• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنفاس الرضا

أفياء الحسيني / منذ 21 ساعة / تطوير / 256
شارك الموضوع :

في عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته

في زحمة الأرواح المُزدحمة بالأسئلة، يتوه الإنسان في متاهة من الكآبة والتبرُّم، كأنه يلاحق ظلَّه في غابة من المرايا، يسأل نفسه: لماذا لا أشعر بالسعادة؟ ولماذا لا يُرويني ما قسمه الله لي؟ وبين هذا الضجيج الداخلي، تلوح «زيارة أمين الله» كنافذة في جدارٍ مغلق، تُشرق منها أنفاس الرضا.

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه»، هكذا تبدأ الزيارة، وكأنها تسكب على القلب ماءً باردًا في حرّ الهمّ. ليست مجرد تحية، بل مفتاحٌ سرّيٌّ يفتح باب الطمأنينة. يقرأها الزائر عند باب الإمام علي، فتتحوّل الكلمات إلى عباءة من يقين تلفّ الجسد والروح معًا. في أول جملة بعد السلام، نسمع صوتًا من الأعماق: إن النفس المطمئنة هي التي وقعت على سرّ القدر، ورضيت قبل أن تفهم، وسكنت قبل أن تُجاب.

في هذه اللحظة، يصبح الدعاء تأهيلاً معرفيًّا، لا مجرد طلب. إننا نرتقي من طلابِ الحلولِ إلى عشّاقٍ للحكمة، فكل كلمة في الدعاء تعيد برمجة وعينا، ترفع من كفاءتنا المعرفية، وتمنحنا لغة جديدة نُحدّث بها أنفسنا: لغة الرضا. الدعاء عند الدخول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» ليس مجرد استعارة، بل هو بالفعل باب يُفتح من الداخل، حين كانت الروح محبوسة خلف أسوار الشكوى. وعند الخروج، تتردّد على اللسان كلمات كالندى: «واجعل خروجي من هذا المكان خروجًا من كل همٍّ وغمّ»، كأنك تخلع عنك أثقال الدنيا كما يُخلع الرداء المتسخ.

في إيران، يُلقَّب الإمام الرضا بـ«وليّ النعمة»، وما النعمة هنا سوى الرضا نفسه، لا الذهب ولا المال. كان الإمام الرضا وجهًا للرضا في هيئة إنسان، يمشي على الأرض وقلبه معلّق بالسماء. لم يكن الرضا عنده موقفًا مؤقتًا، بل مقامًا دائمًا، كمن سكن في بيتٍ نوافذه مفتوحة دومًا على الحكمة.

وعندما نزور السيدة فاطمة المعصومة، نصفها بـ«راضية مرضية»، ليست الصفة مجازًا لغويًّا بل حقيقة وجودية. هي المرأة التي جعلت من التسليم زينتها، ومن القبول وردها اليومي. يُذكّرها الدعاء القرآني: «ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية»، فتُصبح الرضا لباسًا سماويًّا يليق بالقلوب النقية.

في القاعات الدراسية، يدخل الطلاب الصفوف وهم يتذمّرون من كل شيء: من الواجب، من الزميل، من الوالدين، كأنما يحملون على ظهورهم حقائب من اللا-رضا، أثقل من الكتب نفسها. لكن الحقيقة أن الجذر واحد: إنهم غير راضين في داخلهم، لا عن أنفسهم، ولا عن أقدارهم. وهنا يكمن الفرق بين من يرى الواجب قيدًا، ومن يراه سُلَّمًا للترقّي، يُصعّده بشغف.

ولو أن دعاءهم استُجيب كما تمنّوا، لنالوا ما يظنون أنه سعادة، لكن السعادة الحقيقية كانت فيما لم يُعطَ، فيما تأخّر، أو فيما فُهِم لاحقًا. أحيانًا نُردّد: «إن الله على كل شيء قدير» ونحن نكاد لا نصدّق، ثم فجأة… يحدث شيء يجعلنا نخجل من ظنوننا القديمة. هل كان الرضا عنده طبعًا أم تربية؟ لا أدري… لكنه كان يُشعرك أن السلام عادة، لا حالة مؤقتة. ربما السكينة لا تأتي لأننا نحقق كل شيء، بل حين نكفّ عن مقاومة ما لم يحدث… لستُ واثقة تمامًا، لكني بدأت أصدّق هذا مؤخرًا.

فلننظر إلى امرأة فرعون، التي عاشت في قصر من حجارة باردة، لكن قلبها كان بيتًا من نور، أو إلى مريم العذراء، التي لم تحصل على زوج، لكنها نالت مقام الطهر والاصطفاء، حتى صارت مثالًا يُضرَب به. بعض النساء لم ينلن «نصيبًا مناسبًا»، لكنهن نِلن ما هو أسمى: الرضا الذي لا تذبل أوراقه.

هكذا نتعلّم من أنفاس الرضا أن السعادة لا تنزل من السماء كالمطر، بل تنبع من الداخل، كنبعٍ استراح بعد عاصفة. إن ذكر الله هو الأكسجين الحقيقي للروح، و«ألا بذكر الله تطمئن القلوب» ليست آية تُقرأ فقط، بل نَفَس يُستنشَق.

ففي عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته.

الامام الرضا
فاطمة المعصومة
الدعاء
اهل البيت
السعادة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الإمام الرضا: حارس العقيدة ومجدد الوعي في وجه الانحراف الفكري

    بماذا يؤمن أتباع "الكارما" وما علاقة الكون والأشرار فيه؟

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    شوكولاتة صُنعت في دول غربية!

    إهمال صحة الأمهات النفسية قد يكون كارثياً

    تأملات عند شاطئ الرضا

    آخر القراءات

    وقت بلا قيود

    النشر : الثلاثاء 20 آذار 2018
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    فن الحديث.. مفتاحك للوصول الى قلوب الناس

    النشر : الأربعاء 21 كانون الأول 2016
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    فيض من كاظم الغيظ

    النشر : الأحد 26 كانون الثاني 2025
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    شهيد الماء

    النشر : الأربعاء 28 تشرين الاول 2020
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    روحي فداء لتراب الوطن

    النشر : الثلاثاء 18 كانون الأول 2018
    اخر قراءة : منذ 11 ثانية

    الفراسة ...اكتشفي الماكر الخبيث والجاهل...!؟

    النشر : الثلاثاء 09 حزيران 2015
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    • 771 مشاهدات

    في ذكرى جدتي التاسعة عشرة

    • 392 مشاهدات

    رحيل ناعم

    • 366 مشاهدات

    هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من علاج جميع الأمراض؟

    • 345 مشاهدات

    نيران خافتة

    • 344 مشاهدات

    شوكولاتة صُنعت في دول غربية!

    • 341 مشاهدات

    مهرجان الزهور في كربلاء.. إرثٌ يُزهِر وفرحٌ يعانق السماء

    • 2282 مشاهدات

    من التعب إلى الصمت: رحلة المرأة من الإرهاق إلى الاحتجاج الصامت

    • 1944 مشاهدات

    يوم الكتاب العالمي: إشعال شموس المعرفة بين الأجيال وبناء جسور الحضارات

    • 1311 مشاهدات

    من كربلاء إلى النجوم... طفل السبع سنوات يخطف المركز الأول مناصفة في الحساب الذهني ببراءة عبقرية

    • 1287 مشاهدات

    جعفر الصادق: استشهاد نور العلم في وجه الظلام

    • 1150 مشاهدات

    الشهادة الجامعية بين ضوابط التربية وسلوكيات التعليم

    • 910 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الإمام الرضا: حارس العقيدة ومجدد الوعي في وجه الانحراف الفكري
    • منذ 20 ساعة
    أنفاس الرضا
    • منذ 21 ساعة
    بماذا يؤمن أتباع "الكارما" وما علاقة الكون والأشرار فيه؟
    • منذ 21 ساعة
    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"
    • السبت 10 آيار 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة