لا أحد يتخذ قراراً لغيره إلاّ بخلاف مصلحته، وبذلك كان لابد من أن يتخذ كل واحد منّا ما يرتبط بنفسه من قرارات من دون أن يتواكل فيها..
فلا يجوز أن تدع سواك يقرر عنك، بل يجب أن تفكر لنفسك وأن تكون ذاتك. وإذا لم يؤدّ قرارك إلى نتيجة، فإن مجرد القيام بعمل يفتح آفاقاً للقيام بأعمال أخرى. أما التقاعس عن العمل فيزيد إمكان الانسياق مع التيار السائد لدى اتخاذ قرار في المستقبل.
صحيح أن الاستشارة مطلوبة، وربما تكون ضرورية إلاّ أن اتخاذ القرار هو واجبك دون الآخرين.
يقول تعالى وهو يرشد نبيه الكريم إلى الطريقة المثلى في اتخاذ القرار: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين).
وبهذا بيّن ربنا مراحل اتخاذ القرار، وهي:
أولاً - مشاورة الآخرين.
ثانياً – اتخاذ القرار شخصياً.
ثالثاً – البدء فوراً بتنفيذ القرار بالتوكل على الله، وعدم التواني فيه.
وفي الحقيقة فلا يمكن تصوّر قوة الشخصية من دون القدرة على اتخاذ القرار.
والسؤال الآن هو: كيف نتخذ القرار الصائب، فالمشكلة لا تكمن أحياناً في عدم اتخاذ القرار، بل تكمن في العجز عن اتخاذ القرار الصائب..
والجواب: مع الأخذ بعين الأعتبار أنه من غير الممكن انتقاء قرارات صائبة دائماً، فإن المطلوب ليس هو الحصول على العصمة في ذلك، بل تحسين احتمالات التوفيق.
في ما يلي مجموعة من خطوات رئيسية يجدر بك اتباعها لاتخاذ قرارت أفضل:
أولاً – ضع المسألة ضمن إطارها الصحيح.
ثانياً – استقصِ الحقائق.
ثالثاً – ابحث عن مختلف الحلول.
رابعاً – استنجد بالحدس.
خامساً – لا تخشَ اتخاذ القرار الصعب.
سادساً – نفّذ القرارات الكبرى خطوة فخطوة.
سابعاً – لا تبالغ في نتائج القرارات.
ثامناً – لا تكن ممن يرتاح إلى القرارت السهلة دائماً.
تاسعاً – حدد موعداً حاسماً: إذا أهملت تحديد موعد أخير لأخذ قرارك، فمن المحتمل أن تتردد فيه وترجئه إلى ما لا نهاية.
عاشراً – اختبر طريقة جديدة عندما تشعر أن لا خيارات لديك.
استنجد بالطاقة الاضافية في ذاتك
كل الناس يعرفون أنهم يمتلكون الكثير من الطاقات المعروفة، ولكن القلة هم الذين يعرفون أن لديهم مخزوناً هائلاً من الطاقة الإضافية التي يمكنهم باستخراجها واستثمارها، أن يحققوا ما يشبه المستحيل في الحالات الحرجة.
إن البعض يعتقد أن كل انسان يمتلك ذاتين في داخله:
واحدة نظرية، وأخرى عملية. ويرى أن نجاحنا يعتمد أحياناً كثيرة على التوازن بين هاتين الذاتين.
الذات الأولى: لغوية وذهنية، و وظيفتها إدراك الأصول التي تقوم عليها أي مهمة. وهي أيضاً تصدر الأحكام و يسرها أن تقرر ما هو الجيد وما هو الرديء.
أما الذات الثانية فهي تجمع العقل والحواس والأعصاب والعضلات، هذا التجمع الذي يجعل تحقيق أي عمل ممكناً. وعلى الرغم أن الذات الأولى تقرر إذا كنا نريد تعلم كرة المضرب، أو العمل على الآلة الكاتبة، أو بيع الأدمغة الإلكترونية، إلا أن الذات الثانية هي التي تتولى تعلم هذه الأمور و تنفيذها. وغاية أي نشاط نقوم به هو تحقيق توازن سليم بين الذات الأولى والذات الثانية.
وقد تبين أن تحقيق ما ينشد الفرد وقف على إسكات الذات الأولى. ذلك أن تعليماتها و شكوكها و هواجسها ونقدها تعمل على إرباك الذات الثانية. غير أن إسكات الذات الأولى ليس بالأمر السهل فمعظمنا يظن أن هذا الصوت المدوي داخله هو ذاته الحقيقية، لكن الواقع أنه إذا استطعنا تنحية الذات الأولى في الوقت المناسب، فإن الذات الثانية تتمكن من تأدية دورها على غير وجه، بل هي تجترح المعجزات.
و لاستغلال هذه الطاقة و تفعيلها هناك خمسة مبادىء عليك التزامها:
1- ركز على النقطة المهمة.
مثلاً في لعب الكرة يكون هذا المبدأ في شكل ابق عينيك على الكرة.
هذا المبدأ يطبق حرفياً على حلبة الرياضة، لكنه يكتسب معنى مجازياً في ميادين الحياة الأخرى. وهو يشير إلى وجوب التركيز على الناحية الأهم في أي عمل نؤديه.
2- ثق بنفسك.
3- ركز على ما يحصل هنا و الآن.
4- لا تجعل النجاح هاجساً مقلقاً.
5- لا تشك في إمكاناتك.
كن جازماً من غير عنف
هنالك مثل فارسي قديم يقول: قل كلمتك بليونة، والتزم بها بقوة. والمقصود به أنه لا بد من الحزم ولكن بشرط الابتعاد عن العنف.
إن العنف هو نتاج الغضب، ولا بد لمن أراد أن يكتسب شخصية قوية من أن يفصل بين الغضب والجزم. فالجزم نتاج العقل الهادىء، و إذا جاء في فوران التوتر فلربما يكون في الاتجاه الخاطىء.
واللازمة الطبيعية لذلك هي أن يتجنب المرء الاثارة من ردود الفعل الانفعالية الصادرة عن الشخص الآخر من خلال ما يقوله. وفي رفضه الاثارة يكشف، من طريق التباين، افتقار الآخر إلى النضج. وعندئذ يفرض الهدوء الشخصي تأثيراً مهدئاً في الآخرين.
إن بعض القوة في الشخصية نابع من القدرة على التحكم في الذات من جهة، والقدرة على استيعاب ردة الفعل لدى الآخرين من جهة أخرى.
وهذا يتطلب أن تكون جازماً، ولكن من غير عنف أو غضب، وتذكر أن أقوياء الشخصية فاعلون، وليسوا انفعاليين.
أي أن الأقوياء جازمون في أعمالهم ومواقفهم.
أما الضعفاء فهم أبداً مترددون.
إن التردد يدفع الإنسان إلى الهاوية، لأن الحياة لا تقبل التوقف.
لكن بعض التردد في بداية الأعمال، قبل أن تتوضح الأمور من فعل العقل.. إلا أن التردد يجب أن يعطي مكانه للجزم فور أن تتضح.
يقول الحديث الشريف: اذكر حسرات التفريط بأخذ تقديم الحزم.
وورد في الحديث أن رجلاً أتى رسول الله – صلى الله عليه و آله وسلم – فقال: يا رسول الله أوصني،
فقال له النبي (ص): فهل أنت مستوصٍ إن أوصيتك؟.
قال الرجل: نعم..
فقال رسول الله (ص): إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك رشداً فامضه، وإن يك غياً فانته عنه.
ذلك هو الحزم..
إلا أن الحزم لا معنى له بدون العزم. إذ إن من الحزم، العزم.
ومن هنا كان أنبياء الله – تعالى – ذوي عزائم قوية، بالرغم من استخدام اللين في ظاهر أمورهم..
يقول الإمام علي عليه السلام: إن الله جعل رسله أولي قوة في عزائمهم، وضعفاً فيما ترى الأعين من حالاتهم.
وقد تسأل كيف أكون جازماً وحازماً؟
والجواب: أما الحزم، فأن تفكر في العواقب كما أوصى رسول الله (ص). وأما الجزم، فبأن تقرر، وترمي بنفسك في بحر العمل الذي قررته بلا توان، أو تكاسل.
يقول الإمام علي عليه السلام: ضادوا التواني بالعزم. وذلك من أهم أسباب القوة في شخصية الإنسان.
اضافةتعليق
التعليقات