تعرف ليان كاهيل جيدا أنها نموذج نادر، فهي امرأة من الطبقة العاملة وتعاني من إعاقة جسدية لكنها تقود شركة كبرى شهيرة.
وتشير كاهيل إلى أن عدد النساء اللائي يرأس أكبر شركات البيع بالتجزئة في المملكة المتحدة لا يزال قليلا جدا وبشكل ملحوظ.
وقد قالت سابقًا: "لقد تأخرنا في إحداث ثورة في هذا الأمر"، مشيرة إلى أنه لا توجد امرأة تدير أي شركة من شركات البيع بالتجزئة من بين أكبر 350 شركة مدرجة في البورصة في المملكة المتحدة.
وقد أُطلقت شركة برافيسيمو، التي تديرها كاهيل والمتخصصة في إنتاج الملابس الداخلية للنساء ذات المقاسات الكبيرة، منذ 25 عامًا، ولديها الآن 26 متجرا منتشرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وبلغ حجم مبيعاتها 60 مليون جنيه إسترليني، قبل تفشي فيروس كورونا.
وسجلت الشركة أرباحًا بلغت 130 ألف جنيه إسترليني في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بانخفاض عن 1.4 مليون جنيه إسترليني في العام السابق، بعد أن استثمرت الشركة في التوسع في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، بدت فكرة رئاسة شركة بملايين الجنيهات الاسترلينية بعيدة المنال عندما كانت كاهيل في المدرسة الثانوية في سندرلاند في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
تتذكر كاهيل ما حدث قائلة: "كنت مغرمة بدراسة الرياضيات والأرقام، وكنت طموحة للغاية، وكنت أريد حقًا الوصول إلى قمة كل ما أفعله".
وتضيف: "لكن إذا لم تكن النساء يتولين رئاسة الشركات وأنت لا ترى إمكانية لحدوث ذلك، فلا يمكنك رؤية نفسك في ذلك المكان، فهذا يمثل حاجزًا بكل تأكيد".
ومع ذلك، لم تكن كاهيل تفتقر لنموذج أعمال فحسب، لكنها أيضا نشأت في حي من أحياء الطبقة العاملة في شمال شرقي إنجلترا، وتقول عن ذلك: "في الواقع، لم أكن أعرف أي شخص لديه وظيفة مهنية، ولم تكن لدي أي فكرة عما يفعله الناس في المكاتب".
ولا تزال كاهيل تتذكر لحظة حاسمة من أيام دراستها. وتقول: "في إحدى الحصص للحديث عن التوظيف والمهن، دخلنا إلى إحدى الغرف وطُرح علينا سؤال عما نريد القيام به. جرى اصطحاب الأولاد إلى جانب من الغرفة للحديث عن العمل في مصنع نيسان للسيارات، في حين جرى نقل الفتيات إلى الجانب الآخر من الغرفة للحديث عن مصنع ديهورست للملابس. كان من المفترض أن هذا هو ما سنفعله!"
درست كاهيل الرياضيات في الجامعة، ثم درست المحاسبة. وعندما بدأت البحث عن "خط واضح" في وظيفة آمنة وذات أجر جيد، فكرت في العمل في مجال القانون والتمويل، لكن حادثة معينة دفعتها بقوة نحو العمل في مجال التمويل.
تقول كاهيل: "خلال جولة في المحاكم قيل لي إنه يتعين علي بالطبع الحصول على دروس في الخطابة إذا كنت أريد حقا العمل في المحاكم. لذلك، قلت لنفسي إن العمل في مجال التمويل سيكون أفضل".
في الواقع، لا تزال كاهيل تعاني حتى يومنا هذا من بعض التحيزات بسبب لهجتها التي تميز سكان شمالي إنجلترا.
ففي الآونة الأخيرة، اتصل بها أحد المستشارين لاقتراح عقد اجتماع، وعندما ردت اعتقد أنه اتصل برقم آخر عن طريق الخطأ. تقول كاهيل: "كانت لهجتي هي التي جعلتهم يفترضون أنني لا يمكن أن أكون المديرة التنفيذية للشركة".
وبعد الجامعة، انضمت كاهيل إلى برنامج تدريب إداري تديره سلسلة متاجر "ماركس آند سبينسر" للبيع بالتجزئة.
وتتذكر كاهيل أن هذا التدريب كان عمليا ومفيدا إلى حد كبير، مشيرة إلى أنها تعلمت منه بعض الدروس التي ظلت معها طوال حياتها.
وواصلت كاهيل صعودها، ببطء، في السلم الوظيفي، قبل أن تنضم إلى شركة "برافيسيمو" على مستوى الإدارة العليا في عام 2017.
تأسست شركة "برافيسيمو" في عام 1995 من قبل سارة تريميلين، التي بدأت أعمالها من غرفة نومها. انضمت كاهيل إلى الشركة كمديرة مالية في عام 2017، قبل أن ترتقي لمنصب الرئيس التنفيذي في عام 2020 للمساعدة في توسيع نطاق أعمال الشركة بشكل أكبر.
وتقول كاهيل إنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بـ "المهمة" التي أنشأت من أجلها الشركة، وهي تقديم خدمة للنساء لا توفرها أقسام الملابس التقليدية في المتاجر الكبيرة.
وتضيف: "كل ما تشترك فيه عميلاتنا هو أنهن يرتدين حمالات للصدر من مقاسات كبيرة، ومهمتنا هي أن نجعلهن يشعرن بالثقة".
وتشير كاهيل إلى أن المملكة المتحدة لا تزال "في الطليعة وبفارق كبير عن الآخرين" عندما يتعلق الأمر بالموضة بالنسبة للنساء اللواتي يرتدين مقاسات كبيرة من حمالات الصدر.
ولا يوجد لدى العديد من البلدان متاجر مماثلة متخصصة في المقاسات الكبيرة من حمالات الصدر، بما في ذلك أسواق مهمة مثل الولايات المتحدة، وهو ما دعا الشركة إلى فتح فرع جديد لها في نيويورك.
تقول كاهيل: "إذا كنت تمشين في أحد المتاجر ورأيت أنه لا توجد سوى صدرية واحدة فقط تناسب مقاسك الكبير، فسوف تشعرين حينئذ بالتهميش وبأنك لست على ما يرام".
كما اتخذت الشركة خطوة ريادية من خلال الترويج لمنتجاتها عن طريق التصوير الفوتوغرافي لعارضات أزياء غير محترفات من أصحاب المقاسات الكبيرة، بما في ذلك عميلات وموظفات بالشركة.
وعلاوة على ذلك، هناك سبب شخصي يدفع كاهيل للتعاطف مع النساء الأخريات فيما يتعلق بمسألة شكل الجسد، نظرا لأنها تعاني من إعاقة جسدية واضحة في يدها اليمنى.
تقول كاهيل: "يدي لم تتطور في الرحم. يمكن أن تكون هناك أسباب جسدية أو بيئية لذلك. وفي حالتي، لم يكن والداي يعلمان بذلك قبل مولدي".
وتضيف: "لا أعتقد أنني واجهت تحيزًا بسبب هذا، لكنه أثر علي، وإن لم يكن بالطريقة التي يفترضها الناس. هناك تحديات إضافية، إذ يتعين علي القيام بالأشياء بطريقة مختلفة". حسب بي بي سي
اضافةتعليق
التعليقات