من وسائل امتلاك اي صفة من الصفات الحميدة أن يتصرف الإنسان وكأنه يمتلكها بالفعل. فمن لم يكن شجاعاً، سرعان ما يمتلك صفة الشجاعة فعلاً، اذا تصرف وكأنه شجاع بالفعل.
وهكذا الأمر مع أية صفة أخرى، يقول الحديث الشريف في صفة الحلم: "إن لم تكن حليماً فتحلم، فإنه قلّ من تشبه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم". (شرح نهج البلاغة، ج19، ص27).
فإذا كنت تشعر بالضعف والدونية، لأي سبب من الأسباب فحاول ان تتصرف وكأنك على العكس من ذلك تماماً، وذلك كفيل بأن يغير روحيتك. فإن ذلك من أقرب الطرق إلى خلق شخصية متميزة بالفعل.
ان هنالك مثلاً قديماً يقول: إذا اردت أن تكون قوياً في روحيتك، فتظاهر وكأنك قوي في روحيتك. وفلسفة ذلك أن هنالك تأثيراً متقابلاً بين كل من الجسم والروح، فإذا كان أحدهما ضعيفاً أمكن تقويته بالثاني، فأحياناً يشعر المرء بضعف في معنوياته، فيكون الحل في الإعتماد على الجسم لتغيير ذلك عبر التصرف، وكأن معنوياته عالية. وأحياناً يعاني الجسم من التعب، وهنا يكمن الحل في الاعتماد على الروح لإزالة التعب منه.
الا ترى كيف ان خبراً كفيلا ببعث النشاط في جسمك مهما كان جسمك ضعيفاً ويعاني من التعب، وبالعكس فإن خبراً مؤسفاً يجعلك تشعر بتعب شديد، مهما كان جسمك نشيطاً؟، إنه البؤس، بينما السعادة قد تولد من التظاهر بها.
فإذا كنت تريد نفخ الروح في شخصيتك، فعليك أن تغير من تصرفاتك، أي تغيّر طريقة تنفسك، وطريقة مشيتك ونبرات صوتك، فسرعان ما ستشعر بالقوة تسري في اوصالك.
إن من لا يفتأ يوحي الى نفسه بالشقاء والتعاسة وضعف الشخصية، فإنه يرسل إلى دماغه رسالة بالتصرف وكأنه تعيس وضعيف حقاً، وليس على الدماغ حينئذ إلاَ أن ينفذ محتوى الرسالة، ويطلب من الأعضاء التصرف حسب ذلك.
وبالعكس فإن من يوحي إلى نفسه بالقوة، والنشاط، والابتهاج، والتحدي، فإنه ينفخ القوة في شخصية. يقول تعالى: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
فمع الإيمان لا مجال للحزن، والخوف، والشعور بالهوان، بل المجال كلّه هو للاطمئنان، والشعور بالكرامة والعزة.
على الإنسان أن يحتفظ برباطة جأشه ويتصرف وكأنه غير خائف، فبعد مضي بعض الوقت، يتحول الأمر من تظاهر إلى الحقيقة، ويصبح الإنسان غير خائف حقاً. هذه هي النظرية التي اتبعتها، وازاء جميع انواع الاشياء التي كنت أخشاها في البداية، من الدببة، إلى الجياد، إلى المسلحين، تظاهرت بأنني غير خائف، وتدريجياً زال الخوف عني.
وأنت بإمكانك أن تقوم بالتجربة نفسها إن أردت، وتذّكر دائماً أن ما تؤمن به تستطيع أن تحقّقه بشرط أن تحاول تحقيقه، وتفرض ذلك على نفسك. والخطوة الأولى في ذلك أن تتصرف وكأنك تمتلك الصفة التي تريد امتلاكها.
اضافةتعليق
التعليقات