كثيراً ما نسمع بعض الناس يشكون من الروتين، واليأس والملل والضياع والاحباط، وغير ذلك من الحالات النفسية.
ثم يقولون: نحب أن نغير حياتنا.
ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى التغيير، وبالتالي فإنهم يمضون حياتهم في الشكوى والتمني بلا أية نتيجة.
كما يقول أحد العلماء: "إن أغلب الناس وُلدوا هكذا وعاشوا هكذا وسيموتون هكذا".
يقول د. طارق سويدان: "إن نسبة من يقومون بالتغيير هم 3% فقط، أما من بقي 97% فهم من أهل الشكاية".
وجاء في أحصائية أُجريت في جامعة (بيل) الأميركية أن أقل من ثلاثة بالمائة في العالم هم فعلاً الذين يعيشون حياتهم باتزان وسعادة، أما النسبة الباقية فهم يتمنون ذلك قولاً لا فعلاً.
لذلك فلا بد من أن تتحول الإرادة إلى واقع عملي.. أما إذا فعلت ما تعودت على فعله فستحصل على نتيجة ما تعودت عليه.
الشعور بالحاجة إلى التغيير:
الشعور بالحاجة إلى شيء ما يؤدي إلى الإرتباط به، فالظمآن يشعر بالحاجة إلى الماء ولذلك يسعى إليه ويرتوي منه، فإن أول مرحلة للتغيير هي أن يشعر الإنسان بأن واقعه سيء ولا بد من تغييره نحو الأحسن. وأما إذا كان يعتقد بأنه كامل في أخلاقه، وبأنه يملك الحقيقة في كل شيء فإنه لن يتغير.
التغيير نحو الأفضل
إن التغيير من أبرز صفات الإنسان، فالإنسان المخلوق الوحيد الذي يستطيع بما أوتي من حرية الاختيار والارادة أن يغيّر في نفسه وفي مجتمعه وبيئته وحياته، ولهذا فإن الانسان الواعي هو الذي يسعى للتغيير نحو الأحسن في كل يوم، ولا يرضى بواقعه السيء، ولذا ورد عن الإمام علي عليه السلام: "لا خير في العيش إلّا لرجلين: رجلٌ يزداد في كل يوم خيراً، ورجلٌ يتدارك سيئته بالتوبة".
إن تغيير النفس نحو الأفضل هو الذي يوصل الانسان إلى أعلى مراتب النجاح وإلى السعادة والكمال في الدنيا والآخرة.
بعض من كلمات الذين غيروا أنفسهم:
قال أحدهم: "لقد أدركنا الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع، وهي أنّ الإنسان مهما طال عمره فمصيره إلى القبر، ولا ينفعه في الآخرة إلا عمله الصالح".
وقال آخر: "بدأ عقلي يُفكر وقلبي ينبض وكلُّ جارحةٍ من جوارحي تناديني: اقتلْ الشيطان والهوى في نفسك وبين جنبيك.. وهكذا بدأت حياتي تتغير.. وهيئتي تتبدّل.. وبدأتُ أسير على طريق الخير وأسأل الله أن يُحسن ختامي وختامكم أجمعين".
ماذا أغير في نفسي؟
إن التغيير المطلوب هو تبديل الأخلاق السيئة والصفات السلبية بأخلاق حسنة وصفات إيجابية، فمن كان بخيلاً أو جباناً أو خجولاً فعليه أن يبدل هذه الصفات السيئة بالكرم والشجاعة وبقية الصفات الحسنة ويُعبر عن هذا التغيير بـ "إصلاح السريرة".
عن الإمام علي عليه السلام: "كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضاً كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة: من كانت الآخرة همّه كفاه الله همّه من الدنيا ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله فيما بينه وبين الناس".
ثم أنّ التشجيع على التغيير لا يعني أن يكون الإنسان دائم التغيير والتبدل في الآراء والأفكار والمواقف والسلوكيات، فإن سرعة التبدل والتغيير دليل ضعف الشخصية، بل لا بد أن يكون التغيير نابع من الوعي الذاتي لمعنى التغيير وكيفيته.
ولهذا كان الثبات من صفات أهل الإيمان، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إن المؤمن أشد من زُبر الحديد، إن زُبر الحديد إذا دخل النار تغيّر، وإن المؤمن لو قُتل ثم نُشر، ثم قُتل لم يتغير قلبه".
بينما التبدل من صفات النفوس الضعيفة، فهم يميلون مع كل ريح، ويتلونون ألواناً.
ثم أنه ليس كل شيء ينبغي أن يتغير، فالأهداف العالية لا تتغير، بينما قد تتغير الوسائل والاساليب، فمن يتنازل عن مبادئه وأهدافه فهو ضعيف في إرادته.
هل أستطيع أن أغير حياتي؟
يتوهم بعض الناس أنهم لا يستطيعون أن يغيروا من عاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم.. حتى أنك عندما ترشدهم إلى عمل معين فإنهم يقولون: لقد خُلقنا على هذه الطبيعة ولا نتمكن من تغيير شيء في الحياة.
ولو عدنا إلى النصوص الدينية والأمثلة العملية، فسنجد أن بإمكان الإنسان أن يغير من واقعه، وإلّا لما طلب الله تعالى من الناس أن يغيروا أنفسهم وأديانهم الباطلة وأعمالهم السيئة.
قال تعالى: "إنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغيِّروا مَا بِأنفُسهِم".
ثم إن الآيات التي توجه الخطاب بـ"يا بني آدم" و "يا أيها الناس"، والتي تشتمل على الأوامر والنواهي خير دليل على إمكانية تغيير الأخلاق الرذيلة.
والقول والاعتقاد بعدم إمكانية التغيير مدعاة للقول بالجبر، وهناك آيات ترغب الإنسان في تهذيب أخلاقه وهي دليل محكم على إمكانية تغيّر الطبائع مثل قول الله تعالى: "قدْ أفلحَ مَن زكاها، وقَدْ خَابَ مَن دَسَّاها".
ثم إن في الإنسان طاقات هائلة يستطيع أن يغيّر بها كل شيء.
كيف أغيّر حياتي؟
إن تغيير واقع الإنسان لا يحدث دفعة واحدة، إلا في بعض الحالات الخاصة كالصدمة النفسية وانفتاح القلب على الله تعالى، وإنما يحتاج إلى وعي الحالات النفسية وكيفية الدخول إلى الأعماق، فيتم أولاً عن طريق التغير الداخلي وتغيير الماضي وتغيير تأثير الطفولة وتغيير صورة الذات وتغيير صورة الواقع بالاتصال بالمشاعر والدخول إلى الأعماق وبرمجة الأحاسيس وبرمجة السلوك وبرمجة العادات، فلتغيير ما بداخل النفس ينبغي التخلص من العادات السيئة واستبدالها بالعادات الحسنة فعن الإمام علي عليه السلام: "أيها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها".
اضافةتعليق
التعليقات