يستحق كل شخص أن يعيش حياة سعيدة وهانئة لكن من الصعب أن يشعر الجميع بمتعة السعادة الحقيقية لأن البعض يقومون بربطها بأشياء مادية ورغبات مستحيلة وأهداف خيالية. وللأسف معظمهم يعجز عن الوصول إلى هذه الحالة وهذا ما يشعرهم بالضيق والألم، ولعلّ السبب وراء ذلك أنهم ينتظرون أن تأتيهم السعادة، وهذا لن يحصل أبداً لأنها لا تأتي لأحد بل هي قرار نابع من أعماق الذات ويجب علينا نحن أن نعمل ونجتهد حتى نحصل عليها.
لابد لنا من وقفة نضع معها خطاً فاصلاً وعريضاً بين المزاج وبين الأسباب الحقيقية التي تتحكم في مشاعر الإنسان وأحاسيسه ومواقفه وسلوكه في الحياة؟
ويرى علماء النفس أن المرء يستطيع أن يجد طريقه إلى السعادة والحياة الطيبة التي ينشدها في حياته إذا تحقق الرضا عن نفسه وذاته وإذا ماعرف مقدماً ما الذي يسعى إليه وينشده، ثم كيف يعمل في سبيل بلوغ هذا الهدف وقد كان هذا رأي البروفسور "ماسلاو" أحد كبار أساتذة علم النفس الأمريكيين الذي قال: "بأن المزاج إنما هو هذا الشعور المتقلب الذي لا يخضع لظروف وأحوال معينة أما السعادة طريق موجود وملموس، ينعم به كثيرون لأنهم عرفوا الطريق إليه. ثم يقول" ماسلاو" أن قبولنا لأنفسنا، وتقبلنا لطبيعتنا ولحظنا وقدرنا بلاخجل وبلا قلق.. والعمل بعد هذا داخل إطار شخصيتنا وقدرنا على الخلق والإبتكار. كل هذه العوامل أساسية من شأنها أن تسعدنا وأن تقضي على أي شعور آخر قد ينتابنا. فالخوف والقلق من المستقبل قد يتسبب بفشل الإنسان وإحباطه ويجعل منه انساناً متشائماً غير قادر على التجديد.
أسلوب حياة سعيدة
إن الوصول إلى النجاح وتحقيق الأهداف يقتضي التخطيط والتدبير "فمن لم يخطط للنجاح فقد خطّط للفشل" وإن صلاح العيش التدبير. لابد لنا أن ندرج بعض الأساليب من أجل حياة طيبة.
من أساليب الحياة الهانئة والرضا؛ تقبل مفارقاتها وتقلباتها والأزمات التي تمر خلال سنوات العمر والإعتدال في الحياة. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} .
من الضروري أن نعمل حتى نؤمن حياة كريمة ومستقبل آمن لنا وأولادنا لكن من المهم أيضاً أن نقوم بأشياء نحبها حتى نجعل حياتنا أكثر تميزاً.
فإذا كنت تريد أن تتعلم شيء أو أن تمارس هواية ما أو أن تعمل في مجال معين قم بذلك لا تتردد ولا تؤجل؛ حينها ستتحوّل أيامك الرتيبة لأيام ممتعة، وستعيش بسعادة وهناء لآخر العمر.لا تترك هواية أو تمنح لنفسك بعضاً من الوقت للراحة والسفر بل نظم وقتك وانعم بحياة رتيبة.
المسامحة والغفران
لا تكره، الكراهية تدمرك أيضاً يجب عليك أن لا تكره غير مقولتك قل لا يعجبني هذا ولكن لاتكره، الكراهية مرض فهي تدمر عدوك ولكن تدمرك أيضا. فالحقد والكراهية على الناس تزيد مشاعر الغضب والاستياء بداخلك وهذا ما يحرمك من الاستمتاع بحاضرك لذا حاول أن تسامح الناس، اغفر لهم أخطائهم، وامنحهم الفرصة لكي يقدموا الاعتذار لك، صدقني ستتبدّل حياتك وستتمكن من العيش بسعادة وهناء لآخر العمر بإذن الله.
المرونة في التفكير
الإنسان المتصالح مع ذاته قد لا يتقبّل التغيير في حياته بسهولة لكن الحياة مليئة بالمتغيّرات فما كان مرفوضاً من سنين أصبح مقبولاً اليوم وفي حال رفضت التغيير ستواجه مصاعب كثيرة، لذا حاول أن تتكيف مع المتغيرات وخاصة تلك التي تقودك نحو الأفضل.
عدم تضخيم الأمور
التعامل بجدية كبيرة مع المشاكل التي تواجهك ستأخذك بعيداً جداً عن راحة البال والسعادة لذا حاول أن تحافظ على روحك المرحة. فلا توجد مشكلة ليس لها حل. ولو كثرت من حولك الضغوط، جد لنفسك متنفساً سيحدّ هذا من مشاعر التوتر والغضب وستتمكن من إيجاد الحل لتلك المشكلة.
ضبط مشاعر الغضب
كثيراً ما نتعرض في حياتنا لمواقف مستفزة مثل الاتّهام بالأخطاء، توجيه الإهانات، وفي حال لم نملك السيطرة على مشاعر الغضب والانفعال سنحيا ببأس وألم دائم، لذا حاول أن تضبط مشاعرك لتفكر بهدوء ولتتخذ القرارات الصحيحة.
التركيز على اللحظات الحالية
الكثير منا صنفان إما يسجن نفسه في قوقعة خيبات الماضي أو يعيش متخوفاً من المستقبل القادم المجهول. التفكير في المستقبل وكيف سيكون سيشتت أفكارك وسيشعرك بالخوف والقلق لذا اصرف النظر عنه ووجّه تركيزك على حاضرك واعمل واجتهد وانتهز الفرص فالمستقبل هو نتيجة لكل أفعالك الحالية، التزامك بكل ذلك سيضمن لك حياة سعيدة وهانئة لطول العمر.
القناعة بما قسم الله
ماهي سعادتك، زوج أو زوجة صالحة، أصدقاء، الكثير من العلاقات لا يمكن شراءها بالمال والقاعدة المغلوطة المال تشتري فيه كل شيء هي خاطئة! فكثر من يملكون المال ولا يملكون الصحة أو العائلة أو أسباب أخرى تحول دون سعادتهم.
إن بعض الناس يجدون السعادة في أبسط الأشياء، فاللحظات القصيرة التي يقضونها في قراءة الصحيفة في الصباح أو في المشي في حديقة عامة أو في زيارة الأهل والأقارب والحديث معهم أو الوقوف عند الغروب وتأمل الشمس وهي تغوص في الأفق تلك الأشياء تملأ نفوسهم وصدورهم غبطة وسروراً لأنها تذكرهم دائماً ببهجة الحياة. هناك من يجد سعادته في العطاء ومساعدة الآخرين، فقمة السعادة في العطاء وليس في الأخذ.
لذا إن بعض أسباب السعادة نصنعها بأيدينا وبعضها قائم موجود من حولنا والفرق بين هذا وذاك هو فهمنا لمعنى وصور الحياة.
اضافةتعليق
التعليقات