أيما كانت الأفكار والمعتقدات والنظريات والمبادئ التي تكتبها أو تطبعها أو تؤثر بها على عقلك الباطن سوف تتأثر بها بكونها تجسيداً للظروف والأحوال والأحداث الخارجية. فما تكتبه في داخلك سوف تجربه وتمارسه في الخارج، فهناك جانبان لحياتك: ظاهري وداخلي ومرئي وغير مرئي وفكرة وتجسيدها.
تستقبل قشرة مخك الفكرة على شكل نبضات عصبية، وقشرة المخ هي العضو الجسدي لعقلك الواعي، وبمجرد استقبال عقلك الواعي أو الظاهري لهذه الفكرة واستيعابه لها تماماً، فإنها تنتقل إلى أجزاء المخ الأخرى حيث تتحول إلى شيء ملموس وتتجسد في تجربتك الحياتية.
ومثلما تم توضيحه سابقاً، فإن عقلك الباطن لا يستطيع أن يجادل، لكنه ينفذ ما تطلبه منه فقط وما تطبعه فيه. إنه يقبل حكمك أو النتائج النهائية التي يتوصل إليها عقلك الواعي كأمر مفروغ منه ولهذا السبب يكون ذلك بمثابة تأليف كتاب حياتك لأن أفكارك تصبح هي تجاربك. كما قال الفيلسوف الأمريكي "رالف والدو امرسون": "إن مكنون الإنسان هو ما يفكر فيه طوال النهار".
قال "ويليام جيمس" عالم النفس الأمريكي: "إن القوة التي تحرك العالم كامنة في عقلك الباطن.
إن عقلك الباطن يتسم بذكاء مطلق وحكمة لا حدود لها، وهو يتغذى على ينابيع خفية ويسمى قانون الحياة.
وأي شيء تطبعه في عقلك الباطن، فإنه سيبذل جهودا جبارة لتحقيق هذا الانطباع في الواقع العملي ولذا يتعين عليك أن تطبع في عقلك الباطن أفكاراً صحيحة وبناءة.
هناك حالة فوضى وبؤس في العالم لأن الناس لا يفهمون التفاعل والتداخل بين العقل الباطن والعقل الواعي.
فعندما يعمل الاثنان معا باتفاق وانسجام وسلام وبتزامن وقتي فسوف تحصل على السعادة والسلام والبهجة ولن يكون هناك مرض أو اضطراب عندما يعمل كل من عقلك الواعي والباطن بانسجام وهدوء.
في العالم القديم كان يوجد عراف عظيم ذو شهرة مدوية وقوة كبيرة يدعى "هيرمس تريس مجيستوس".
عندما تم فتح مقبرته بعد موته بقرون انتظر من يريدون حكمة القدماء فى ترقب كبير وإحساس بالدهشة، حيث قيل إن السر الأعظم لكل العصور يوجد في تلك المقبرة، وقد كان السر هو:
" كما بالداخل سيكون ما بالخارج كما في الظاهر، سيكون الباطن".
وبكلمات أخرى إن الشيء الذى يترك انطباعات في عقلك الباطن يتم التعبير عنه واقعيا وكل شيء تشعر بأنه صادق فإنه يظهر في تجاربك والأحداث والأحوال المحيطة بك وهذا ما نادى به أعظم فلاسفة وقادة كل العصور.
إن الحركة والشعور يجب أن يكونا متوازنين، فما هو موجود في السماء (عقلك الخاص بك) سيظهر على الأرض (جسدك وبيئتك) وهذا هو قانون الحياة الأعظم.
سوف تكتشف في كل جزء من الطبيعة المحيطة بك قانون الفعل ورد الفعل وقانون السكون والحركة، ويجب أن يتسم الاثنان بالتوازن حتى يتحقق الاتزان والانسجام، إنك موجود في هذا العالم لتجعل طاقة الحياة ومبادئها تتدفق خلالك بانسجام وتناغم فيجب أن تتساوى كمية ما يتدفق منها بداخلك وما يخرج منك، فإن جميع إحباطاتك تأتي نتيجة رغباتك التي لم تتحقق.
إنك إذا فكرت بطريقة سلبية وهدامة وفاسدة فإن هذه الأفكار تولد مشاعر هدامة تجد لها بعد ذلك طريقاً إلى الخارج، وتلك المشاعر لكونها ذات طبيعة سلبية فإنها تظهر باستمرار على شكل فرح ومشاكل قلبية وتوتر وقلق.
ما هي فكرتك وشعورك عن نفسك الآن؟ إن كل جزء فيك يعبر عن تلك الفكرة، فحيويتك وحالتك الجسدية والمالية والأصدقاء والحالة الاجتماعية كلهم يمثلون انعكاساً لفكرتك عن نفسك وهذا هو المعنى الحقيقي لما يُطبع في عقلك الباطن والذى يتم التعبير عنه في جميع مراحل حياتك.
إننا نسبب ضرراً لأنفسنا بتلك الأفكار السلبية التي نضمرها، كم عدد المرات التي اذيت نفسك فيها بسبب غضبك وخوفك وغيرتك ورغبتك في الانتقام؟ تلك هي السموم التى تدخل عقلك الباطن. إنك لم تولد بهذه التوجهات السلبية، ولذلك عليك أن تغذي عقلك الباطن بأفكار بناءة ومشجعة تساعدك على التخلص من أنماط التفكير السلبي الكامن داخلك وكلما استمررت في فعل ذلك، فإن الماضي كله سوف يزول ولم يعد هناك ما تتذكره.
اضافةتعليق
التعليقات