"الحياة مملوءة بالمفاجئات مثل بيضة كندر لكن الفرق بينهما انه ليست كل مفاجئات الحياة تسعدنا" فهناك من يتفاجأ بالمرض والفقد والهجرة و.... الجميل والموحش في نفس الوقت بأننا لا نعرف ماالذي ينتظرنا في نهاية المطاف، لكن الشيء الذي يجب ان نهتم به هو بأن لا أحد يبقى على حاله، كما سأل أحدهم صاحبه لماذا في لعبة القدر هناك من يعلو فوق الجميع وهناك من في القاع فأجاب صاحبه إنها "لعبة"، لا تكترث سيأتي دورك وتتبدل الأماكن كما دولاب الهواء..
عندما أتصفح صفحات حياتي المملوءة بالسعادة والحزن والهمّ والقلق أرى بأنها كلها مضت بسرعة لا الهمّ بقى ولا السعادة، ولكن لازلت أنا "أنا" التي لديها إيمان وثقة بالله بأنه لا يريد لها إلا الخير، كنت اردد: لن انحني الا امام ربي، لذلك منذ بداية تهجيري ووقوفي في حدود عراق وايران كنت أؤمن بأن بعد العسر يسرا، لا أقول لكم انني لم أخف من شيء، بل كنت أرتجف حد الموت، كنت أموت مرارا وتكرارا، عندما بدأت جدران مدينتي تختفي عن أنظاري كان قلبي يتقطع من شدة الوجع ولكن ماذا عساي أن أفعل؟
رحلة إلى المجهول، كنا في الطريق والمقصد لا مكان... عندما أقول لا مكان أعني الكلمة بحق! بعظم الوجع والألم!.
ولكن هناك وعدت نفسي أن أصبر، بعد سفر طويل وذلة وعناء تركنا ما لدينا من مال وذهب وكل شيء لنذهب الى ايران فارغي الايدي، وفعلا كنا كذلك!.
نتضور من الجوع ولا يمكننا ان نطلب المساعدة من أحد، في تلك الاثناء رأيت لطف الله بعيني وأخرجنا من تلك الأوضاع المأساوية وبعد ذلك اُجبرنا على الهجرة مرة أخرى من ايران الى سوريا حيث الغربة والوحدة مرة أخرى، كلما كان يُكسر خاطري أردد في نفسي: يجب أن أصبر فبالتأكيد رب العالمين يجازيني على ذلك، وبالفعل كم كان جميلا عطاءه، وكم كنت فرحة بلطفه.
رغم الألم كنت انظر الى اثار رحمته وكيف انه يفاجئني في لحظات اليأس، كان يشملني بلطفه ورأفته ويساعدني على الدوام وهو من جعل من إمرأة عادية معلمة للعلوم الاسلامية رغم إنني لم يكن لدي سوى شهادة المتوسطة ولكن أخذ ربي بيدي ليعلمني ويعلم العالم بأجمعه أن العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير..
نعم أدركت انه أخذ مني بعض الأشياء ليغيرها بأفضل منها، فالآن أجد كل هذه الألام لم تذهب هباءا بل بدلها الله بخير منها، الظروف تكشف لنا المعادن، أحيانا معادن الناس واحيانا معادن أنفسنا، فوُجِدَت لنكتشف أنفسنا أكثر فأكثر كما قال تعالى: "وفي الأرض آيات للموقنين وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ".
الحياة ليست دائما كما نتمنى، فلنتعلم أن نهمس في أذن العالم: لن أنحني مهما يحدث لأن عين الله ترعاني.. من قلب الوجع يولد الفرح وبعد الصبر يأتي الفرج..
اضافةتعليق
التعليقات