هنالكَ حكايةٌ في كل بقعة من بقاع العالم وبالأخص من اجتاحت أرضه أشباح الكورونا بشكل مرعب ومخيف جعلت ممن يعملون في المستشفيات يثورون على أنفسهم من شدة الألم الذي اعتراهم على أرواح سقطت بعدو لا يستطيعون مواجهته إلا تحت رحمة إلهية خاصة من السماء وأصبح الحزنُ يطمعُ بهم والحربُ عنوانهم.. تراهم حزينين رغم تناثر الدموع عليهم لكنَ أثرهم بُنيانٌ يملأ القلبُ فخراً.
يواجه الطاقم الطبي في ظل هذه الظروف الوبائية أوقات عصبية جداً لأنهم يمثلون خط الدفاع الأول لمواجهة الفايروس، وبسبب الاحتكاك المباشر مع المريض منذ الإصابة حتى آخر لحظات الشفاء، وعلى الرغم من الالتزام بجميع أدوات الوقاية إلا أن العنصر الطبي معرض أن يكون المصاب الآخر، لأنه ببساطة الفايروس لا يستهدف أحد دون غيره ولا يعرف من هو أمامه كي لا يصيبه.
فنحن اليوم نعيش في تحدٍ كبير جداً ألا وهو السيطرة على ذلك الشبح الخفي الذي يسكن الأجساد ويكسبها انهيارا في قواها، مع ذلك لم يقف أمامهم شيء ولم تمنعهم خطورة الأمر من التباطؤ بعملهم، فمن لقب ب ملائكة الرحمة أخذ يجسد ذلك في أوقات لا تسمح للآخر بأن يؤثر على نفسه، افترشو أرواحهم بالود ليحافظوا على ابتسامتهم لتكون مساندة ودعم نفسي مع العلاج المقدم لهم ولتضفي لمسة أمل لتلك الأجساد المتهالكة، وأخذ الصبر يملأ قلوبهم رغم غزارة الدموع التي تنهمر أمام تلك المناظر المهيبة والمقشعرة للأبدان وهي فقدان الأرواح بثوانٍ وبشكل غير مسيطر عليه تشعره ببعده عن عمله وتجرده من تلك اللمسات الرحمانية التي وصفت له فنراه بين ألم وأمل يبدي مابوسعه لينقذ بعلمه البسيط قدراً من أولئك الذين تدور أعينهم حول مقدم العناية لهم.
ويبدأ ذلك كل حسب جانبه الذي انطلق منه، لأن الانسان بصورة عامة يعمل من ثلاث جوانب:
الأول الجانب الإنساني، والثاني الجانب الديني، والثالث الجانب القانوني.
فكلاً يعمل من الزاوية التي تؤمن ذاته بها، أما اليوم توحدت الجوانب واجتمعت الأيادي تحت ظل الجانب الإنساني وبعد اعلان حالة الطوارئ وأخذ أعداد المصابين بالتزايد بين اللحظة وأخرى لم يسع الكوادر الطبية إلا أن تعمل ساعات متواصلة ليهجر النوم أجفانهم ولتدق أجراس الانذار بقلوبهم ليلبوا نداء الانسانية ب انهيار كبير في النفوس المتظاهرة بالتماسك دون الالتفات إلى راحتهم، أكبر مايشغلهم إنقاذ تلك الأجساد التي تصارع الألم تحت رعب من أنفسهم لأنهم احجروا بغرف العلاج لا يراهم غير ذلك الممرض والطبيب الذي اتخذ من ردهة العناية والطوارئ سكناً له يراقب أنفاس المريض ويخفف من معاناته عله يضمن شفائه.
كل ذلك وهم تحت ضغط نفسي وجسدي في آن واحد، حين تنظر في أعينهم ترى وكأنَّ حرارة العالم عالقة في أعينهم، فنراهم ك فراشات تطوف حول تلك الأرواح العليلة ليقدموا شفاءهم بيد من رحمة وحب ورجاء أن لا يهدروا تعبهم تاركين أحباءهم بقلوب ملتاعة بنار الفراق القاسي، وليضمنوا بذلك مكانتهم عند الله تعالى في الحساب عندما نال منزلة الشهيد في الدفاع عن أرواح الناس.
بعد أن أخذ الرعب والهلع مكانه في قلوب الجميع وحوّل أيامهم إلى طريق مجهول أين ما يولوا يجدون الأمل قد رحل فلا يمتلكون إلا النظر إلى السماء والجلوس تحت أجواء الحجر الصحي في كل مكان، بإستثناء الكادر الطبي الذي رحب بصدر واسع بالفايروس ليواجهه بقوة إيمانه وبتوزيعه الأمل للمصابين، وقف الجميع على أبواب المشافي بتلك البدلات الزرقاء والكمامات والقفازات الطبية ليرحبوا به مرددين: hello “كورونا".
فنحن بإذن الله منتصرين..
اضافةتعليق
التعليقات