.
فلمّا نحن جعلناها منصة للحروب العقلية الواهنة التي زادت من الفساد العقائدي لدى ثلة قليلة اضلت كثيرين، وكلامهم ما اثّر فإن الشعائر من الله انزلت و"هم لها حافظون"، يزداد العدد عاما بعد عام ولكن الخلافات جعلت الامة تمر في ازمة وتغاضت عن جوهر القضية الاساسي وهو اعلاء كلمة الحق وايصالها لكل اصقاع الأرض!.
فهذه الازمة لن تُتجاوز الا ان وحدنا الجهود والرأي وجعلنا خلافاتنا مصدر قوة ان توحدت ايجابياً بايجاد خطط جديدة كلٌ بفكرته لخدمة قضية الاربعين وتوصيلها للعالم اجمع بدلاً من ابعاد العالم عنها تحت مبدأ "الغيرة المدلسة" على الحسين (ع) وقضيته.
هناك عالم مشرق لن نصله الا ان جعلنا الطريق يوحدنا، كما هو الخادم الذي يرأس الموكب يدعو الكل لسفرته دون ان يسأله عن مذهبه ودولته ونسبه لان عنده الحسين (ع) اولاً وهو المسؤول عن زائريه .
اضافةتعليق
التعليقات