عن الإمام علي (عليه السلام): يا ابن آدم لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي أتاك فإنهُ إن لم يكن من عمرك يأتي الله فيه رزقك" ١نهج البلاغة :ج١٩ ص١٥٥.
الإنسان بطبيعتهِ مكون من قوتان قوة روح وقوة الجسد فإن عمل معاهم في توافق وإنسجام كان الإستقرار والسعادة، وإن إختلفا وتباعدا عاشا في قلق وحيرة فالإنسان المتفائل عادةً يوكل أمرهُ ونجاحاته إلى الله عز شأنه، بل ويفسر الأزمات تفسيرًا إيجابيًا، إن الأمر كلهُ خير وفي مصلحته مطابقًا لما جاء في الحديث الشريف "عجبًا لأمر المرء من إن أمرهُ كلهُ لهُ خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابتهُ سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابتهُ ضراء صبر فكان خيرًا له" البحار: ج١٩ ص ١٥٥.
فقلما يصيب الإكتئاب والقلق والمشاكل النفسية من يكون سلاحهُ التفاؤل والأمل والإيمان بالله عز وجل فأعظم الناجحين في الحياة إن لم يكن جميعهم من المؤمنين المطمئنين بقدر الله، لأن التفاؤل بالقدر الحسن هو قدرهم للتقدم وجزء لا يتجزأ من قواعد لعبتهم في الحياة.
فالمتفائل يؤمن بأن أي حركة يقوم بها هي من الله وإليه فإنتقالك من مرحلة إلى أخرى، وإمساكك بالكأس لتشرب، وركوبك بالسيارة، وزواجك وإنجابك، ودراستك وعملك، ورزقك.. كل ذلك من الله فكيف ترى الطمأنينة في نفسك؟.
ومما يساعد على الإستقرار النفسي والطمأنينة هو أن أي توقع للنجاح في شؤون المستقبل القريب أو البعيد يكون بالإعتماد على قدرة الله، ولا يحمل المتفائل طموح مستقبله البعيد على يومه الذي هو فيه لأنه بيد الله وهو يُحسن الظن به وفي الدعاء المعروف "يا من إذا سألهُ عبدهُ أعطاه، وإذا أمل ما عندهُ بلغهُ مُناه، وإذا أقبل عليه قربهُ وأدناه وإذا توكل عليه أحسبهُ وكفاه". 23 البحار: :ج٩٤ ص ١٤.
كما إن الطمأنينة بقدرة الله للمتفائل لها وجه آخر؛ وهو أن دعاءه ممزوج بحالة من اليقين بأن الخالق لن يرد لهُ طلبًا لا من باب الفرض على الله جل وعلا إنما من باب تفائله بأن الله لطيفٌ بعبادهِ حفيٌ بِهم، رحيمٌ رحمان رؤوفٌ ودودٌ حكيمٌ خبيرٌ بهم.. يُيَسر الأمور لمصلحتهم وإن رأوها من _وجهة نظرهم_ سلبية ولكن الحكمة دائمًا تتجلى في نهاية الأمر أن الخير فيما وقع لا ما توقع.
لذا نحن نقرأ في الدعاء: “ويرجو مولاه الذي هو لما يشاء فعّال وموقنٌ أنه ليس يقضي غيرك حاجته ولا ينجح سواك طلبته فذلك والله الفائزُ بالنجاح " البحار : ج٨٧ ص٢٦٠.
وفي دعاء آخر يُخاطب العبد المطمئن ربهُ قائلًا" اللهم إني بك مؤمن ولجميع آياتكَ موقن فلا توقفني موقف تفضحني به على رؤوس الخلاق"، البحار: ج١٠٠ ص٣٣٤.
الرضا بقضاء الله وإن غابت حكمته
بإسناد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: بينما موسى عليه السلام يمشي على ساحل البحر إذ جاء صياد فخر للشمس ساجدًا، وتكلم بالشرك ثم ألقى شبكته فخرجت مملوءة، ثم أعادها فخرجت مملوءة ثم عاد فخرجت مملوءة ومضى!!
ثم جاء آخر فتوضأ وصلى وحمد الله وأثنى عليه ثم ألقى شبكته فلم تُخرج شيئًا، ثم أعاد فخرجت سمكة صغيرة فحمد الله وأثنى عليه وأنصرف!
فقال موسى عليه السلام: يا رب عبدك الكافر تُعطيه مع كفره، وعبدك المؤمن لم تُخرج له غير سمكة صغيرة؟!
فأوحى الله إليه أنظر عن يمينك فكشف له عما أعده للعبد المؤمن.
ثم قال: ثم أنظر عن يسارك فكشف عما أعده الله للكافر. فنظر؛ ثم قال_عز وجل_ يا موسى ما نفعَ الكافر ما أعطيته ولا ضرَ هذا المؤمن ما منعته؟! فقال موسى عليه السلام "يا رب يحق لمن عرفك أن يرضى" البحار :ج١٣ ص٣٤٩.
اضافةتعليق
التعليقات