تعرض الفاتح المغولي الشهير "تيمورلنك" في بدايات تحركه لهزيمة مرّة بينما كان يتوقع الانتصار المحتوم.. فوقعت الهزيمة عليه كجلمود من الصخر، كادت تحطم عزيمته، وتدعوه إلى الانكفاء، والانسحاب من الحياة..
وقد تسربت روح اليأس إلى قلوب جنده أيضاً. فجلس إلى جانب صخرة ملساء، بعيداً عن الجند يفكر في ما آل إليه أمره، وبينما هو على تلك الحالة، وإذا بنملة صغيرة لفتت انتباهه وهي تحمل طعامها وتحاول صعود تلك الصخرة..
ولكنها كانت كلما قطعت شوطاً انزلقت وهوت إلى الأرض. غير أنها عادت وجمعت طعامها، وعاودت الصعود مرة أخرى..
وظلت كذلك تحاول الصعود ثم تسقط، ثم تحاول الصعود ثم تسقط حتى عدَّ "تيمورلنك" لها اربعين محاولة، إلى ان نجحت في تسلق الصخرة في آخر الأمر.
فقام تيمورلنك ودعا قواده وجنوده إلى مشاهدة تلك النملة، وذكر لهم قصة مثابرتها وجلدها، وكان ذلك أبلغ درس تلقوه جميعاً. فقاموا بعد ذلك يقاتلون بعزيمة جديدة، وأمل جديد حتى انتصروا في معاركهم كلها.
من المهم دائما ان تصل إلى اهدافك في النهاية، امّا ان يتم ذلك بسرعة، فليس ضرورياً.. فالبطء ليس عيباً، امّا التوقف أثناء الطريق فسوف يؤدي إلى الفشل، وهو عيب.
إن الفشل الحقيقي هو في الكف عن المحاولة، والقبول بالفشل، امّا الفشل المؤقت فهو أمر طبيعي يمر به كل الناجحين في حياتهم.
يقول كل ناجح التقيت به: "لقد جربت الكثير من الأساليب حتى نجحت"، وهذا يعني أنه فشل في كثير منها. احياناً المفتاح الأخير هو الذي يفتح الباب المغلق، وليس المفتاح الأول.
وكثيراً ما يكون "الفشل المؤقت" هو صانع النجاح. أمّا كيف نعرف ان هذا فشل مؤقت، أم دائم، فمن خلال مثابرة الشخص، أو توقفه.. إن البعض يقولون إن النجاح يؤدي إلى النجاح. وأنا اقول: هذا نادر. أما الشائع فهو أن الفشل يؤدي إلى الناجح، وإذا اضيف إليه الأستمرار في المحاولة، أي إذا اضفنا إليه المثابرة.
إن الحياة ساحة صراع، والجميع ينشد فيها النجاح، ولا شك في أن الناس في هذا الصراع يختلفون: فالبعض يكتب له النجاح سريعاَ، والبعض الآخر يتعب كثيراً حتى يحصل عليه، وكثيرون يفشلون.
وغالبية الناجحين هم اولئك الذين إذا سقطوا على الأرض فلا يستسلمون، بل سرعان ما يقومون من مكانهم وينفضون عن ثيابهم الغبار، ويستمرون في المحاولة، ويتخذون من سقوطهم عبرة في طريقهم، ويشحذون من جديد هممهم، ويثابرون في عملهم حتى يحققوا أهدافهم.
أمّا غالبية الفاشلين، فهم الذين إذا سقطوا أصيبوا باليأس، وتزلزلوا ولربما أداروا ظهورهم لأهدافهم ورجعوا من حيث جاؤوا. نحن نعيش في مجتمع محدد الأهداف يريد أن تحل مشاكله في الحال. نحن نريد وجبة سريعة نأكلها في ثلاث دقائق، ومصبغة تنظف ثيابنا في ربع ساعة، ونجاحاً فورياً. ولكن لكي ننجح نحن بحاجة إلى أن نحيا يوماً فيوماً مدركين أن الحياة رحلة لا تنتهي من الاكتشافات والخبرات والنجاحات، والخيبات أيضاً.
ومن أراد النجاح فلا بد من أن يحمل معه واحدة من أهم وسائله وهو المثابرة.. يقول وليم جيمس: "ليبعد كل شاب قلقه بشأن نجاحه، فمهما يكن نوع تعليمه، فإنه إذا بقي مثابراً في كل ساعة من أيام عمله يمكنه أن يترك النتيجة الأخيرة تصنع نفسها، وهو يستطيع بالتأكيد أن يتوقع أن يستيقظ ذات صباح ليجد نفسه واحداً من روّاد عصره في أي مجال يختاره".
اضافةتعليق
التعليقات