على قارعة الأحلام نقف هناك جميعاً، لافرق بين كبيرٍ وصغير، غنيّ وفقير، ذكرٍ وأنثى..
فالكلّ يقف وينتظر دوره في طابور الأمنيات، قد تختلف آمالنا، أحلامنا، وتوجهاتنا إلّا أنّنا نتكدس في سقفٍ زمنيّ معين، وجسرٍ واحد يجمعنا وهو جسر الانتظار.
كلنا بشكلٍ أو بآخر ننتظر شيئاً ما، شئنا ذلك أم أبينا. كلّنا نحلم وننتظر الحصول على ماتحمله صدورنا من آمالٍ وأمنيات، فها هو طالب العلم يدرس ويجتهد منتظرا النجاح ونيل الشهادة والفلاح يزرع ليجني حصاده، وذلك يترصد فرصة عمل لتحصيل لقمة العيش، وتلك تقف على باب آمالها منتظرةً فارس أحلامها لتلحق به قبل أن يفوتها قطار الزمن.
قائمةٌ تطول ولاتنتهي فالكل ينتظر وكلٌ يغني على ليلاه. جميلٌ هو الانتظار عندما يمدّك بالأمل ويكون حافزاً للعمل والتطور والارتقاء، لكن هل كلٌّ شيء يستحق عناء الانتظار؟
وهل للانتظار قيمة ووزنٌ واحد أم يتفاوت تبعاً لما ننتظره؟
قد يكون الانتظار صديقاً وفياً عندما يكون أملاً مع عمل وقد يكون سارقاً محترفاً يخطف أغلى سنيّ عمرك ويستنفذ كل طاقتك كمصاص دماء ليرميك منهَك القوى، فاتر الإحساس، وفاقداً لأي معنى للحياة.
قد تنتظر وأنت ساخطٌ يائس وقد تخلل القلق في كل خلايا روحك فتغدو حياتك مجرد محطة تنتظر فيها شيئاً قد يحصل وقد لا يحصل أبداً.
الانتظار يعني أن تعمل وتتأمل وتعيش لحظتك الراهنة بكل تفاصيلها ثم تودع أحلامك بيد الله فهو وحده يدبر أمرك فيما هو خير لك، فيومك هذا هو كل ماتمتلكه بالفعل، إذاً عشْ يومك وإياك أن تستبق يوماً لم يولد بعد فلكلّ ولادةٍ مخاضٌ ولابد أن تتجاوز هذا المخاض لتبصر نور يوم جديد.
من الجيد ياصديقي أن تتمنى وتنتظر لكن من الرائع أن تجيد اختيار مناك، وأن تسعى إليه بكل طاقتك وذكائك ومؤهلاتك، فالانتظار يجب أن يكون مقروناً بالعمل والسعي نحو الهدف أو الأمنية المنشودة، وبهذا سيكون الانتظار إيجابياً مفيداً، فلا فائدة من انتظار بلا سعي وتمني بلاعمل، ثم هل فكرت يوماً في رفع سقف انتظاراتك؟ هل جربت يوماً أن تنتظر الألم أو حتى الموت؟! أم الأمر منحصر في انتظار لذاتنا وأحلامنا الوردية؟!
معظمنا في هذه الحياة نعمل لتجنب الألم وتحصيل اللذة متناسين أن هناك صنفاً يتلذذون بالألم وهم يتحرقون شوقاً ليصلوا إلى ما يبتغون، إنّهم مصداق قوله تعالى ((من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قض ىنحبه ومنهم من ينتظر))، الاحزاب23.
نعم إنهم ينتظرون مثلنا تماماً لكنهم يجسدون الانتظار في أرقى وأسمى معانيه، يحاربون في ساحات المعارك ويبذلون الغالي والنفيس دفاعاً عن وطنهم وعقيدتهم أملاً في وصال الله ونيل شرف الشهادة واستحصال اللذة الأبدية.
ونحن كذلك يمكننا الارتقاء من انتظار حلمٍ صغيرٍ هنا وآخر هناك الى انتظار مَن ظهوره كفيلٌ بتحقيق كل غاياتنا أنا وأنت والأمة بأسرها. وعلينا أن ننتظره بالعمل والدعاء بتعجيل فرجه فهو مفتاح فرج الأمة وفي ظهوره ستعطى لنا كل آمالنا وأحلامنا وتُفرج كل آلامنا وهمومنا.
اضافةتعليق
التعليقات