• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

روحٌ خضراء في رِحاب الجنة

مريم حسين العبودي / السبت 07 آيار 2022 / تطوير / 2497
شارك الموضوع :

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة

تتعاقب أحداث الحياة، تُظلمُ تارة، وتُنيرُ تارةً أخرى، تتكاملُ مع بعضها البعض لتوصل المرء إلى حقيقةٍ لا مفرّ منها، ألا وهي أن "كُلُ شيءٍ هالِكٌ إلا وجَهه". تقعُ أموراً قد تهدّك، تُزلزل وجودك، تُثيرُ فيك حُزناً مُجلجلاً، كأن لا أنفاس تُستساغ بعده، ثم تفطِن إلى أن كلُه بعين الله، فتسلّم الأمر له.

في الصيف المُنصرم كنتُ قد اشتريت طيوراً أربع، طيورٌ ملونة صغيرة ومبهجة للنظر، وقد عقدتُ معهم صداقة وطيدة، لقد أضافوا شعوراً طيّباً في أرجاء المنزل، ينتشرُ صوت زقزقتهم فيلوّن الأثير من حولنا. لكُلٍ منهم شخصية متفرّدة تختلف عن صاحبه، أحدهم مشاغب مرح، كثير الحركة ولا ينفك يزعجُ الآخرين بنقرةٍ أو حركةٍ ما، والآخر صامتٌ كثير الطيران، يتباهى بقدراته الجناحيّة بغنج. بينما الثالثة تشبه البطة في مشيتها وتجلسُ في الأرجوحة الخاصة بها داخل القفص ولا تكاد تغادرها إلا حين تدخل لبيتها الخشبيّ الصغير، وتشبه الرابعة الصفراء صغار الدجاج، نحيلة وقليلة الحيلة لا نشاطات مميزة لديها. لكُلٍ منهم اسم، ولكُلٍ منهم ميزته الاستثنائية.

صباح الأمس وبعد أن تجهزّتُ للذهاب إلى العمل، مررتُ على المكان الذي هم فيه، حيثُ يقيمون في قفص أُبقيه مفتوحاً يخرجون منه ويرجعون إليه وقتما يشاؤون. للوهلة الأولى، أرتجف قلبي، أحدهم مفقود! شُلّت أنفاسي وأنا أراه ملقىً على أرضية القفص، ممدداً ومتحجراً، جناحيه مضمومان نحو جسده، كان منكباً على وجهه... لم أتمالك نفسي ولم أدرِ ما أفعل. بدأتُ أبكي كالأطفال، تهطلُ دموعي تباعاً دون توقف، يا إله هذه الروح، ماذا أفعل! كان أهلي نائمين، الصباح لا يزال باكراً، ولقد فُجع قلبي به. أردتُ أن أضمره في التُراب بأسرع فرصة ممكنة، أردت مواراة جسده الأخضر الصغير، وحيث أننا لا نملكُ حديقة، لففته بمنديل ووضعته خارج المنزل، لم أشأ أن يبقى قرب الآخرين، فإن الحيوانات تتألم عند الفقد وتبكي روحها ... أخبرتُ أبي أن يدفنه لاحقاً، وقد فعل، وندمت بعدها لأني لم أحتفظ بريشةٍ منه...

تساءلت، إن كانت أجسادنا نحنُ البشر تتحلل وتتآكل، فهل يحدثً الأمر ذاته مع الريش؟ هل تتحول أداة الحرية لسجنٍ خانق؟ هل يأكل التُراب تدرجات الأخضّر المصفر؟ وكيف تخرُج روح طيرٍ صغير مثله، كيف بدأ الأمر، وكيف انتهى؟ وفي أي ساعةٍ من الليل ارتحل مهاجراً نحو الأبدية المُطلقة؟ وهل سينتظرني هناك؟ هل سيظهر أمامي شغبه ومرحه كما اعتاد أن يفعل؟ هل سيتذكرني؟ كنتُ أغازله وأحاكيه كأنه طفلي المدلل... قد لا يفهم أي شخص لا يملك علاقة وثيقة بنوع أو عدة أنواع من الحيوانات هذا النوع من المشاعر، لكن للحيوانات قدرة عجيبة في جعل القلب يأنس بها.

لم أملك يومها إلا التوكّل، تذكرتُ مناماً رأيته قبل فترة، كان فيه صوتُ تلاوةٍ خاشعة لسورة الرحمن، وقد تكرر مقطع "كُلُ من عَليها فان" مرات عدّة، وقد علِق في مسمعي منذ ذلك اليوم. فكُلُ من عليها فان، وكلُ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه، وكلنا أرواحٌ مجسدة، تعيشُ شطراً من قدرها ثم ترتحل، وآهٍ أيها الطائر الأثير، هلا تنتظرني هناك؟ أعدُك، سأكونُ روحاً خضراء مثلك.

الانسان
قصة
الحياة
الموت
الايمان
القيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    بلا هدف.. لكنه يحمل المعنى

    كيف تعالج وتسيطر على الوزن الزائد

    على دروب العشق نلتقي.. فكلّها تؤدّي إلى الحسين

    تنافس محموم بين الشركات على جذب المواهب في الذكاء الاصطناعي

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    آخر القراءات

    قصة جورجيا: من الكنيسة إلى صالون التجميل

    النشر : الثلاثاء 06 ايلول 2022
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    بادر شبابك بهرمك

    النشر : الأحد 03 تموز 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    هجوم الدار.. من فضاضة أهل المدار

    النشر : الأربعاء 13 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 34 ثانية

    مسرحية يوم المحشر.. الموت في لحظة

    النشر : السبت 12 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 43 ثانية

    في اليوم العالمي لاضطراب طيف التوحد: كيف ننشر الوعي بهذا المرض؟

    النشر : الأربعاء 01 نيسان 2020
    اخر قراءة : منذ 47 ثانية

    اغضب لكن لا تُحول غضبك إلى إعصار

    النشر : الثلاثاء 02 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 49 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 874 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 767 مشاهدات

    حين ينهض القلب قبل الجسد

    • 445 مشاهدات

    العنف المسلح لا ينبع بالضرورة من اضطرابات نفسية.. بحسب خبراء

    • 374 مشاهدات

    من الغرب إلى كربلاء: صحوة الروح أمام ملحمة الفداء

    • 345 مشاهدات

    الإكزيما أو التهاب الجلد التأتبي.. أهم النصائح التي تخلصك من الأعراض

    • 329 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1347 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1342 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1215 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1143 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1066 مشاهدات

    سوء الظن.. قيدٌ خفيّ يقيّد العلاقات ويشوّه النوايا

    • 1062 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    بلا هدف.. لكنه يحمل المعنى
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    كيف تعالج وتسيطر على الوزن الزائد
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    على دروب العشق نلتقي.. فكلّها تؤدّي إلى الحسين
    • الثلاثاء 19 آب 2025
    تنافس محموم بين الشركات على جذب المواهب في الذكاء الاصطناعي
    • الثلاثاء 19 آب 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة