كانت تكابد الهم، ولعلنا لا نعلم عمق هذه العبارة وكيف يكون الإنسان نهباً لهذا الشعور وما يحمله الهم من معنى، فكما قالوا اسلافنا بأن الهم أسوء أنواع الشعور السلبي والذي يتمثل في خوف الشخص من مستقبله وما يحمله من احداث وانقباض المزاج مع فقد المتعة والبهجة.
استسلمت له بملئ الكيان وجَهِلت بأنه قادر على الهجوم الفتاك لكل جزيئيات البدن مما يشمل العقل ويحدّه عن ممارسة دوره في التحليل والتمييز وإصدار التعليمات للأعضاء، ومن هنا نرى بأن أكثر الأمراض ومنها القرحة وسوء الهضم والقولون ووجع المفاصل منبعها الإختلالات النفسية الشديدة كافة.
في أوج هذه المعمعة النفسية كانت تتراوح أمامها العبارات المعهودة " أنت قوية، صلبة، عظيمة و... " وتفرح بها تارة وتذبل أخرى وتهيم ببهو عقلها الأكثر عمقاً من بئر يوسف وظلامه..
نحن أقوياء نعم وإن كنا طيناً، ولكن يجف الطين ويغدو قاسياً جلداً يصعب المرور عليه وعندما يقع هذا الجاف، ينكسر ويتفتت ويأخذه الريح ميمنة ميسرة.. إنها المرة الوحيدة التي تهب نفسها لهذا الجفاف، لهذا الإنكسار، لهذا الفتات، لهذا الجرح الذي يُنبَر سطحه بسهولة.
وكأنها نقطة النهاية أو ربما الصفر التي لا واحد بعدها ولا عشرة!
وعلى حين غرّة يغزوها صوت يسائلها؛ كم شخص أفضل منك في العالم؟! وتجيب ببؤس؛ لايهم. فيعيد السؤال مرة اخرى وتجيب؛ لا أعلم لعلهم ثلاثة ملايين او اكثر، فيقول الصوت لا بل اكثر من مائة مليون أو ما يعادل المليار شخص!.
حسناً وكم شخص أسوء منكِ في العالم؟! تجيب مُسرعة أعلم بأنهم أكثر وربما أكثر من المليار ذاته ممن لا مأوى لديهم ولا مأكل وملبس ولا حياة... فيجيبها إذن ماذا اصبحت نظرتك لحياتك في هذه اللحظة وانت تملكين النعم الأساسية التي يحتاجها أي انسان من ملبس ومأكل ومسكن وكمال؟
غاب الصوت الخارجي ونطق الداخلي بقلبها قائلاً بصمتٍ محترق؛ الحمدلله. إن واجبي في هذه اللحظة الإمتنان، الإمتنان وحسب.
حتى النوائب حين تهجم فهي تحدث لحكمة. فقد تُجلّي كرم رب العالمين المغيّب خلف ظلام حياتنا وقد تفتح باباً كبيرا للرحمة والسعادة. لذا الواجب الأول دائماً الإمتنان، أكبر أبواب السعادة وأكرمها.
اضافةتعليق
التعليقات