• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنفاس الرضا

أفياء الحسيني / الأحد 11 آيار 2025 / تطوير / 737
شارك الموضوع :

في عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته

في زحمة الأرواح المُزدحمة بالأسئلة، يتوه الإنسان في متاهة من الكآبة والتبرُّم، كأنه يلاحق ظلَّه في غابة من المرايا، يسأل نفسه: لماذا لا أشعر بالسعادة؟ ولماذا لا يُرويني ما قسمه الله لي؟ وبين هذا الضجيج الداخلي، تلوح «زيارة أمين الله» كنافذة في جدارٍ مغلق، تُشرق منها أنفاس الرضا.

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه»، هكذا تبدأ الزيارة، وكأنها تسكب على القلب ماءً باردًا في حرّ الهمّ. ليست مجرد تحية، بل مفتاحٌ سرّيٌّ يفتح باب الطمأنينة. يقرأها الزائر عند باب الإمام علي، فتتحوّل الكلمات إلى عباءة من يقين تلفّ الجسد والروح معًا. في أول جملة بعد السلام، نسمع صوتًا من الأعماق: إن النفس المطمئنة هي التي وقعت على سرّ القدر، ورضيت قبل أن تفهم، وسكنت قبل أن تُجاب.

في هذه اللحظة، يصبح الدعاء تأهيلاً معرفيًّا، لا مجرد طلب. إننا نرتقي من طلابِ الحلولِ إلى عشّاقٍ للحكمة، فكل كلمة في الدعاء تعيد برمجة وعينا، ترفع من كفاءتنا المعرفية، وتمنحنا لغة جديدة نُحدّث بها أنفسنا: لغة الرضا. الدعاء عند الدخول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» ليس مجرد استعارة، بل هو بالفعل باب يُفتح من الداخل، حين كانت الروح محبوسة خلف أسوار الشكوى. وعند الخروج، تتردّد على اللسان كلمات كالندى: «واجعل خروجي من هذا المكان خروجًا من كل همٍّ وغمّ»، كأنك تخلع عنك أثقال الدنيا كما يُخلع الرداء المتسخ.

في إيران، يُلقَّب الإمام الرضا بـ«وليّ النعمة»، وما النعمة هنا سوى الرضا نفسه، لا الذهب ولا المال. كان الإمام الرضا وجهًا للرضا في هيئة إنسان، يمشي على الأرض وقلبه معلّق بالسماء. لم يكن الرضا عنده موقفًا مؤقتًا، بل مقامًا دائمًا، كمن سكن في بيتٍ نوافذه مفتوحة دومًا على الحكمة.

وعندما نزور السيدة فاطمة المعصومة، نصفها بـ«راضية مرضية»، ليست الصفة مجازًا لغويًّا بل حقيقة وجودية. هي المرأة التي جعلت من التسليم زينتها، ومن القبول وردها اليومي. يُذكّرها الدعاء القرآني: «ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية»، فتُصبح الرضا لباسًا سماويًّا يليق بالقلوب النقية.

في القاعات الدراسية، يدخل الطلاب الصفوف وهم يتذمّرون من كل شيء: من الواجب، من الزميل، من الوالدين، كأنما يحملون على ظهورهم حقائب من اللا-رضا، أثقل من الكتب نفسها. لكن الحقيقة أن الجذر واحد: إنهم غير راضين في داخلهم، لا عن أنفسهم، ولا عن أقدارهم. وهنا يكمن الفرق بين من يرى الواجب قيدًا، ومن يراه سُلَّمًا للترقّي، يُصعّده بشغف.

ولو أن دعاءهم استُجيب كما تمنّوا، لنالوا ما يظنون أنه سعادة، لكن السعادة الحقيقية كانت فيما لم يُعطَ، فيما تأخّر، أو فيما فُهِم لاحقًا. أحيانًا نُردّد: «إن الله على كل شيء قدير» ونحن نكاد لا نصدّق، ثم فجأة… يحدث شيء يجعلنا نخجل من ظنوننا القديمة. هل كان الرضا عنده طبعًا أم تربية؟ لا أدري… لكنه كان يُشعرك أن السلام عادة، لا حالة مؤقتة. ربما السكينة لا تأتي لأننا نحقق كل شيء، بل حين نكفّ عن مقاومة ما لم يحدث… لستُ واثقة تمامًا، لكني بدأت أصدّق هذا مؤخرًا.

فلننظر إلى امرأة فرعون، التي عاشت في قصر من حجارة باردة، لكن قلبها كان بيتًا من نور، أو إلى مريم العذراء، التي لم تحصل على زوج، لكنها نالت مقام الطهر والاصطفاء، حتى صارت مثالًا يُضرَب به. بعض النساء لم ينلن «نصيبًا مناسبًا»، لكنهن نِلن ما هو أسمى: الرضا الذي لا تذبل أوراقه.

هكذا نتعلّم من أنفاس الرضا أن السعادة لا تنزل من السماء كالمطر، بل تنبع من الداخل، كنبعٍ استراح بعد عاصفة. إن ذكر الله هو الأكسجين الحقيقي للروح، و«ألا بذكر الله تطمئن القلوب» ليست آية تُقرأ فقط، بل نَفَس يُستنشَق.

ففي عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته.

الامام الرضا
فاطمة المعصومة
الدعاء
اهل البيت
السعادة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    خيرا تفعل خيرا تلقى

    النشر : الأربعاء 08 آيار 2024
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    الشهرة على حساب القيم: عندما يصبح الجدل طريقاً مختصراً إلى القمة

    النشر : الأثنين 16 كانون الأول 2024
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    ركاب الطائرات المرضى ينقلون العدوى للمسافرين المجاورين لهم

    النشر : الأربعاء 27 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    رسالة المرأة في منظور الإمام الشيرازي

    النشر : الأحد 02 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    تشنج الحبال الصوتية.. الأعراض والأسباب

    النشر : الأثنين 24 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    القراءة: رحلة مستمرة دون وجهة

    النشر : الأربعاء 24 نيسان 2024
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 647 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 358 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 755 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 18 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 18 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 18 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 18 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة