من المعروف أن العلاقات الأسرية لم تعد مثل السابق من حيث الاجتماع والتواصل وأصبحت المحادثات في مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان المفضل ويأتي الإدمان ويدمر ما تبقى من العلاقة.
فوجود عنصر من العائلة مدمن يشبه إلقاء حجرٍ في بركة ماء، إذ ستبدأ الدوائر المتشكلة بالاتساع رويدًا رويدًا حتى تؤثر في كل شيء حولها، بما في ذلك الأطفال والأقارب والأصدقاء وحتى زملاء العمل، مع ذلك، غير ان الشخص هو الذي يدفع الثمن الأكبر.
ما الثمن الذي يدفعه الازواج في حالة الادمان؟
هؤلاء الأزواج ليسوا سعداء، بل إنهم أكثر تعاسة من أولئك الذين لا يعانون مشكلة الإدمان في علاقتهم لكنهم يعانون مشكلات زوجية أخرى.
فكلما تفاقم الإدمان، زاد الوقت الذي يقضيه الشركاء بعيدًا عن بعضهم، ما يخلق مساحة عاطفية كبيرة تفصل بينهما ويصعب تقريبها فيما بعد، فتكثر بينهما المشاجرات والخلافات التي قد تصل حد العنف وتدفع بالشريك المدمن لتعاطي المزيد من المادة لأنها تخفف من توتره وقلقه، ما يجعل الخلافات بينهما تتمحور أكثر حول مشكلة الإدمان، فيدخل المدمن في حلقة مفرغة، كل خلاف سيفاقم الإدمان الذي بدوره سيزيد الخلافات، والنتيجة هي خلافات أكثر وإدمان أكثر، لذا يحتاج أولئك الشركاء إلى وقت طويل للخروج من هذه الحلقة، ولحسن الحظ توجد عدة طرق فعالة في مساعدتهم عندما يطلبون المساعدة.
ولكن في أغلب الحالات لم يتم معالجة الأمر وتنتهي إلى حالة الانفصال أو القتل.
ما أثر الإدمان في العلاقة الأسرية؟
تنقسم الآثار الناتجة عن التعامل مع شريك مدمن إلى مشكلات مالية وأخرى نفسية يعانيها الشريك الآخر، تتجلى المشكلات المالية باستخدام الأموال التي يجنيها الثنائي من أجل تمويل الإدمان، أما المشكلات العاطفية فتتجلى بتقلبات المزاج والشعور بنقص التزام الشريك المدمن وانخفاض الرغبة والأداء الجنسي وأنواع أخرى من الإهمال العاطفي.
ومن علامات الخطر الشائعة التي تشير إلى الأذى الذي يلحقه الإدمان بالعلاقة العاطفية: نشوب الخلافات بين الطرفين نتيجة لتعاطي المادة وما يتعلق بها من المشكلات المالية، كذلك قضاء الكثير من الوقت خارج المنزل وعدم قدرة المدمن على تولي المسؤولية داخله.
اضطرار الشريك الآخر للتغطية على شريكه المدمن دائمًا باختلاق الأعذار والحجج لرؤسائه وزملائه في العمل مثل ادعاء مرضه وعدم استطاعته الذهاب إلى العمل، أو حضور المناسبات العائلية .
أن يصبح شرب الكحول أو التعاطي عند الطرفين أمر طبيعي وأنه مرحلة قد تنتهي .
أن تتخلل العلاقة نوبات من العنف المنزلي أو اللفظي بعد التعاطي.
السطحية: تتصدر العلاقة التي تتشكل بين المدمن والمادة قائمة أولوياته، فهوس الحصول على المادة واستخدامها أكثر أهمية من مسؤولياته ومهنته وعلاقاته مع الآخرين، ما يقلل من ثقة الآخرين به.
فقدان المصداقية: قد يفعل المدمن أي شيء للحصول على جرعته التالية، بما في ذلك الكذب والسرقة والتلاعب وخداع عائلته وأصدقائه، ما يؤثر سلبًا في المشاعر والثقة والتواصل معهم. إذا كان أحد الشريكين يعاني الإدمان، فعليه الإسراع وطلب المساعدة، فحتى عندما تبدأ رحلة العلاج تأخذ العلاقة الكثير من الوقت والجهد والصبر لإعادة بناء الثقة بسبب خوف الشريك من انتكاس شريكه المدمن وعودته للمادة، يدمر هذا الخوف العلاقات ويجعل رحلة العلاج صعبة.
الإيذاء الجسدي: تتعلق 40-60٪ من حوادث العنف المنزلي بالإدمان، ولا يقتصر الأمر على العنف المنزلي فقط، فقد يؤذي المدمن نفسه أو غيره في أثناء القيادة وهو تحت تأثير المادة.
خسارة الدعم: لا شك أن المطبات والعثرات التي تعترض طريق التعافي الطويل تسبب الإحباط في الدائرة الاجتماعية المحيطة بالمدمن، فرغم أن أفراد الأسرة يقدمون الرعاية للفرد المدمن عندما يكونون جزءًا من خطة العلاج، فقد يتهمونه بالتقصير وعدم بذل جهد كافٍ، وهذا ما يكون خاطئًا بالنسبة له فيحد من الدعم الذي يتلقاه منهم.
تعزيز الدافع: إذا كان الشخص على علاقة عاطفية بشخص مدمن فعليه أن ينتبه على نوعية هذه العلاقة، فقد يعزز من دافعه على الإدمان دون أن يدرك ذلك، مثل أن يشتري بنفسه احتياجات الحياة الأساسية ويوفر عليه المال الذي يشتري به المادة، أو عندما يطلب المدمن النقود لشراء الغاز أو البقالة ويمنحه الشريك إياه رغم شكوكه أنه سيستخدمه لشراء المادة المتعاطاة، لذا على الشريك العاطفي للمدمن أن يميز الخط الصغير الذي يفصل بين مساعدته ليترك المادة ودفعه للتورط بها أكثر.
هل يمكن للعلاج أن يساعد المدمن؟
تتوفر عدة علاجات فعالة في الحد من مشكلات الإدمان، منها الاستشارة الفردية والاستشارة الجماعية .
أفضل ما يمكن أن يقدمه المرء لشريكٍ يعاني الإدمان وللعلاقة التي تربطهما هو تشجيعه على بدء العلاج الذي سيعود بالفائدة عليهما.
إحدى المشكلات الشائعة التي تستهدفها برامج العلاج هي رفض الشريك المدمن فكرة العلاج أو حتى رفضه الاعتراف بمشكلته مع الإدمان، تعطي هذه البرامج أفراد الأسرة أو الشركاء أفكارًا وطرقًا وتزودهم بمعلومات تمكنهم من تحفيز المدمن على التفكير ببدء العلاج.
إدخال الشريك في خطة العلاج هو عامل مساعد في زيادة فرص النجاح طبقًا لعدة أبحاث، لكن من المهم أيضًا أن يتعامل مع المشاكل الأخرى الموجودة في العلاقة، فهي لن تتلاشى فور تعافي الشريك، قد ينسى الشركاء هنا أن العلاج هو حل لمشكلة الإدمان فقط وهي واحدة من مشكلات العلاقات لكنه ليس حلًا لمشكلات العلاقة بأكملها.
من المهم أن تُعالج المشكلات التي سببها الإدمان في العلاقة لأنها إذا لم تعالج ستقود إلى استمرار الصراع والخلاف الذي بدوره سيقود إلى انتكاس المدمن وعودته للتعاطي.
على ذلك، لتحسين العلاقة أهمية في العلاج، لأن ترك المادة المتعاطاة هو نقطة البداية فقط من طريق طويل وشاق، يفرض على المدمن أن يتحلى بالتماسك والصبر، وفور أن يتمكن منهما، ستكون العلاقة الداعمة التي يعيشها من أقوى المسببات التي ساعدته على الاستمرار.
اضافةتعليق
التعليقات