• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

غربة الديار

فرقان ز أحمد / الأثنين 28 نيسان 2025 / اسلاميات / 575
شارك الموضوع :

أخذَت مني الديار حيزًا لا بأس به من التفكير والتحليل العميقين، في محاولةٍ للوصول إلى منطقٍ يقبله عقلي

متى تُعتبر الأرضُ ديارًا لابن آدم؟ متى تكون له وطنًا؟ هل هناك مدةٌ زمنيةٌ محددةٌ، أم أحداثٌ معيّنةٌ يُشترط أن يعيشها أو يخوضها الفردُ في بقعةٍ ما، لتُصبح له وطنًا، لتكون ديارَه التي يحنّ إليها ويشعر فيها بالانتماء، ويلبس فيها ثوب نفسه وروحه الذي يرتاح فيه؟ كم هو جميل ذلك الشعور... أن تعود مُحمَّلًا إلى ديارك، فتُلقي كلّ ما كان يشغل قلبك وروحك، وكأنك تضع أحمالًا من فوق كتفيك ومقدمة رأسك، فتصبح خفيفًا كريشةٍ يُداعبها نسيمُ ريحٍ خفيف... لتكون أنت، وأنت فقط.

أخذَت مني الديار حيزًا لا بأس به من التفكير والتحليل العميقين، في محاولةٍ للوصول إلى منطقٍ يقبله عقلي.

منذ نعومة أظافري، وشعورٌ جامحٌ يجتاحني؛ أشعر دائمًا أني فردٌ غريب، ببساطة: وجدتُ نفسي في مكانٍ لا أشعر فيه بالانتماء. ومنذ ذلك الحين، وأنا أبحث عن ديارٍ أشعر فيها بالتجذر، أشعر بأنني أنتمي إليها، أتذوق شعور أمومة الأرض التي يتغنى بها الشعراء، ديارٍ أشعر بأني أُلقي إليها بثقل كاهلي فتمتصّ ما يشغل قلبي ويشتت روحي، ديارٍ أعود فيها لذاتي الحقيقية بلا وجوهٍ مُصطنعةٍ أو قلوبٍ غلفها الوهم، ديارٍ تشفي روحي وترويني عذبَ وجودي بين جوانبها، فتحنّ إليها روحي كلّما ابتعدت.

جرّبت أن أزور كلّ مكانٍ أستطيع الوصول إليه، ويكون ذا صفاتٍ معيّنةٍ تُؤهله أن يكون دياري التي تطمئنّ فيها، ولها، روحي. حتى وصلتُ إلى مقابر المسلمين، فوجدتني أشعر برابطٍ لا أستطيع تفسيره. لماذا أشعر بأني أقرب إلى الموتى منّي إلى الأحياء؟ شعورٌ غريبٌ جميل، وكأنّ روحي تستمع للحنٍ قديمٍ اعتادت عليه وكانت تعلمه.

أشعر أني دخلتُ منزلي الذي غادرته قبل مدى بعيد، وأصابني نوعٌ من النسيان، فتجرّعت ألم الفقد... ونسيتُ أني فقدت، لكن مشاعري لم تنسَ.

هناك ألمٌ يقترض من روحي، كأنه ألم فقد، كأنه فراغٌ يُصيب قلب الإنسان حين يفقد شيئًا عزيزًا. قال تعالى: (وأصبح فؤادُ أم موسى فارغًا إن كادت لتُبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين).

شعوري بالغربة، وأني في مكانٍ لا أنتمي إليه، يأكل من روحي مقدارًا كلّ يوم... وسط عاصفةٍ من التيه، أجدني أسأل ربي وخالقي:

ربي، أين هو الطريق؟ أرشدني إلى الديار. لماذا أشعر بفراغٍ شديدٍ في صدري؟ لماذا أتجرّع ألم الفاقدين كلّ يوم؟ ماذا فقدتُ؟ وحنيني لِمن؟ روحي مضطربةٌ دائمًا.

كيف قلتَ، يا رب، في كتابك العزيز: (يريد الله بكم اليسر) وقد بحثتُ عنه طويلًا ولم أجده؟ هل بموتي تكون راحتي؟ لماذا أتوق إليه بشدّة؟ أحنّ لدياري، فأين الديار؟

أهو منزل والدي؟ أم هو بيت عائلتي الصغيرة لاحقًا؟ أهو مكانٌ أزوره فتستقرّ نفسي مؤقتًا، ثم أعود لتعود هواجسي ويعود اضطرابي؟ من أنا؟ وإلى أين أنتمي؟ أين هي الديار؟ وأين هو الوطن؟

قال تعالى: (أوَلَمْ يرَ الإنسانُ أنّا خلقناه من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبين)،

وقال أيضًا: (أولا يذكرُ الإنسانُ أنّا خلقناه من قبلُ ولم يكُ شيئًا).

ما الذي يذكره ابن آدم؟ وماذا نسي؟ كيف يذكر عملية خلقه إذا لم يكن شاهدًا عليها؟

ما الذي رأيناه وعلِمناه، لكننا نسيناه؟ كم مرّةً ذكر الجبار في كتابه: "أفلا يتذكرون"، "إنما يتذكر أولوا الألباب"؟

ما هي الحُجُب التي تُزال عن بصيرة ابن آدم وبصره ليرى الحقيقة؟، قال تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد).

تُزال الحجب، فيرى ابن آدم... ماذا يرى؟

يرى شيئًا أمامه طوال الوقت، لأن الآية أرجعت الغطاء إلى البصر، أي إنّ ما يُبصر ويُرى موجودٌ أساسًا، ولكن لا يُدركه البصر إلا إذا كشف الله عنه الغطاء...

حنيني المستمر، لوعة الغربة التي تلوي جزيئات قلبي حزنًا... أتُراني أحنّ لمكانٍ كنتُ به؟ لشعورٍ أحاط بي سابقًا؟ لديارٍ كانت تضمني؟ تئنّ روحي بشكلٍ مستمر، وأخيرًا وجدتني أهدأ وأستقرّ بقربك، بقربك وذكرك فقط.

لا أرض هي ديار، ولا أي مكان هو وطن. مهما تبدّلت الأرض التي أكون عليها، أو المكان الذي أنا به ويحتويني، غير مهم أبدًا... أنت الديار، وأنت الوطن.

أبصرتُ أني أحمل الوطن ولا يحملني، أنا أُمهّد الديار لتكون ديارًا، فأبنيها بك...

دواؤك فيك وما تُبصرُ

وداؤك منك وما تشعرُ

أتزعم أنك جرمٌ صغيرٌ

وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ

فأنت الكتابُ المبينُ الذي

بأحرفه يظهرُ المُضمَرُ

وما حاجَةٌ لك من خارجٍ

وفِكرك فيك وما تُصدرُ

أمير المؤمنين (عليه السلام).

يا حبيبي، يا رب العزّة والجلالة... إذا سكنت نفسي أزهرت، وشيدت دعائمها، لأعيش ضمن روحي التي بين جنبيّ ونفسي، فلا تهزّني أيّ ريح، ولا تقطع طريقي أيّ رغبة، لأن دياري وموطني هي نفسي.

فألوذ إلى نفسي دائمًا، وأعتني بدياري، أشيدها على الصدق والتقوى. قال تعالى: (يوم تُبدّل الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهّار).

مهما تتبدّل الأرض وتتغيّر، وتشقّ السماء، وتنفطر، وتُغلَق الأرض على جسدي البالي، ويُنثَر التراب عليّ لتُطوى صفحتي في هذا العالم...

لا أكترث، ولا أُبالي... ربِّ، أنت دياري وموطني، أنت مصدر الروح والنور الأعظم، فماذا فقدتُ وقد وجدتك؟ وماذا وجدتُ لو كنتُ فقدتك؟ أنت كل شيء.

سلام الله على عليّ أمير المؤمنين، عُرف بمهابته وإقدامه وبسالته عند إقدامه على الحرب، فعُرف عنه أنه يقاتل قتال من عاف الحياة، وليس لديه ما يخسره.

كمن رفض حياةً عابرة، واتّجه يُلقي بنفسه ويخوض بما يأمره به معشوقه ودياره الذي منه روحه... فالروحُ تعلم... وتحنّ للمصدر.

ألم يقل عزّ وجلّ في كتابه الكريم: (فنفخنا فيه من روحنا)؟

أوليست الروح امتدادًا لذات الله؟ أوليست الروح هي من عند الله، وهي من ذاته الحقيقية؟

هل شعر الحسين (عليه السلام) بالغربة عندما خرج من أراضي مكة المباركة إلى أرضٍ قاحلة، كان يعلم يقينًا أنه ملاقٍ حتفه فيها، وأنّ نساءه تُسلب وتُظلم وتُساق إلى مجلس الظالمين؟

فماذا كان جواب الحسين؟ ما كان جوابه إلا أن قال:

"إلهي، تركتُ الخلقَ طرًّا في هواك، وأيتمتُ العيالَ لكي أراك، فلو قطّعتني بالحبِّ إربًا، لما مالَ الفؤادُ إلى سواك".

إذا هامَت الروحُ بخالقها، وذابت عشقًا، لا يرى الفردُ أي شيء سواه ، لا .ألم يشعر به، لا شيء يأخذ مجامع قلبه وروحه بهجة أو حزنا، تصبح المشاعر ذات مقاييس محددة لا تتعداها أبدا، فالذي علم ورأى ليس كمن هو مغشي على عينه..

هل تعتقد عزيزي القاريء أن الحسين (عليه السلام) لا يستطيع أن يدعو ربه ليرزقه المدد للنصر، أن يعطيه شربة من ماء فيسقي عياله، أن يناجي الله عز وجل ليجد نفسه في جنات النعيم، بلى وربي والله على ذلك لقدير، ولكن الحسين (عليه السلام) روح عظيمة تجلى بها عشق الله عز وجل فدفع بنفسه وأهله وأطفاله وجميع أصحابه ومن تبعه ليجيب ما أراده الله ، إبراهيم (عليه السلام) قال لولده اني أرى في المنام اني اذبحك فهم بذبح ولده طاعة لما يأمره الله به.

إذا أرادت النفس أن تتبع الخطى يرزقها الله الهدى لتبصر وتسمع وتشعر بكل مايحيط بشكل آخر تتجلى فيه عظمة الخالق واحاطته بعباده.

حقوق الانسان
الانسان
الايمان
الدين
العاطفة
الوعي
الوطن
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    آخر القراءات

    التكنولوجيا أم الأعمال اليدوية أيهما أعلى أجراً؟

    النشر : الأربعاء 20 تشرين الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    اليوم العالمي للإذاعة.. الاذاعة بين الفاقد والمفقود

    النشر : الأثنين 13 شباط 2017
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    خديجة بنت خويلد: سيدة نساء قريش

    النشر : الخميس 16 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    قاوم الإنفلونزا بمائدة من هذه الفواكة والخضروات

    النشر : السبت 09 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    استطلاع رأي: متى يتحقق حلم المحاضر المجاني بالتعيين؟

    النشر : الأحد 27 كانون الثاني 2019
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    كيف يتحقق الاحترام عبر اللهجة العراقية؟

    النشر : الأحد 04 آيار 2025
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 553 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 466 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 423 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 410 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 380 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 377 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1199 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1165 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1105 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1086 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1069 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 676 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة
    • منذ 17 ساعة
    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟
    • منذ 17 ساعة
    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة
    • منذ 17 ساعة
    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر
    • منذ 17 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة