دائما ما يكون المغرور في وضع دفاعي بسبب ضعف انتفاخ الغرور ونكران الذات، وعلى العكس من ذلك فإن الشخص المتواضع، لا يمكن إذلاله لأنه محصن وقد سمح للفخر بالرحيل، فالمتواضعون يتمتعون بأمان داخلي وتقدير ذات.
يحاول الكثير من الناس أن يضعوا الفخر مكان تقدير الذات الحقيقي، غير أن تقدير الذات الحقيقي لا يزداد فعلاً إلا عندما يتم التخلي عن الفخر، فما ينفخ الأنا لا ينتج عنه قوة داخلية، بل على العكس من ذلك، يزيد من ضعفنا ومن المستوى العام للخوف، فعندما نكون في حالة فخر ، تتبدد طاقتنا بانهماكنا في الدفاع عن طريقتنا بالعيش ومهنتنا والحي الذي نقطنه وثيابنا وطراز سيارتنا وأصلنا ومدينتنا ومعتقداتنا الدينية والسياسية وننشغل بلا كلل أو ملل بمظهرنا وما الذي قد يقوله الناس عنا، وبالتالي دائما ما يكون هناك حساسية من آراء الآخرين.
وعندما يتم التخلي عن الفخر والإنتفاخ الذاتي، سيحل محلهما أمان داخلي ما يجعلنا لسنا بحاجة للدفاع عن صورتنا مجددا، وبهذا تقل انتقادات الآخرين وهجومهم علينا حتى تتوقف نهائيا، وعندما نسمح برحيل حاجتنا لإثبات أننا على حق تتلاشى التحديات التي أمامنا وهذا يأخذنا إلى أحد قوانين الوعي الأساسية: «الدفاع يدعو للهجوم».
إن دراسة طبيعة الفخر تسهل عملية السماح برحيله، فطالما أنه بعد محل تقدير، فإنه يُرى على حقيقته، ففي حقيقته هو: ضعف كما يقول المثل المأثور الفخر يودي بصاحبه إلى الهلاك»، فالفخر هش، وهو بديل ضعيف لما يشبه الصخر في قوته، فالقوة الحقيقية تأتي من الشجاعة أو القبول أو السلام.
حسناً، هل هناك ما يسمى بـ «الزهو الإيجابي؟»، عندما نتحدث عن الزهو الإيجابي فإننا نشير إلى تقدير الذات حيث الوعي الداخلي بقيمة الشخص واستحقاقه ويختلف هذا الوعي الداخلي الفخر، فالوعي الذاتي بقيمة الشخص الحقيقية تتميز بقلة الحاجة للدفاع، وبمجرد ما نتصل بحقيقة كينونتنا الحقة على المستوى الواعي أي طبيعة ذاتنا الداخلية، ببراءتها الحقيقية وعظمتها وكذلك نبل النفس البشرية لا نعود بحاجة إلى الفخر لأننا نعرف نفسنا حقاً وهذه المعرفة الذاتية تكفينا وما نعرفه فعلاً لا يحتاج أبدا إلى دفاع.
لنلقي نظرة على أنواع الفخر التي تبرمجنا عليها ونرى هل تصمد تحت الاختبار أم لا، ومن الأمثلة النموذجية التي خطرت في بالي فخر العائلة وفخر الدولة وفخر الإنجازات فهل يعد الفخر فعلا أسمى المشاعر الإنسانية؟
إن حقيقة أن ما يميزه هو الدفاع تثبت العكس، فعندما نشعر بالفخر بسبب ممتلكاتنا أو بعض المنظمات التي تمثلنا، فإننا نشعر بواجب الدفاع عنها، وكذلك فإن الفخر بأفكارنا وآرائنا تؤدي إلى جدالات ومنازعات ومصائب لا تنتهي، في حين أن المشاعر الأعلى من الفخر هي مشاعر الحب، فإذا ما كنا نحب كل ما ذكر في الأعلى (العائلة، المدينة، الإنجازات) فهذا يعني أنه لا يوجد مجال للشك في قيمتهم لدينا مما يجعلنا لا نتخذ موقفا دفاعيا مجدداً، فعندما يحل كلا من التقدير والمعرفة الحقيقيين محل الرأي وهو جزء من الفخر لن يكون هناك مجال للجدال، فحبنا الكبير وتقديرنا لشيء ما هو موقف قوي ولا يمكن للشخص أن هناك أمر يثير الإرتياب ولابد من اكتشافه ويتمحور هذا أن تتم مهاجمته.
ولأن الفخر في موقف ضعيف، فهو دائما ما يوحي الشك حول الخصم سريعا، وعندما يتم إلغاء كل الشكوك فإن الفخر والآراء كلها تختفي.
إن الشعور بضرورة الدفاع دائماً ما يكون حاضراً، كما لو كان الشيء في حد ذاته غير مؤهل أن يقف لوحده دون تبرير أو دفاع، في حين أن ما يستحق حبنا واحترامنا بالكاد يحتاج إلى من يدافع عنه، فالفخر يشير نوعا ما، إلى أن هناك مجالا للجدال دائما وأن قيمة الشيء قابلة للنقاش ولكن عندما نحب شيء بصدق ونتحد معه فذلك لأننا شاهدنا كماله الجوهري، ففي الواقع إن «عيوبه» جزء لا يتجزأ من كماله، فكل ما نراه في العالم في طريقه ليكون وتطوره خلال هذه العملية نحو الكمال هو جزء منه وبهذا فإن الزهرة التي لم تزهر إنها ناقصة وتحتاج إلى دفاع بل على العكس من ذلك، فازدهارها يواصل سيره بطريقة محكمة وقفاً لقوانين الكون، وبالمثل فإن كل فرد على هذا الكوكب في طور ازدهاره ونضجه وتعلمه ليكون كماله تماماً لا يعني انعكاس لمثل هذا الكمال، ويمكننا القول إن ازدهار العملية التطورية تواصل سيرها بدقة وفقا لقوانين الكون.
اضافةتعليق
التعليقات