إن الدماغ الذي يعمل هذه الكلمات التي تقرؤها على هذا المنوال ليس هو دماغك الذى ولد معك، لا، لا، لا تندفع إلى المرآة كي تبحث عن ندبة أو آثار جرح حول صدغيك. فما زالت هذه الخلايا هي ذاتها التي بدأت بها - أو بمعظمها - حياتك.
غير أن عقلك يتغير من يوم إلى يوم بل من ساعة إلى ساعة وأنت تبدل شكلها فقط دون وعي منك عن طريق الأكل والشرب والنوم والتمارين. ولا أقول بالتفكير وهذه جميعها لها آثارها على البنية الفيزيائية والكيميائية للدماغ. ها إنك أثرت على ذهنك بشكل ما. بآخر وجبة أكلتها وما زلت تفعل وأنت تقرأ هذه الكلمات. وهذه أنباء طيبة من ناحيتين:
الأولى: كان العلم حتى زمن متأخر يعتبر الدماغ عضواً مستقلاً عن مد وجزر الأوكسجين والمواد الغذائية في الجسم. أما الآن فقد دلت الأبحاث أن الدماغ يشعر ويتأثر بالمواد الغذائية بعد دقائق من تناول الوجبة.
الثانية: اعتبر العلم أن الدماغ ينمو بسرعة في السنوات الأولى من العمر ثم بعد أن ندخل في عشرينياتنا يستقر على معدل من النمو التدريجي الطويل الأمد. غير أن الأبحاث التي جرت لاحقًا أحدثت خرقاً في هذه النظرية. فبالرغم من الشَّعر الأشيب ومظاهر التقدم الأخرى في العـمـر فـإن أدمغتنا لا تكون قد وصلت إلى نهاية نموها لا في العشرينيات من العمر ولا الأربعينيات ولا في الثمانين حتى، فالدماغ عضو مرن كما يقول علماء تشريح الأعصاب، وهو مصمم بشكل تتسع قدراته لمواجهة المتطلبات التي نحمله إياها ويستمر في النمو بقدر ما يتعرض للإثارة والتحديات في المحيط.
وبالطبع هناك جانبان لهذه المرونة المكتشفة حديثاً، فما يمكن اکتسابه يمكن إضاعته وقدراتنا الذهنية تختلف حسب الوجبات الغذائية التي نتناولها. وقد تذوى هذه القدرات جراء عدم الاستعمال أو جراء الإرهاق أو عدم الثقة بالنفس فالدماغ ليس أقل من غيره من أعضاء الجسم الأخرى استجابة لقانون استخدمه أو تفقده كما يقول د. والتر بورتزر في الطب ورئيس جميعة الشيخوخة الأمريكية ومعاون رئيس لجنة الاتحاد الطبي الأمريكي عن الشيخوخة، ويضيف: إذا كنا نسمح لأنفسنا بالركون إلى حالة الخمول التي يوجد فيها الدماغ في نمط حياة العديد من المتقدمين في السن فخرف الشيخوخة لن يكون بعيداً عنا. هذه الحقيقة تضعك أمام مسؤولياتك أنت مالك ومشغل الدماغ.
اضافةتعليق
التعليقات