شباب أضاعوا الفرص في حياتهم، ودمروها باللهو واللامبالاة بما يفعلوا، ارتسم على قلوبهم الحزن والأسى من هموم الدنيا، أخذت مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات وبرامج التعارف مأخذا كبيرا في حياتهم نحو الأفكار السلبية، التي تذهب بهم نحو ملذات الدنيا ونسيان الآخرة، ولما خلقوا في هذه الدنيا وبعد أن مضت فترة من الزمن وهم على حالهم، لكن حينما سمعوا بأن شهر الحزن قد أتى، أي شهر المصيبة والفاجعة الأليمة التي ألمّت بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة (عليهم السلام) حاولوا الاستفادة من هذا الشهر، وفي أحد الأيام سمعوا أنه سوف يقام مجلس حسيني في منطقتهم، فقالوا لمَ لا نذهب ونستمع لما يقوله الخطيب، وعندما حلّ الليل اجتمعوا معا، وذهبوا إلى المجلس الحسيني ودخلوا وجلسوا على الأرض.
وبعد مضي الوقت أتى ذلك العالم الديني الشيخ الذي عندما أبصروه شعروا بالراحة النفسية قبل أن يتكلم، وصعد إلى المنبر وبدأ كالعادة بأبيات النعي والرثاء لسيد الشهداء( عليه السلام) وكانت مؤثرة جداً والكل بكى على هذا المصاب الذي لم يحدث لأحد منا، حيث خرج الإمام (ع) لإصلاح الأمة، وبعدها قام بقراءة آية من الذكر الحكيم قال تعالى :(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).
وقال بأن هناك مفردات ثلاثة وردت لكي تبين حقيقة في حياة الإنسان:
_الأعراض عن ذكر الله.
_معيشة الضنك.
_أنه يحشر أعمى.
وهؤلاء الشباب نسوا كل شي واندمج كل منهم بكلامه وأنصتوا إليه ولما يقوله هذا الشيخ من كلام .. وأكمل حديثه وقام بنصح الشباب وارشادهم بأن هنالك ضوابط في القرآن، يجب أن نتمسك بها ومن غيرها لا يمكن العبور من الله تعالى والفرار منه، وأن تكون لدينا أعمال جيدة لما فعلناه في حياتنا، وكله يسجل عند الله تعالى سواء كان صوابا أم خطأ.
وأيضاً قال تعالى:
.(قل يا عبادي الذين أسرفوا لا تقنطوا من رحمة الله)
أي أنه مهما فعلت من أخطاء لا تيأس وتقول أنا عصيت ربي، لا بل يقول الله لا تقنطوا من رحمتي، فلذا علينا أن نرتبط مع الله برابط حقيقي وتوبة لا رجعة فيها للمعاصي، ولنزرع الأمل في أعماقنا ولا نيأس أبداً، فأبوابه تعالى مفتوحة لكل إنسان وليكن طريقنا واحدا تأتي منه سعادتك في حياتك وهو طريق الله، والتوجه الحقيقي إليه مهما كانت الظروف، ولتجد راحتك معه، وابتدئ بصفحة جديدة مع الله، وأوصيكم بالصلاة.. الصلاة.. فمن أجلها قتل سيد الشهداء (عليه السلام).
وحينما كانوا منصتين ويستمعوا إليه التفت أحدهم نحو الآخر، وفهموا بأن كل واحد منهم يوجد لديه خطأ، وأنهم مقصرين بحق ربهم، وبعدها أكملوا المجلس واستمعوا إليه، وأكمل الشيخ حديثه وبدأ يتكلم عن الإمام الحسين وقال لنتعلم منه (عليه السلام)، فهو الذي فدى نفسه وأهله ﻷجلنا نحن، وﻷجل إحياء الدين والإصلاح في الأمة.
وبدأ الشيخ الخطيب بنصح الشباب ليتعلموا من الامام (ع)، كيف ضحى بحياته من أجل الدين ورضاه بقضاء الله وقدره، وأن يسيروا في طريقه ومنهجه، وأن لا ننسى الحسين(عليه السلام) في المواكب والمجالس، ونلتف حول الامام الحسين (ع) في كل أحوالنا وحياتنا.
أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، وبعدها قال لهم، أيها الشباب أنتم احباب الحسين (ع)، وأبناء الزهراء، يجب عليك أيها الشاب أن تبتعد عن صديق السوء الذي يبعدك عن الله تعالى والحسين (ع)، وأن يكون حبك خالصا للحسين حتى عندما تحضر المجالس الحسينية تحصل على نور وموعظة ودرس مهم في حياتك، وبمقدار ما تكون قريب من الله والحسين (ع) بمقدار ما ينير الله حياتك ويعطيك الراحة والسعادة، وأن يكون ذكر الحسين (ع) طيلة أيام السنة.
يقول الإمام المهدي المنتظر:
.(لأندبنك صباحاً ومساءا ولأبكين عليك بدل الدموع دما )
إذاً علينا أن نهتم بهذا الجانب المهم من حياتنا، وقد استمعنا للشيخ عندما قدم هذه القصة لبعض الشباب فقال:
هنالك مجموعة من الشباب ذهبوا لزيارة الأربعين متوجهبن ﻷبي عبد الله الحسين( عليه السلام) مشيا وحينما وصلوا منتصف الطريق وحل الظلام عليهم ذهبوا ﻷحد الدور في تلك المنطقة التي فتحت دورها للزوار وخدمتهم، فالتقوا برجل فتح داره لاستقبال زوار الحسين عليه السلام، فقال لهم تعالوا معي إلى البيت فذهبوا معه وجلسوا عنده وقد لاحظ الرجل أن هؤلاء الشباب لم يلتفتوا الى صلاتهم وإنما كانوا يتراسلون ومنشغلين بمواقع التواصل والضحك وغير ملتزمين، انتبه لهم صاحب الدار وقام بطردهم من داره وقال لهم أنتم لستوا بزوار للحسين (عليه السلام) وزائر الحسين ليس هكذا، فقاموا وخرجوا من داره ورحلوا عنه بعيداً في غير منطقة وأكملوا مسيرهم وجلسوا عند أحد الخدام، وحينما ذهب صاحب الدار لينام في فراشه رأى رؤية في منامه أنه رأى الإمام الحسين عليه السلام فقال سلمت عليه ورد علي السلام لكن غير راضي عني، فقلت يا ابا عبد لله انا خادمكم ماذا فعلت لكي تكلمني هكذا؟ فقال له الإمام الحسين عليه السلام قم وأرجع الشباب الذين قمت بطردهم، فقال له إنهم غير ملتزمين ويستمعون للغناء. فقال له الإمام: إنهم زواري وجاءوا من أجلي فأرجعهم إلى دارك الآن وإلا لن أكون راضياً عنك. فقال صاحب الدار أين أجدهم يا مولاي في هذا الليل. فعلمه على الطريق، وخرج يبحث عنهم في كل مكان، إلى أن التقى بهم في دار أحد خدام الإمام ووصل هناك، وقال لهم تعالوا معي قالوا لن نأتي أنت طردتنا من دارك فحكى لهم ما رأى في منامه، فنهض هؤلاء الشباب واندهشوا لما قاله ولم يصدقوا كلامه، فقال لهم والله الحسين يريدكم وقال لي أرجعهم ولا ترجع إلا وهم معك الشباب، قالوا نحن هكذا، قال عنا وقام كل منهم بالبكاء لما سمعه، واعترفوا بخطئهم، فاتخذوا عهدا على أنفسهم وعاهدوا الحسين عليه السلام، عهدا يا أبا عبد لله سوف نعمل كل ما يرضيك ولا نعصيك أبداً لذا علينا أن نتمسك بنور الحسين طيلة السنة، ونحافظ على الشعائر الحسينية المقدسة، ونفدي أرواحنا إليه ونسير في طريقه ومنهاجه الذي رسمه لنا ولا نبتعد عنه أبداً وأن يجعلنا من المرضيين عنده.
هؤلاء الشباب الذين حضروا ذلك المجلس اتعظوا من كلام الشيخ، وعاهدوا الحسين عليه السلام واهتدوا بنور الإمام عليه السلام، وأصبحوا شبابا ملتزمين ويشكرون الله على هذا التنبيه لهم ولولاه لضاعوا.
اللهم اجعلنا من المهتدين بنور الحسين عليه السلام واجعلنا من أنصار سيدي ومولاي الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه.
اضافةتعليق
التعليقات