في خمسينيات القرن الماضي قام أستاذ جامعة يُدعى ريتشر تجارب نفسية على الفئران وإن أحد تجاربه كانت إحضار مجموعة من الفئران ووضع كل منها في إناء زجاجي كبير ممتلئ لمنتصفه بالماء، الإناء الزجاجي كبير حتى لا يستطيع الفأر التعلق بمخالبه أو القفز خارج الإناء، لقد قام ريتشر بحساب الوقت الذي سيستمر فيه كل فأر في السباحة ومحاولة الخروج قبل الاستسلام للغر ، طبعاً كان هناك اختلاف بين كل فأر وآخر لكن في المتوسط كان الفأر يحاول لمدة 15 دقيقة تقريباً ثم يستسلم للغرق، قام ريتشر بإعادة التجربة لكن مع بعض التغيير.
كان عندما يرى الفأر في لحظاته الأخيرة وأنه على وشك الاستسلام كان يقوم بإخراجه من الإناء وتجفيفه ويتركه يستريح لبعض الوقت.. ثم يضعه مرة أخرى في الإناء، فعل ذلك مع كل الفئران ثم أخذ يحسب متوسط الوقت في المرة الثانية، تذكر أن المتوسط الأول كان 15 دقيقة تقريباً، كم تتوقع أن يكون متوسط الوقت في المحاولة الثانية؟
أكثر من 60 ساعة!! ساعة وليس دقيقة! هناك فأر استمر لمدة 81 ساعة تقريباً.
تحليل التجربة هي أن الفئران في المحاولة الأولى فقدت الأمل بسرعة بعد أن تأكدت أنه لا سبيل للخروج في حين في المرة الثانية كان لديهم خبرة سابقة بأنه هناك أمل وأنه في أي لحظة قد تمتد لهم يد العون لتنقذهم لذا استمروا أكثر في انتظار تحسن الظروف.
هذه القصة تتكرر كثيراً في كتب التحليل النفسي Positive Psychology كدليل على أهمية الأمل والتفاؤل.
بغض النظر عن التحليل المذكور لنتيجة التجربة وما يقولونه عن أهمية الأمل هناك نقطة يجب إلقاء الضوء عليها وهي مدى ارتباط القدرة الجسدية بالحالة النفسية، فالأمر خطير فعلاً قد ينام شخص ما عدد ساعات كاف من النوم ومع ذلك لا يريد الاستيقاظ للذهاب للعمل ويشعر أنه ليس لديه طاقة لذلك، في حين أن شخصاً آخر قد ينام ساعة واحدة ثم يقفز من سريره بسرعة للتحضير لرحلة ممتعة مع أصدقائه أو عمل شيء يحبهُ ومتفائل به، قد تجلس أمام جهاز حاسوبك تظن أنه ليس لديك قدرة على العمل وليس لديك ما يكفي من الطاقة، في حين أن الحقيقة أنك لديك ما يكفي ويزيد لكنك فقط ليس لديك رغبة في العمل على ما هو مطلوب منك في تلك اللحظة، فمن الملاحظ أن معظم البشر يستطيعون بذل مزيد من الجهد عندما يجدون التشجيع بالمقابل يتوقفون عن العمل عندما لا يجدون التقدير الكافي.
فهذا أمر يعتبر سلاح ذو حدين ممتاز من جهة وخطير جداً من جهة أخرى فهو ممتاز حين ترتفع رغبتك وطاقتك لعمل شيء فالعمل الذي يتطلب منك عدة ساعات يمكن إنهاءهُ بساعة أو أقل والعكس يمتلك تمام الصحة فقد يتحول العمل الذي يتطلب منك نصف ساعة إلى خمس ساعات أو أكثر فنستنتج من ذلك بأن ذهنك يفرض قيوداً على قدرات جسدك أو على الأقل يوهمك بوجودها فما عليك إلّا الاهتمام بذهنك وتقويه على التحفيز الإيجابي النابع من الداخل وتشكر نفسك على أبسط الأشياء التي تقوم بها وتعظم شعورك بالامتنان لله تعالى فهي وسيلة عظيمة لتقوية ذهنك والمحافظة على سرعة الإنتاجية بموازاة جودتها..
اضافةتعليق
التعليقات