كشف تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية، الذي وافق الثامن من سبتمبر 2021، عن غياب برامج محو الأمية للشباب والبالغين في كثير من البلدان، وانحسار خطط الاستجابة التعليمية الأولية، بعد ان أُغلقت معظم تلك البرامج، واقتصارها على عدد قليل من الدورات من خلال التلفاز أو الإذاعة أو في الأماكن المفتوحة. اعتبرت المنظمة أن هذه المناسبة تعد فرصة لتحليل دور المعلم وكذلك لتأمل ومناقشة كيفية استخدام طرق التدريس المبتكرة والفعالة واستخدام منهجيات التدريس ضمن برامج محو الأمية للشباب والبالغين لمواجهة ما سببه كوفيد– 19 وما بعدها من انحسار في تلك الخطط والبرامج.
وأضافت المنظمة التي تعمل على مشروع إستراتيجية اليونسكو لمحو أمية الشباب والكبار (2020-2025)، أن أزمة جائحة كوفيد- 19 تذكير صارخ بالفجوة بين الخطاب السياسي والواقع، فعلى الرغم من أن تلك الفجوة كانت بالفعل قائمة قبل الوباء إلا أن لها تأثيرات سلبية على العملية التعليمية الرامية إلى محو الأمية.
وأشارت عبر التقرير إلى ضرورة التركيز بشكل أساسي على الشباب والبالغين من الذين يفتقدون مهارات القراءة والكتابة كليا أو من تكون مستوياتهم فيها ضعيفة.
وزارة التخطيط العراقية
كانت وزارة التخطيط العراقية، قد أعلنت عن تراجع نسب الأمية، وارتفاع معدلات الالتحاق في الدراسة الابتدائية خلال العام الماضي 2019.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، إن "نسبة الأمية في العراق بين السكان الذين تزيد أعمارهم عن 10 أعوام بلغت 13%" لافتا إلى أن "النسبة ترتفع بين الإناث ممن تزيد أعمارهن عن 10 أعوام لتصل إلى 18%، وأنخفض بين الذكور إلى 8%"، طبقاً لآخر مسح نفذه الجهاز المركزي للإحصاء.
وأضاف الهنداوي أن "87% من الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 10 أعوام فما فوق، ليسوا أميين، بينهم 82% من النساء، لسن أميات، مقابل 92% من الذكور ليسوا أميين".
وقال إن نسبة الإلتحاق بالدراسة الإبتدائية بلغت 93% مقابل 57% هي نسبة الالتحاق بالدراسة المتوسطة وتنخفض إلى 30% نسبة الالتحاق بالدراسة الإعدادية.
وأوضح الهنداوي "عدد سكان العراق وصل إلى أكثر من 39 مليون نسمة عام 2019، ويبلغ السكان الذين هم بعمر 10 أعوام فأكثر (وهو العمر الذي يتم احتساب نسبة الأمية له) 28 مليون نسمة، وباعتبار أن نسبة الأمية هي 13% فإن عدد السكان الأميين بموجب هذه النسبة يصل إلى 3 ملايين و700 ألف من الذكور والإناث".
وزارة التربية
وزارة التربية العراقية، عزت ارتفاع نسبة الأمية في البلاد، إلى عدة عوامل، منها اقتصادية وأمنية.
المتحدث باسم وزارة التربية حيدر فاروق، ذكر أن العاملين الأمني والاقتصادي كان لهما الأثر بشكل كبير في زيادة أعداد الأميين في العراق، كما أن النزوح القسري بسبب داعش، ومشاكل اقتصادية من الممكن أن تدفع بعوائل للنزوح من جنوب العراق إلى مناطق أخرى، كان له الأثر أيضا بشكل كبير في تفشي الأمية وزيادة أعدادها، حسب وكالة الأنباء الرسمية.
فاروق أوضح، أن وزارة التربية عملت على افتتاح ما يقارب من الـ20 ألف مركز لمحو الأمية، شملت أكثر من مليوني شخص، إضافة إلى أن هنالك أنصاف متعلمين، وهنالك متعلمون، ومن تخرج من محو الأمية، فضلاً عن أكثر من 600 ألف دارس.
الأحداث الأخيرة، من قبيل حظر التجوال وأزمة كورونا أسهمت في أن تكون هناك زيادة، وعدم التحاق الدارسين بمراكز محو الأمية، ووفقاً لما ذكره فاروق "الوزارة تعمل مع المنظمات الدولية، للوصول إلى أبعد الأماكن في العراق والمناطق النائية، ومن الممكن البحث عن الأسر أو البحث عن الشباب وحتى المتقدمين بالسن، لتعليمهم القراءة والكتابة".
وبشأن عدد الأميين في العراق، رأى فاروق أنه لا توجد أرقام حقيقية، لكن من الممكن أن يكون 5 ملايين أميّ في البلاد، وبالتالي فإن الوزارة تعمل على تقليل هذه الأعداد، وهي حريصة كل الحرص على أن يكون هنالك عام دراسي جديد يعتمد الدوام الحضوري، حتى لا يكون هناك تفشٍ أو انتشار للأمية بين أوساط المجتمع العراقي.
رأي أصحاب المجال
يرى الأستاذ عباس العامري، وهو معلم بمدرسة ابتدائية، أن سبب تدني رغبة الكثير من العوائل في تسجيل أطفالهم لمرحلة الأول الابتدائي للعام الدراسي الجديد (2021 – 2022)، سيؤثر بشكل سلبي على حقوق الطفل في التعلم ويسهم في ارتفاع معدلات الأمية.
مؤيدا بعض الشيء رغبة الأهالي في هذا الأمر حيث قال، "في الوقت الذي لا يمكننا فيه التقليل من خطورة الوباء، لا يمكننا أيضا أن نستهين بمشاعر هذه العوائل ومخاوفهم من انتقال العدوى، لأن فكرة التعايش مع الوباء بالنسبة إلى أطفالهم الذين لن تتجاوز أعمارهم 6 أعوام غير منطقية ولا تدعو إلى الاطمئنان على سلامتهم".
ورغم إعلان وزارة التربية الآن اتباعها التعليمات التي أوصت بها وزارة الصحة المعنية ولجنة الصحة والسلامة وإلزام إدارات المدارس بعدم إجراء الفحوصات الجسدية للطلبة لحين انطلاق الدوام الرسمي، وقيام وزارة الصحة بإرسال فرق طبية إلى المدارس لإجراء تلك الفحوصات حفاظاً على التلاميذ من انتشار كوفيد– 19.
إلا أن عباس، يشكك في قدرة وزارة الصحة على إجراء الفحوصات الخاصة بمدى أهلية الطفل الصحية للالتحاق بمرحلة الأول الابتدائي.
ويضيف إن "مهمة إجراء الفحوصات في السابق، كانت تجري من خلال أولياء الأمور الذين يتكفلون بمراجعة المستوصفات الصحية بمناطق سكناهم لإتمام الإجراءات، إلا إن هذا الإجراء بسبب الجائحة تعطل وهو ما يحتم على الوزارة أن تضع فرقها الصحية في جهوزية تامة مع انطلاق العام الدراسي لإنجاح التجربة والوصول لوضع صحي آمن بين التلاميذ وبخلافه ستكون النتائج سلبية.
أولياء الأمور
تباينت آراء أولياء الأمور والذين تراوحت أعمار أطفالهم بين 4 أعوام و12 عامًا، وينتمي أطفالهم إلى المدارس الحكومية ، فمن بين 20 ولي أمر يلتحق أطفالهم بمدارس حكومية، قال 14 منهم إنهم قرروا عدم ذهاب أولادهم إلى المدارس، والاكتفاء بتعليمهم "الكترونياً"، أما الباقون فأعربوا عن التزامهم بما تنتهي إليه وزارة التربية والتعليم من إجراءات.
حسين محمد، ولي أمر لثلاث أطفال ضمن مرحلة التعليم الثانوي، قال: أن العودة إلى المدارس خطوة مهمة لضمان جودة التعليم، ولكن يجب أن يسبقها وضع ضوابط للحفاظ على الصحة، لتصبح المعادلة "تعليم جيد وسلامة صحية جيدة".
وأضاف؛ "عودة المدارس في ظل وجود حالات إصابة بـ"كوفيد 19" قرار يؤرق أولياء الأمور، ولحماية الطلاب لا بد من نشر الثقافة الصحية السليمة للوقاية ومنع العدوى".
ونوه إلى إن "تجربة التعلم عن بعد كانت مفاجأة للجميع"، مؤكدا أن كثير من المتاعب واجهت أغلب الطلبة في الوصول إلى المنصات التي أنشأتها الوزارة للدراسة والامتحان عن بعد بسبب أن الأغلبية ليس لديهم اشتراك لمنضومة الانترنيت وغير مطلعين على سبل التعليم الالكتروني لقلة ثقافتهم في المجال التقني، قائلاً وجدنا صعوبة في بداية الأمر"لكن سرعان ما حاولت حل هذه المشكلة من أجل مساعدة أبنائي في اكمال تعليمهم".
بعد ما تقدم من احصائيات وتصريحات وآراء يبدو للقارئ أنه بات من الضروري زيادة الوعي الثقافي لدى الأستاذة والطلبة على وجه الخصوص وأولياء الأمور من أجل حماية وحفظ الأبناء ولمنع ازدياد حالات الجهل لديهم وأصبح من الضروري في الجانب الآخر توفير الرعاية الصحية لكافة المدارس والطلبة بما يضمن سلامة الأبناء وتشجيع الآباء على حث أبنائهم للذهاب للمدارس من خلال إقامة الدورات التوعوية ومن خلال بث الإعلانات التثقيفية عبر مواقع التواصل والقنوات التلفزيونية قدر الإمكان لمنع أي سبب أو مشكلة تؤدي إلى ازدياد حالات الجهل وبالتالي ارتفاع معدلات الأمية وتفشيها بين أبناء هذا الوطن.
اضافةتعليق
التعليقات