• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أنفاس الرضا

أفياء الحسيني / الأحد 11 آيار 2025 / تطوير / 553
شارك الموضوع :

في عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته

في زحمة الأرواح المُزدحمة بالأسئلة، يتوه الإنسان في متاهة من الكآبة والتبرُّم، كأنه يلاحق ظلَّه في غابة من المرايا، يسأل نفسه: لماذا لا أشعر بالسعادة؟ ولماذا لا يُرويني ما قسمه الله لي؟ وبين هذا الضجيج الداخلي، تلوح «زيارة أمين الله» كنافذة في جدارٍ مغلق، تُشرق منها أنفاس الرضا.

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه»، هكذا تبدأ الزيارة، وكأنها تسكب على القلب ماءً باردًا في حرّ الهمّ. ليست مجرد تحية، بل مفتاحٌ سرّيٌّ يفتح باب الطمأنينة. يقرأها الزائر عند باب الإمام علي، فتتحوّل الكلمات إلى عباءة من يقين تلفّ الجسد والروح معًا. في أول جملة بعد السلام، نسمع صوتًا من الأعماق: إن النفس المطمئنة هي التي وقعت على سرّ القدر، ورضيت قبل أن تفهم، وسكنت قبل أن تُجاب.

في هذه اللحظة، يصبح الدعاء تأهيلاً معرفيًّا، لا مجرد طلب. إننا نرتقي من طلابِ الحلولِ إلى عشّاقٍ للحكمة، فكل كلمة في الدعاء تعيد برمجة وعينا، ترفع من كفاءتنا المعرفية، وتمنحنا لغة جديدة نُحدّث بها أنفسنا: لغة الرضا. الدعاء عند الدخول: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» ليس مجرد استعارة، بل هو بالفعل باب يُفتح من الداخل، حين كانت الروح محبوسة خلف أسوار الشكوى. وعند الخروج، تتردّد على اللسان كلمات كالندى: «واجعل خروجي من هذا المكان خروجًا من كل همٍّ وغمّ»، كأنك تخلع عنك أثقال الدنيا كما يُخلع الرداء المتسخ.

في إيران، يُلقَّب الإمام الرضا بـ«وليّ النعمة»، وما النعمة هنا سوى الرضا نفسه، لا الذهب ولا المال. كان الإمام الرضا وجهًا للرضا في هيئة إنسان، يمشي على الأرض وقلبه معلّق بالسماء. لم يكن الرضا عنده موقفًا مؤقتًا، بل مقامًا دائمًا، كمن سكن في بيتٍ نوافذه مفتوحة دومًا على الحكمة.

وعندما نزور السيدة فاطمة المعصومة، نصفها بـ«راضية مرضية»، ليست الصفة مجازًا لغويًّا بل حقيقة وجودية. هي المرأة التي جعلت من التسليم زينتها، ومن القبول وردها اليومي. يُذكّرها الدعاء القرآني: «ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية»، فتُصبح الرضا لباسًا سماويًّا يليق بالقلوب النقية.

في القاعات الدراسية، يدخل الطلاب الصفوف وهم يتذمّرون من كل شيء: من الواجب، من الزميل، من الوالدين، كأنما يحملون على ظهورهم حقائب من اللا-رضا، أثقل من الكتب نفسها. لكن الحقيقة أن الجذر واحد: إنهم غير راضين في داخلهم، لا عن أنفسهم، ولا عن أقدارهم. وهنا يكمن الفرق بين من يرى الواجب قيدًا، ومن يراه سُلَّمًا للترقّي، يُصعّده بشغف.

ولو أن دعاءهم استُجيب كما تمنّوا، لنالوا ما يظنون أنه سعادة، لكن السعادة الحقيقية كانت فيما لم يُعطَ، فيما تأخّر، أو فيما فُهِم لاحقًا. أحيانًا نُردّد: «إن الله على كل شيء قدير» ونحن نكاد لا نصدّق، ثم فجأة… يحدث شيء يجعلنا نخجل من ظنوننا القديمة. هل كان الرضا عنده طبعًا أم تربية؟ لا أدري… لكنه كان يُشعرك أن السلام عادة، لا حالة مؤقتة. ربما السكينة لا تأتي لأننا نحقق كل شيء، بل حين نكفّ عن مقاومة ما لم يحدث… لستُ واثقة تمامًا، لكني بدأت أصدّق هذا مؤخرًا.

فلننظر إلى امرأة فرعون، التي عاشت في قصر من حجارة باردة، لكن قلبها كان بيتًا من نور، أو إلى مريم العذراء، التي لم تحصل على زوج، لكنها نالت مقام الطهر والاصطفاء، حتى صارت مثالًا يُضرَب به. بعض النساء لم ينلن «نصيبًا مناسبًا»، لكنهن نِلن ما هو أسمى: الرضا الذي لا تذبل أوراقه.

هكذا نتعلّم من أنفاس الرضا أن السعادة لا تنزل من السماء كالمطر، بل تنبع من الداخل، كنبعٍ استراح بعد عاصفة. إن ذكر الله هو الأكسجين الحقيقي للروح، و«ألا بذكر الله تطمئن القلوب» ليست آية تُقرأ فقط، بل نَفَس يُستنشَق.

ففي عالمٍ يلهث وراء الكمال، نكتشف أن الرضا ليس نهاية الطريق… بل بدايته.

الامام الرضا
فاطمة المعصومة
الدعاء
اهل البيت
السعادة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    المختلف متخلف!

    خبراء يكشفون..رائحة الطعام وحدها قد تساعدك على خسارة الوزن!

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    هل ما زلت تؤمن… أم أنك تؤدي؟

    خمس عادات داوم عليها للحفاظ على شباب دائم

    ميثم التمار وزحام البراءة من الظالمين

    آخر القراءات

    خبراء يكشفون..رائحة الطعام وحدها قد تساعدك على خسارة الوزن!

    النشر : منذ 8 دقيقة
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    ذكريات الوصول

    النشر : الأحد 20 تشرين الاول 2019
    اخر قراءة : منذ 8 ثواني

    وجودك هنا فرصة!

    النشر : السبت 19 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    الإنفاق.. يحقق نهضة إسلامية شاملة

    النشر : الأربعاء 30 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 21 ثانية

    المختلف متخلف!

    النشر : منذ 5 دقيقة
    اخر قراءة : منذ 27 ثانية

    متى ننتهي من الجهل وننتفض على الجهلاء؟

    النشر : الأثنين 08 نيسان 2019
    اخر قراءة : منذ 29 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 523 مشاهدات

    الخروج قبل عرفة: موقف الإمام الحسين بين قداسة المكان وخطر الاستهداف

    • 401 مشاهدات

    خطورة خبراء الحكومات المستبدة

    • 357 مشاهدات

    بين الغدير وعاشوراء.. نُدبة

    • 342 مشاهدات

    الصدقة: بين البعد اللغوي والعمق المفهومي

    • 342 مشاهدات

    وقت الطفل الطويل أمام الشاشة يسبّب له مشاكل عاطفية واجتماعية

    • 329 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3533 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 1222 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1190 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1103 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1067 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 1027 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    المختلف متخلف!
    • منذ 5 دقيقة
    خبراء يكشفون..رائحة الطعام وحدها قد تساعدك على خسارة الوزن!
    • منذ 8 دقيقة
    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟
    • منذ 21 ساعة
    هل ما زلت تؤمن… أم أنك تؤدي؟
    • منذ 21 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة