قاربت الساعة منتصف الليل، لاحظت في المرآة وجها ثلاثينيا شاحبا أنهكه التعب، كانت عيناي تبعث بريقا خافتا يلتمس السكينة والهدوء، وتسري في قدمي رعشة توحي بالعتب والملامة.
ألقيت بتحية المساء على زوجي، عمت مساءا!
عمت مساءا عزيزتي، تصبحين على خير!.
توجهت بعدها للمطبخ حتى أغلق النوافذ، كانت قليل من الأواني مبعثرة هنا وهناك؛ والأرضية بحاجة للتنظيف.
ذهبت بعدها لأطمئن على الأولاد في غرفتهم؛ غط أحمد في نوم عميق، أما محمود وجدته نائما دون غطاء كالعادة فغطيته وقبلتهما؛ هممت بالخروج فوقع نظري على قميصيهما المتسخين، أبدلتهما بآخرين نظيفين مكويين.
كل شيء في المنزل على ما يرام؛ جميع الملابس مرصوفة بنظم فريد، السجاد نظيف حتى من ذرة غبار، الأرضيات معقمة بدقة وكذا المغاسل والحمامات، الولدان قد أتما دروسهما, تعشيا, غسلا أسنانهما ثم خلدا للنوم.
أنهيت الوضوء، بدت المنشفة بحاجة للتغيير... وأخيرا ذهبت إلى غرفتي... استلقيت في السرير الذي أحدث صريرا خافتا داهم صمت الغرفة الطاغي.
ثم وقع بصري على شعري المبعثر وألوان ملابسي الغير متناسقة فأثارت هي الأخرى ضجة بداخلي، يا ترى أين أنا في هذه المعمعة؟!
ما زلت شابة وجميلة أحب ألق الحياة وبهجتها.
الشعور بالهدوء والسكينة والإسترخاء، بات ثلاثيا يسابق الهروب عني دوما ليكتسحني جيش من الأعمال والفروضات اليومية التي لا مفر منها!.
قد يفرض واقع المرأة عليها أن تعايش حياة الأولاد الفوضوية والروتين الرتيب، في فترة من الزمن إلا أن هذا سيتغير يوما ما، فسواء كانت لديك عائلة صغيرة أم لا إسألي نفسك ما مدى المرح في حياتك؟
هل تتنازلين عن توازنك وعلاقتك وسعادتك الشخصية بالإصرار على معايير يصعب أو يستحيل تحقيقها؟!
هذا إذا لم تكن خاطئة بالأصل وقد غفلت عنها فأصبح جهلك مركبا! أقصد بذلك تلك المبالغات الغير ضرورية في الحياة.
حينما يسترجع الأولاد ماضي حياتهم بعد أن يصبحوا كبارا راشدين، لا يقولون أنهم كانوا سعداء لأن الأرضيات كانت تلمع بل مصدر سعادتهم أن أمهم منحتهم الحرية وسمحت لهم باستخدام وسائد الأريكة لبناء حصون على الأرضيات.
القهرمانة:
هل شعرت يوما إنك تشبهين البهلوان الذي يحاول إبقاء كل الكرات بالهواء في وقت واحد؟!
تمارس معظم النساء حركات بهلوانية مدهشة، العمل والأولاد والمنزل والصحة والرشاقة والعائلة الكبيرة ودفع الفواتير وغير ذلك، يبدو أن القائمة لا تنتهي عند بعض النساء.
أسوأ ما في الضغط السلبي هو أن أثره يظهر على جسدها؛ وتكون عاداتها الصحية مثل برامج التمارين الرياضية والوجبات المغذية، هي أولى ضحايا معاناتها مع عبء العمل الثقيل, ناهيك عن نشاطات تطوير الثقافة وتحقيق الذات.
6 طرق لتجنب ضغط العمل السلبي:
1- إتباع يوم الراحة التقليدي:
وهو النظام العالمي السائد الذي تسير عليه الملل والشعوب وجميع المؤسسات والمدارس والجامعات والدوائر الرسمية وغير الرسمية، فلا تحرمي نفسك هذه المنحة واتخذي لنفسك يوما للراحة إقضي فيه وقتا ممتعا مع الأسرة والأصدقاء، وخذي قسطا من الراحة.
2- ترتيب الأولويات:
قومي بترتيب الأولويات وتدرجي من الأهم فالمهم؛ والأصعب فالأسهل من الأعمال المتكدسة والمتراكمة في جدول تقومين بتنظيمه وإنجازه.
3- تجنبي الفوضى والركام:
لا تحولي المنزل ومكان العمل إلى مخزن وإرشيف لكل الجزئيات من الأوراق والأغراض التي انتهت صلاحيتها وأصبحت غير قابلة للإستخدام.
خصصي حقيبة لتضعي فيها كل ما لم تستعمليه خلال عام كامل من الألبسة والحقائب والمقتنيات المتراكمة وتبرعي بها في أقرب فرصة لإحدى المؤسسات الخيرية.
4- تقسيم الأعمال:
قسمي الأعمال في المنزل بطرق محببة ومشوقة لتعليم الزوج والأولاد؛ روح التعاون والشعور بالمسؤولية.
5- النوم:
وقت النوم هو الخط الأحمر الذي يجب أن لا تتجاهليه في أصعب الظروف؛ خذي قسطا من الراحة وخصصي الليل للنوم والنهار للإستيقاظ والنشاط.
6- تجنبي المنبهات:
خففي من تناول المنبهات كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية عند المساء وعوضي عن ذلك بمشروبات الأعشاب كشراب النعاع والليمون.
هذه بعض الطرق التي ستعبد لنا شيئا من وعورة الأيام لنسجل في قاموس الذكريات أحلى اللحظات برفقة الأسرة، تلك التي سيسرقها منا الزمان يوما فنعاود عصر الذاكرة لتتقاطر برحيقها الريان في حلق ساعات الوحدة العطشى.
اضافةتعليق
التعليقات