في الروايات الشريفة غيبة الامام المهدي تتشابه مع غيبة نبي الله يوسف (عليه السلام)، کیف کانت غیبة يوسف (عليه السلام)؟، عندما ألقوه في غيابت الجب وتركوه وحيداً رجعوا إلى بيوتهم بعد سنوات رأوه وجها لوجه وتكلموا معه دون أن يعرفوه، كان النبي يوسف (عليه السلام) يعرفهم واحداً واحداً ولكن الأخوة لا يعرفون أخاهم.
في الروايات تتشابه غيبة الامام الحجة أرواحنا له الفداء بغيبة يوسف (عليه السلام) ، (یرونه ولا یعرفونه) کما کان نبینا یوسف (علیه السلام) بین إخوته ولم یعرفوه کذلك الامام الحجة أرواحنا له الفداء يكون بين الناس يرونه ولا يعرفونه، كل واحد منا يرى مئات الأشخاص من الصباح حتى المساء أيتذكر كلهم؟ أو يعرفهم كلهم؟.
الغيبة لا تعني بأن الامام غير مرئي ولا يُرى كالملائكة ولا يعني بأنه في السماوات بعيد عن الأنظار كالنبي عيسى (عليه السلام)، ولا يعني بأنه مخفي في سرداب الغيبة أو سرداب جمكران، إنه يمشي بين الناس ويأكل معهم ويواسيهم دون أن يتعرفوا عليه ومن الممكن أن يراه بعض الناس ويقول كم هو مألوف وإنني رأيته مرارا من قبل!.
نحن لا نعرف امامنا الغريب أين يعيش وماذا يفعل ولكن هذا الجهل بمكانه وتفاصيله لا يدل على عدم وجوده لو تتيح لنا الفرصة ونستطيع أن نذهب إلى نبي الله يعقوب في زمن غيبة يوسف سوف نسأله عن بعض الأمور ، السؤال الأول يا يعقوب هل ولدك يوسف على قيد الحياة؟، سيقول نعم بالتأكيد ، من ثم نسأل أين هو الآن؟، سيقول لا أعرف ، ماذا يأكل و ماذا يشرب و ماذا يفعل ، سيقول لا أعرف، يعقوب النبي (عليه السلام) لم يعرف أين ولده و ماذا يأكل و يشرب لأن الله سلب منه هذا العلم.
الغيبة تعني (عدم وجود العنوان) لو نسأل إخوة يوسف عن مكانه وماذا يفعل وماذا يأكل؟ ستكون الإجابة لا نعرف رغم تواصلهم مع يوسف (عليه السلام) وعنايته ورعايته لهم وانقاذهم من الجوع ووجوده الذي كان سبب الرحمة واللطف وعدم هلاكهم .
الإمام ليس كائنا غريباً لا مرئيا بل كما وردت في الروايات أن الامام يحضر مراسيم الحج في كل عام ويقف في منى والعرفات، إذن هذه الغيبة ليست بمعنى عدم وجوده أرواحنا له الفداء بل تعني عدم وجود العنوان فقد ورد عن الشيخ الصدوق بسنده عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه"*١
ولكن عدم معرفتنا بمكانه لا يدل على عدم رحمته لنا وتركه كما قال (عليه السلام):
إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فكلما نُرزق من خير ببركة وجوده أرواحنا له الفداء ولو لاه لانطبقت السماوات على الأرضين هو الشمس الذي لولاه انفقدت الحياة وهو الأمان و الملجأ، قال أرواحنا له الفداء:
وأمّا وجه الإنتفاع بي في غيبتي فكالإنتفاع بالشّمس إذا غيّبتها عن الأبصار السّحاب، وإنّي لأمانٌ لأهل الأرض كما أن النّجوم أمان لأهل السّماء.
ماهي درجة معرفتنا به؟، وماذا نفعل له؟، وماذا نقدم لأجله؟، أسئلة جوهرية تحدد مصير سعادتنا أو شقاؤنا؟، وفي الأخير لنراجع أنفسنا نحن غائبون؟، أو هو؟.
اضافةتعليق
التعليقات