يحتفل العالم باليوم العالمي للتوحد، والذي يصادف الثاني من أبريل (نيسان) من كل عام، ويهدف إلى التعريف بمرض التوحد، والتحذير منه، وقد أقر الاحتفال به بشكل رسمي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنهاية عام 2007، فتمت دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأيضا جميع المؤسسات التابعة لها، وجميع المنظمات أيضا التابعة للأمم المتحدة أو التي لها صلة بها، وما إلى هنالك من منظمات دولية، وأيضا كافة المؤسسات المدنية، وذلك بهدف نشر الوعي بشكل عام، والاهتمام بهذا المرض وزيادة الوعي حول طيف التوحد وأعراضه، وتعزيز دور المصابين بالتوحد في المجتمع وزيادة قبولهم له، ودعم المصابين بالتوحد وعائلاتهم.
وخلال السنوات القليلة الماضية ازداد الوعي بمرض التوحد، وأصبح الناس أكثر وعي وقدرة على التعامل مع الأشخاص المصابين بمرض التوحد. ويعتبر اضطراب طيف التوحد أكثر الاضطرابات النمائية انتشارا، وما زالت الإحصائيات تشهد ارتفاعا في عدد الحالات التي يتم تشخيصها كل سنة. وبهذه المناسبة يجب العمل على تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة حول اضطراب طيف التوحد، مثل الحديث عن أن مشاهدة التلفزيون أو استخدام الأجهزة الذكية من هواتف وأجهزة لوحية يؤدي للإصابة باضطراب طيف التوحد وما الى ذلك. وفي هذا اليوم أيضًا يتم استخدام الإنارة الزرقاء للتعريف بالتوحد؛ وقد أعلنت منظمة (Autism Speaks)، والتي تُعد أكبر منظمة متخصصة في علوم التوحد والدفاع عنه عن إطلاق مبادرة "الإنارة الزرقاء" Light It Up Blue في عام 2010. وتهدف هذه المبادرة إلى زيادة الوعي الدولي بمرض التوحد باعتباره أزمة صحية عامة متنامية لدعم اليوم العالمي للتوعية بالمرض.
ويعرف مرض التوحد أو كما يطلق عليه اسم الذاتوية، بأنه اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. ويؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في المخ وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها. تظهر اعراض التوحد عند أغلب الاطفال، في سن الرضاعة قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات، على الأغلب. بينما قد ينشأ أطفال آخرون ويتطورون بصورة طبيعية تماما خلال الأشهر أو السنوات، الأولى من حياتهم لكنهم يصبحون، فجأة، منغلقين على أنفسهم، عدائيين أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها حتى تلك اللحظة. ويصاب به نحو 1-2 من كل الف شخص في جميع أنحاء العالم ، وتكون نسبة الإصابة لدى الأولاد 4 مرات أكثر من البنات.
حيث ان الاطفال المصابون بمرض التوحد يعانون، أيضا وبصورة شبه مؤكدة، من صعوبات في ثلاثة مجالات تطورية أساسية، هي:
- العلاقات الاجتماعية المتبادلة
1-عدم الاستجابة عند النداء على اسمه.
2- قلة الاتصال البصري المباشر.
3-عدم الاستماع للشخص المتحدث.
4-رفض العناق والانكماش على النفس.
5-عدم إدراك مشاعر وأحاسيس الآخرين.
6-تفضيل اللعب وحده.
- اللغة
1-التأخر في نطق الكلمات مقارنةً بالأطفال الآخرين.
2-فقدان القدرة على قول الكلمات والجمل التي كان يعرفها فيما سبق.
3-عدم القدرة على المبادرة في الحديث والاستمرار به لفترة معينة.
4-تكرار الكلمات والعبارات والمصطلحات دون معرفة كيفية استخدامها.
5-التحدث بأصوات ونبرات مختلفة وغريبة، واستخدام صوت غنائي في الكلام.
- السلوك.
1-تنفيذ حركات معينة بشكلٍ متكرر، مثل: الدوران في دوائر، والاهتزاز، والتلويح باليد.
2-تكرار العادات والطقوس.
3- فقدان السكينة والهدوء في حالة حدوث تغيير معين من حوله.
4-الحركة المستمرة.
5-الاصابة، بالذهول والانبهار من الأمور البسيطة، مثل: رؤية دوران عجل السيارة.
6- شدة الحساسية للضوء، والصوت، واللمس.
7- عدم الإحساس بالألم.
نظرا لاختلاف علامات وأعراض مرض التوحد من مريض إلى آخر، فمن المرجح أن يتصرف كل واحد من طفلين مختلفين، مع نفس التشخيص الطبي، بطرق مختلفة جدا وأن تكون لدى كل منهما مهارات مختلفة كليا.
لكن حالات مرض التوحد شديدة الخطورة تتميز، في غالبية الحالات، بعدم القدرة المطلق على التواصل أو على إقامة علاقات متبادلة مع أشخاص آخرين.
وبهذا لا تزال أسباب اضطراب التوحد غير معروفة، لكن يمكن لبعض العوامل أن تكون هي السبب تعرف عليها فيما يلي:
السبب الدقيق وراء حدوث مرض التوحد غير واضح، إذ ليس هنالك عامل واحد ووحيد معروفا باعتباره المسبب المؤكد، لمرض التوحد، لكن يعتقد ان هناك عوامل خطر تزيد من احتمال الاصابة بالتوحد وهي تشمل:
1- العامل الوراثي
العامل الوراثي يمكن أن يؤثر على خطر بعض أشكال مرض التوحد.
إذا كان هناك أخ أو أخت أو توأم أو كان أحد الوالدين مصاب بالتوحد، يكون الشخص أكثر عرضة لتطويره أيضًا.
العائلات التي لديها طفل مصاب بالتوحد، لديهم احتمال أكبر لولادة طفل اخر مصاب بالمرض.
ولأن مرض التوحد يسري في عائلات، يعتقد معظم الباحثين أن يمكن لمجموعات معينة من الجينات ان تحفز اصابة الطفل بمرض التوحد.
اضافة الى ان الوالدين أو الأقارب الذين لديهم طفل يعاني من التوحد، عادة ما يعانون من اضطرابات معينة في بعض المهارات النمائية أو التطورية، أو حتى من سلوكيات ذاتوية معينة.
2- اضطراب في الدماغ والجهاز العصبي
يعتقد بعض الباحثين بأن ضررا في اللوزة (Amygdala)، وهي جزء من الدماغ يعمل ككاشف عن حالات الخطر، قد يكون ضمن أحد العوامل التي تحفز ظهور مرض التوحد.
ويعتقد الباحثون ان هناك جينات بعضها تؤثر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها.
3- الحمل والولادة
هناك بعض الأدلة على أن الفترة الحرجة لتطوير التوحد تحدث قبل وأثناء وبعد الولادة مباشرة.
عندما تتعرض المرأة الحامل لعقاقير أو مواد كيميائية معينة، يكون طفلها أكثر عرضة للتوحد.
كما ان المشاكل الصحية لدى الأمهات مثل السكري والسمنة، واستخدام الأدوية المضادة للتطهير أثناء الحمل قد تزيد من احتمال الإصابة بالمرض.
وتم ربط بعض الادوية التي تتناولها المرأة أثناء الحمل، مثل الثاليدوميد وحمض فالبوريك ، في زيادة خطر الإصابة بالحالة، وكذلك مشاكل أثناء مخاض الولادة أو خلال الولادة نفسها، لكنها لا زالت قيد البحث.
4- بعض الأمراض
في بعض الحالات، تم ربط مرض التوحد ببعض الأرض مثل:
- بيلة الفينيل كيتون (Phenylketonuria) غير المعالج، وهو اضطراب أيضي فطري ناتج عن عدم وجود إنزيم
- الحصبة الألمانية
- متلازمة الكروموسوم X الهش (Fragile x syndrome)، وهي متلازمة موروثة تؤدي إلى خلل ذهني، الذي يؤدي إلى تكون وتطور أورام في الدماغ
- الاضطراب العصبي المعروف باسم "متلازمة توريت" (Tourette syndrome)
- الصرع الذي يسبب نوبات صرعية
- التصلبٌ الحدبي (Tuberous sclerosis) والتصلب الدرني
5- عوامل بيئية
تظهر الأبحاث أيضًا أن بعض التأثيرات البيئية قد تزيد أو تقلل من خطر التوحد لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للاضطراب.
هناك احتمال أن تكون عدوى فيروسية، أو تلوثا بيئيا بسبب تلوث الهواء، على سبيل المثال، عاملا محفزا لنشوء وظهور مرض التوحد.
6-عمر الوالدين
العمر المتقدم للأم أو الأب يزيد من احتمال وجود طفل مصاب بالتوحد. وخاصة الاباء، اذ يميل الباحثون إلى الاعتقاد بأن الأبوة في سن متأخرة قد تزيد من احتمال الاصابة بالتوحد.
قد أظهر بحث ان الأطفال المولودين لرجال فوق سن الأربعين عاما هم أكثر عرضة للأصابة بالتوحد من الأطفال المولودين لأباء تحت سن الثلاثين عاما.
7- بعض التطعيمات
بالرغم من الأصوات المتعالية حول الموضوع، إلا أنه لا يوجد دليل على أن اللقاحات تسبب مرض التوحد.
وهناك خلاف في كل ما يتعلق بالعلاقة بين التوحد وبين بعض التطعيمات التي تعطى للأطفال، مثل اللقاح الثلاثي (MMR Triple vaccine) ولقاحات أخرى تحتوي على الثيميروسال (Thimerosal)، وهو مادة حافظة تحتوي على كمية ضئيلة من الزئبق.
بالرغم من أن غالبية اللقاحات المعطاة للأطفال اليوم، لا تحتوي على الثيميروسال، إلا أن الخلاف والجدل ما زالا قائمين.
علاج مرض التوحّد
حتى يومنا لم يتوفر أي نوع من العلاج المناسب لكل المصابين بمرض التوحّد بنفس المقدار، إلّا أنّ هناك مجموعة من العلاجات المفتوحة أمام مرضى التوحّد لتناولها، ويمكن اعتمادها في المدرسة أو في البيت، وهي متعدّدة الأنواع، ويمكن أيضاً للطبيب المعالج للمرض أن يساعد في إيجاد الموارد المتاحة في مكان سكن المريض، والتي تساعد في التعامل مع الطفل مريض التوحّد.
إمكانيات العلاج هذه تشمل:
- العلاج من الناحية السلوكية للطفل.
- علاج أمراض النطق واللغة.
- العلاج الدوائي.
- العلاج التعليمي، والتربوي.
- أنظمة غذائية خاصة بهم.
اضافةتعليق
التعليقات