تلك الإمبراطورية العظيمة التي كانت تحكم الناس بقوة السيف و الجبروت وعلى نهج السقيفة، تهدمت بسبب أفعالها الشنيعة وطفلة مناصرة لامام زمانها بعد كل هذه السنوات نجد أولئك الطواغيت قد ذهبوا ولم يبقَ منهم سوى تاريخ أسود و أصبحت هذه الصغيرة الجليلة رمز العظمة و الخلود. وتلك الخربة أصبحت مزارا عامرا لاحتواء القلوب بكل دفء و حنان وكأن عند الباب تقف منحنية و تستقبل ضيوفها و بعد ذلك تفتح بيديها الصغيرتين تلك العقد الكبيرة التي أظلمت الحياة في عيون محبيها ليخرجوا قريري العين مع حوائج مقضية و يرجعوا حاملة معهم الدمى والألعاب و أحيانا الأقراط! ففي طبيعة الحال تميل البنات منذ الصغر لحمل الدمى ولكن هذه الصغيرة لم تعش طفولتها وأجبرت على حمل رأس أبيها هناك، في قلب الامبراطورية الطاغية رقدت طفلة مظلومة التي كُتب على قبرها ((هذا قبر سيدتنا رقية الشريدة المظلومة)). آلامها و معاناتها تكبر سنوات حياتها بأضعاف موجعة ولكن عند التمعن في تلك السنوات القصيرة نجد حياة سيدتنا ومولاتنا رقية مليئة بذكر امام زمانها في كل خطوة ، في القيام والقعود، في النوم واليقظة في الرخاء والشدة و في كل مكان و زمان وحتى في دائرة الدولة الأموية أمام الطاغية يزيد (لعنة الله عليه) لذلك أوقفني ذكراها للحظة تفكر ، ماذا قدمنا لامام زماننا؟ من المخجل أن يمضي يومنا و ننسى صاحبة الدمعة الساكبة و المظلومة المقهورة ونصرتها لامام زمانها وتمضي أيامنا دون ذكر صاحب زماننا دون خطوة تقربنا إليه نحن اللذين نسمي أنفسنا ((منتظرين)) يا ترى هل أدركنا معنى الانتظار أو ماهو المطلوب منا؟ أم ظننا بان الانتظار فعل ينتهي بعد الاتيان به و نبرئ ذمتنا ، الانتظار ليس فعلا كالصلاة والصوم والحج وباقي الفرائض العبادية ليكون له وقتا معينا حتى عند الاتيان به نشعر بالاطمئنان للقيام بالواجب ، بل حالة متلازمة تخص جميع لحظاتنا فلا تخلو لحظة من الانتظار ، ولكن أولم يقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه واله ): أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج؟ اذن هناك عمل مطلوب منا ولكن ما نوع هذا العمل ؟ هل هو فعل الجوارح أم الجوانح؟ ما أشارت اليه النصوص و الأخبار ، الانتظار يخص الجوانح قبل الجوارح هذه الحالة المتلازمة التي تجبر الإنسان على ضبط النفس في كل لحظة، على الجهاد بكل قوة كي يكون الإنسان منتظرا حقيقيا! يربي و يكون منتظرا ، يخدم شريك حياته وهو منتظر ، يصلي ، يزور، يكتب، يدرس، و ينام … و يكون منتظرا بسبب جهاده مع نفسه وتزكية هذه النفس ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ذات يوم: ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملا إلا به؟ فقلت: بلى فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما أمر الله والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا والورع والاجتهاد، والطمأنينة والانتظار للقائم ثم قال: إن لنا دولة يجيئ الله بها إذا شاء. ثم قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فان مات وقام القائم بعده كان له من الاجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة. يشير مولانا (عليه السلام) إلى العمل بالمحاسن والأخلاق فالمنتظر يختلف مقامه ومستواه مع الآخرين ربما لتبيين الأمر نستطيع أن نشبهه بذلك الطالب المجتهد الذي يحصل على درجة الإعفاء على الدوام لذا يختلف تماما عن الآخرين ، فالمنتظر عليه أن يعمل وفق معايير خاصة وهي محاسن الأخلاق! أن اقدم كل شيء بأفضل وأبهى صورة لأني احمل عنوان (الانتظار) ، (فجدوا واجتهدوا ) لا يحصل المقام بسهولة بل يحتاج إلى جد واجتهاد. ولنا في عزيزة الحسين أسوة حسنة لنرفع قضية امام زماننا و نسعى لنكون من خير أنصاره و أعوانه و المستشهدين تحت لوائه.
اضافةتعليق
التعليقات