"تخلص من أي شيء لا يبعث فيك الفرح". إذا جربت هذه الطريقة، ولو قليلاً، فلا بد أن تكون قد أدركت الآن أنه ليس من الصعب التعرف إلى شيء يبعث فيك الفرح. فلحة تلمسه، تعرف الجواب. لكن، يصعب أكثر تقرير رمي شيء ما. وبالفعل، نحن نبتكر كل أنواع الأسباب لعدم رميه، مثل: "لم أستعمل هذا الوعاء طوال العام، لكن من يعلم؟ قد أحتاج إليه يوماً ما...". لكن، عندما نغوص فعلاً في أسباب عدم تخلينا عن شيء ما، نجد فقط سببين: إما تعلقنا بالماضي، أو خوفنا من المستقبل.
خلال عملية الانتقاء، إذا صادفت شيئاً لا يبعث فيك الفرح، لكنك لا تستطيع حمل نفسك على التخلص منه، توقف هنيهة واسأل نفسك: "هل أواجه مشكلة في التخلص من هذا الغرض بسبب تعلقي بالماضي أو خوفي من المستقبل؟". اطرح هذا السؤال لدى حملك كل واحد من الأغراض. وحين تفعل ذلك، ستلاحظ وجود نمط معين في ملكيتك للأغراض، نمط ينتمي إلى إحدى الفئات الثلاث: التعلق بالماضي، الرغبة بالاستقرار في المستقبل، أو الأمرين معاً. من المهم فهم نمط ملكيتك، لأنه تعبير عن القيم التي ترشدك في حياتك. فالسؤال عما تريد امتلاكه هو في الواقع السؤال عن رغبتك في كيفية عيش حياتك. فالتعلق بالماضي، والمخاوف المرتبطة بالمستقبل لا تتحكم فقط في طريقة انتقائك للأشياء التي تملكها، وإنما تمثل أيضاً المعايير التي تعتمدها لاتخاذ الخيارات في كل جانب من جوانب حياتك؛ بما في ذلك علاقاتك بالأشخاص ووظيفتك.
حين تنتقي امرأة رجلاً، فيما هي قلقة جداً بشأن المستقبل، فثمة احتمال أقل لأن تختار الشخص فقط لأنها تستلطفه وتحب التواجد معه. فهي ببساطة قد تختار الشخص لأن العلاقة تبدو مفيدة لها، أو لأنها تخشى عدم إيجاد أي شخص آخر في حال عدم اختيارها له. وفي ما يتعلق بالخيارات المهنية، فإن هذه المرأة نفسها تختار على الأرجح وظيفة ضمن شركة كبيرة لأن هذا يمنحها خيارات أكثر في ما يتعلق بالمستقبل أو التطلع إلى مؤهلات معينة بمثابة ضمانة، وليس لأنها تحب العمل فعلاً وتريد ممارسته. من جهة أخرى، إن الشخص الذي يملك روابط قوية بالماضي يجد صعوبة في الانتقال إلى علاقة جديدة؛ لأنه يكون عاجزاً عن نسيان الحبيبة التي انفصل عنها قبل عامين. كما يجد صعوبة في تجربة طرائق جديدة، حتى لو لم تعد الطريقة الحالية فعالة لأنها انتهت عند هذه المرحلة.
عندما ينجح هذا النوع أو الآخر من أنماط التفكير في زيادة صعوبة رمي الأشياء، نعجز عن معرفة ما نحتاج إليه فعلاً الآن، في هذه اللحظة. فنحن غير واثقين مما يرضينا أو مما نتطلع إليه.
ونتيجة لذلك، نزيد عدد المقتنيات غير الضرورية، وندفن أنفسنا – جسدياً وعقلياً – في فائض من الأشياء. لذا، إن أفضل طريقة لمعرفة ما نحتاج إليه فعلاً تقضي بالتخلص مما لا نحتاج إليه. كل ما عليك فعله هو التخلص مما لا تحتاج إليه من خلال مواجهة كل من مقتنياتك بطريقة صحيحة.
وفي الواقع، إن عملية مواجهة مقتنياتنا والانتقاء من بينها قد تكون مؤلمة فعلاً. فهي تجبرنا على مواجهة عيوبنا وإخفاقاتنا والخيارات الحمقى التي اتخذناها في الماضي.
الأشياء التي نملكها حقيقية. فهي الآن موجودة هنا نتيجة خيارات اتخذناها في الماضي بأنفسنا. لذا، من الخطأ تجاهلها أو رميها بطريقة عشوائية كما لو أننا ننكر الخيارات التي اتخذناها. لهذا السبب، أرفض السماح بتراكم الأشياء فوق بعضها ومن ثم رميها من دون التفكير في الأمر ملياً. فحين نواجه الأشياء التي نملكها، الواحد تلو الآخر، ونختبر العواطف التي تبعثها فينا، يمكننا فعلاً تقدير علاقتنا بها.
هناك ثلاث طرائق يمكننا اعتمادها مع أغراضنا؛ مواجهتها الآن، أو مواجهتها في وقت ما، أو تفاديها إلى أن نموت. الخيار لنا. لكنني أعتقد شخصياً أنه من الأفضل مواجهتها الآن. فإذا تعرفنا إلى تعلقنا بالماضي وخوفنا من المستقبل بمجرد النظر بصدق إلى ممتلكاتنا، فسنتمكن فعلاً من رؤية ما هو مهم بالنسبة إلينا. في المقابل، تساعدنا هذه العملية على تحديد قيمنا، وتخفف الشك والارتباك عند اتخاذ القرارات في الحياة. إذا استطعنا الوثوق في قراراتنا والانطلاق بحماسة في العمل من دون أن تردعنا أي شكوك، فسنتمكن من تحقيق المزيد.
اضافةتعليق
التعليقات