بين أحشائها تنمو نطفة، ثم مع الايام تغدو بشراً كاملا محاطا بهالة بيضاء من القدرة الذاتية، يتحرك بدفئ في أعماق رحمها و يضرب جداره برجله الصغيرة، ثم يطبع يده عليه محاولاً بأن يرسل تحية لأمه، يتثاءب، يبتسم، يبكي، ثم ينتظر الخروج من رحمها الموحش الحنون في آنٍ واحد..
و هي تغني له تارة و تحكي معه اخرى.. تحتضن بطنها، تلمسه من خلالها، و تروي له قصص حياتها المتتالية، ثم تتكون العلاقة الودية بين الام و جنينها و يصبح على دراية تامة بمقطوعة حياة امه حين خروجه من بطنها مفتقدا امراً واحد فقط و هو رؤية وجهها و التعرف على تقاسيمه الذي ربما تشبه ملامح وجهه الصغير..
اما هي، تجهز له جهازيته الملائكية و ترتب القطع الصغيرة فيه بحذر.. ربما تكون تلك القطع وردية او زرقاء، لا يهم.. لأنها تتشوق لرؤية من سيرتديها و يزيد جمالها به..
ولكنهم كذبوا حينما قالوا عنها، بإنها تفضل الصبي على البنت!!
اي امرأة لها القدرة على بغض انثى صغيرة تحمل تفاصيلها وتقاطيع وجهها؟ ام اي امرأة تكره بأن ترى نفسها تكبر و تزدهر مرة اخرى امام عينيها؟
هي فقط تخاف عليها كثيراً و تحميها كثيراً من مجتمع يعيّن نفسه الإله الحاكم و القاضي الصارم على إبنتها، من مجتمع لا يرحم الأنثى ان اخطأت و يعاقبها ويذكرها بأخطائها المندثرة رغم مرور السنين الطويلة او ربما يلفّق عليها التهم الغبية حتى يكون هو الملاك النقي وتكون هي المتهمة الخائبة!
تخاف عليها من الحظ الذي ربما لا يقدِّم لطفلتها الحياة الكريمة و لا يجمعها مع زوج محبِّ ..
لذلك تسعى بأن تدلّلها دائماً تعويضاً مقدماً قبل أن تودعها لمواجهة الدنيا.. فلو كانت الأم اكثر وعياً لعلّمت طفلتها الصبر والقوة على عكس الدلال الذي من الممكن ان يجعل روحها هشة امام مواقف الحياة..
اما تفضيل الصبي يكمن عندها بعدة نقاط، وهم الامان الذي إفتقدته برحيل والدها او ربما قسوة اخيها على تصرفاتها ومحاولاتها في إكتشاف الحياة او إهمال زوجها الذي إرتبطت به على امل بأن يكون الشريك المحب، تريد من ولدها الامان المسلوب كي يعشش بقلبها مرة اخرى، هي فقط تشعر بفخر عندما تربّي رجلاً ترى فيه سنداً وعكازاً امام وعكات الزمن..
قلبٌ كقلب الأم لا يستطيع تفضيل ذَكَره على انثاه..
قلبٌ كقلب الأنثى يستطيع بأن يكون كسعة عالمنا الحالي و لكن بإختلافٍ واحد وهو بأن عالمنا قاسٍ تارة و حنون اخرى و لكن عالم الام حنون دائماً..
فيا انثى الجمال و كل الامنيات ماذا ستكون الدنيا لو لا وجودك الفواح فيها؟!
اضافةتعليق
التعليقات