إن الحياة لاتخلو من العقبات والمصاعب وفي كل يوم تفاجئنا ابتلاءات أكبر وامتحانات أصعب يا ترى هل باستطاعة المرء أن يصبر أمام هذا الكم الهائل من الآلام ؟
هل باستطاعة المرء أن يقاوم أمام هذا الجبل من الأوجاع؟
كيف للمرء أن يقف شامخا دون الانحناء و يتحمل المزيد المزيد من المصاعب؟
الحياة لا تصبح أبسط بل اننا نكبر وننضج و تكبر معنا قابلية التحمل و الصبر على المصائب فهناك من يبتسم بكل هدوء و يبين تسليمه الكبير لما يرسل الله له فهنا يكمن الفرق بين من يقول الله عزوجل عليهم لم تقولون ما لا تفعلون؟
وبين من جزاهم بماصبروا جنة وحريرا.
الانسان عند المصائب لديه خيارين اما أن يصبر واما ان يجزع وكما قال مولانا الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام: "الْمُصِيبَةُ لِلصَّابِرِ وَاحِدَةٌ، وَ لِلْجَازِعِ اثْنَتَانِ".
حيث ان الصابر يتحمل المصيبة فقط ولكن الجازع يتألم من المصيبة ومن كثرة التذمر على المصيبة و القاء اللوم عليه وشماتة الاخرين وما الى ذلك فيكثر على نفسه الألم.
من الأمور المهمة في الخلاص من الآلام والقضاء على المصاعب التوكل بالله و التسليم لأمر الأطهار اللذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فهم نور الله في الأرض و الباب النجاة للخلق التوسل بهم من الأمور المنجية بلاشك.
هناك قصة لطيفة تبين تأثير التسليم لأمر الامام حيث ان علم الامام علم لدني و يعرف ماذا حدث وماذا سيحدث و كيف سيحدث يعرف علم الأولين والآخرين بحول الله وقوته فقد نشاهد في صفحات التاريخ ان الامام هو سبب نزول الرحمة و كشف البأس والضراء عن الناس وهو الكهف الحصين الذي يلتجئ اليه البائس ويزدهر بالثقة والايمان فقد ورد قصة عن شخص في زمن الهادي عليه السلام كان يدعى بيونسُ النَّقاش يَغشى سيّدنا الإمام الهادي "عليه السَّلام" ويخدمه، فجــاء يَومًا يرعد، فقال للإمام : يا سيّدي أُوصيكَ بأهلي خيرًا. فقــالَ لهُ الإمـامُ "عليهِ السَّلام":
وما الخَبَــر؟
قـــال: عزمتُ على الرَّحيل.
قــال "عليه السَّلام" ـ وهو يبتسّم - : ولِمَ يا يُونس؟
قـــال: وجّه إليَّ ابنُ بغيٍ بفُصٍّ ليسَ له قيمة، فأقبلتُ أنقُشهُ، فكسرْته باثنين، ومَوعده غــد، وهو ابنُ بغي، إمَّا ألفُ سَوط أو القتْل.
قــال "عليهِ السّلام":
امْضِ إلى منزلكَ إلى غــدٍ فرِحًا، فما يكونُ إلاَّ خير.
فلمَّا كانَ مِن الغَــد وافــاه بكْرة -أي صباحاً- يرعد-من الخوف-،
فقـــال: قد جاء الرَّسول يلتمسُ الفصَّ.
قــــال "عليهِ السَّلام": امضِ إليهِ، فلن ترى إلاَّ خَيرًا.
قــــال : وما أقولُ لهُ ـ يا سيّدي ـ ؟
فتبسَّم، وقــال "عليهِ السّلام": امضِ إليهِ، واسمعْ ما يُخْبِركَ بهِ، فلا يكونُ إلاَّ خير.
فمَضى وعـــاد، وقـــال:
قال لي يا سيّدي: الجواري اختصمن، فيُمكنكَ أن تجعلهُ اثنين-أي فُصّين- حتّى نُغنيـــك؟
فقـــال الإمام "عليهِ السَّلام": الَّلهُمَّ لكَ الحَمْدُ إذْ جَعَلتنــا ممَّن يحمَدُك حقَّـــا، فأيُّ شيء قلْتَ له؟
قـــــال: قلْتُ لهُ: أمهلني حتَّى أتأمَّل أمْره؟
فقــــال "عليهِ السَّلام": أصبتْ.*١
كان باستطاعته الفرار أو باستطاعته الجزع ولكن كان يميل قلبه للخضوع والاطاعة فهو يدرك ما معنى الحب والاطاعة يعرف معنى التسليم و نال ما نال و استراح من همه في ساحة التسليم المطلق دون قول لم أنا و لماذا؟ و طرح أسئلة أخرى …
ربما نرى جبل المصائب فقط ونغفل عن التمعن ربما داخل هذه الجبال معادن من ذهب والألماس لا تقدر بثمن في كل نقمة هناك نعمة اما غفران للذنوب او ترفيع للدرجات أو الانتقال الى مرحلة أعلى.
نعم باستطاعة المرء أن يقاوم أمام العقبات و يخرج من ساحة المعركة أقوى من قبل باستطاعة المرء أن يقضي على اليأس و يتحرك نحو القمة
باستطاعة المرء أن يكون نفر واحد ولكن بعزيمته وقوته وثقته يعادل ألف شخص.
كيف؟
بالتوكل على الله والتسليم لأمر الله و أمر اهل البيت عليهم السلام والتوسل والتمسك بهم.
كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله :
((إني تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تمسَّكتُم بهما لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي؛ فإنَّهما لن يفترقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ))
ورد الحديث المبارك في كتب العامة والخاصة ويبين لنا طريق النجاة و الهداية حبهم هو الطريق الأقرب الى الله و الى الصراط المستقيم
حبهم هو الغاية هو البداية و النهاية
والتسليم ركن اساسي في محضر العشق.
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ *٢.
اضافةتعليق
التعليقات