لقد تحولت النظرة التربوية لمفهوم الذكاء من الذكاء الموحد إلى الذكاء الفردي، حيث أصبح الذكاء يمثل مهارات عقلية يمكن تنميتها من خلال تدريب الفرد عليها من أجل إتقانها والتمكن منها فقد أسهمت العديد من الدراسات العلمية والتربوية التي تناولت تشريح المخ وتحديد الوظائف الأساسية للجانب الأيمن من المخ، والجانب الأيسر منه في تحويل النظرة للذكاء.
إذ أكدت تلك الدراسات على قابلية المخ على التعديل الذاتي من خلال التفاعل البيئي المؤثر، فيتطور وينمو طبقًا للتفاعلات المؤثرة التي تعمل كمثيرات معدلة للاستجابات النابعة من التغيرات البيئية، وعلى هذا فإن الذكاء أصبح بمفهومه الحديث طاقة ديناميكية نامية بعد أن كان قدرة عامة ثابتة وموروثة، وبما أن المجتمع تطور من الاقتصاد المبني على الصناعة، والزراعة إلى المجتمع التكنولوجي، فإن الطلاب الذين يعيشون في المجتمع التكنولوجي في حاجة إلى حاجات تربوية، منها توسيع تعريف الذكاء المبني على القدرات المتنوعة، وإدراجه في تقييم كفاءات الطلبة الذين يدخلون الألفية الجديدة.
أولاً: الذكاء اللغوي (اللفظي)
وهو القدرة على استعمال الكلمات بصورة فاعلة سواء أكان ذلك شفوياً أم كتابياً وينطوي هذا الذكاء بقدرة الفرد على التلاعب بتراكيب الجمل أو تراكيب اللغة والمعاني اللغوية والأبعاد العلمية أو الاستعمالات الواقعية للغة ويظهر ذلك من خلال سهولة التعامل مع اللغة والقراءة والكتابة والتحدث ورواية القصص، صاحب هذا الذكاء اللغوي يبدي سهولة في إنتاج اللغة والإحساس بالفرق بين الكلمات وترتيبها كما أن الفرق في هذا النوع من الذكاء لديه قدرة عالية على تذكر الأسماء والأماكن والتواريخ والأشياء ويظهر بشكل واضح لدى الكتاب والشعراء والخطباء والممثلين.
ثانيا: الذكاء الرياضي (المنطقي)
وهو التعامل معها بفاعلية وكفاية ويشير إلى التفكير العلمي والقـدرة علی الاستدلال الاستقرائي، والاستنباطي، وإن صاحب هذا الذكاء يمتلك القدرة على التفكير بشكل مجرد، ومنطقي ولديه مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات واكتشاف الأشكال والتصنيفات، والعلاقات بين مختلف الأشياء غير المفهومة كما أنه يمتلك القدرة على التخمين، والاستنتاج، وتنظيم الأفكار، والتتابع، كما أنه يتمكن من طرح الأسئلة الواسعة المدى، تحليل الظروف والأحداث، سلوك الأفراد وتقديم البراهين لعمل الأشياء ويظهر بشكل واضح لدى علماء القدرة على استعمال الأرقام بصورة فاعلة والتفكير بطريقة حسنة، أي أنه ذكاء الأرقام، الرياضيات، الإحصاء، المهندسين، مبرمجي الكومبيوتر، المخترعين، والمحاسبين.
ثالثاً: الذكاء المكاني (البصري)
وهو القدرة على إدراك العالم المكاني - البصري بصورة دقيقة، وتصور المكان النسبي للأشياء في الفراغ، تكوين صور، تخیلات عقلية لاستعمالها في حل المشكلات، حيث يوصف بأنه ذكاء الصورة ويتطلب هذا النوع من الذكاء الحساسية للون، الخط، الطبيعة، المجال، المساحة، العلاقات التي توجد بين هذه العناصـر، والذكاء المكاني البصري يتطلب الإحساس البصري بقدر ما يتطلب القدرة على التفكير بالصور، الوعي بالأشكال، الألوان، التركیبات، والنماذج التي تحيط بالفرد وإن صاحب هذا الذكاء لديه القدرة علی التفكير التخيلي العقلي بواسطة الصور، المجسمات، وضع تصورات بصـرية واضحة، العمل بالألغاز، رسم وقراءة الخرائط قراءة دقيقة، تنسيق الألوان، وفن الديكور، المعماريين، الملاحين، الطيارين، أطباء الجراحة، التجميلية خاصة.
رابعاً: الذكاء الحركي (الجسمي)
وهو الخبرة في استعمال جسم الفرد كله للتعبير عن الأفكار، المشاعر، وهو باختصار التآزر بين العقل، الجسد، أيض تأزر أعضاء الجسم فيما بينها، وهذا النوع مـن الذكاء يتحدى الاعتقاد الشائع بأن النشاط الجسمي يعمل بمعزل عن النشاط العقلي، كما أنه من الخطأ الشائع تخصيص هذا النوع من الذكاء للرياضيين فقط، والأمثلة في هذا المجال كثيرة، فالممثل عليه أن يكون بارع بتحریر جسمه ليتلاءم مع الشخصية التي يمثلها، ويتطلب هذا الذكاء المعرفة بالجسم، والقيام بمهارات فيزيقية محددة، كالتوازن، القوة، الإحساس الجسمي بالأشياء، ويتمكن من التقليد، المحاكاة لأي سلوك، يظهر بشكل واضح الدى الممثلين، الجراحين، الرياضيين، الميكـانيكيين، النجارين، النحاتين، والحدادين.
خامسا: الذكاء الموسيقى
وهو القدرة على التعرف على النغمات، الألحان، ويتكون هذا النوع من الذكاء من خلال الحساسية للأصوات، فالاهتمام بالدرجة الأولى في هذا الذكاء بطبقة الصوت، نغمة جرسه، ويلاحظ أن نمو هذا الذكاء يكون مبكرا عن الذكاءات الأخرى، ويستدل کاردنر علی ذلك من وجود الأطفال المعجزة (بيتهوفن، وموزارت)، يتمتع صاحب هذا الذكاء بحساسية مرهفة لأصوات البيئة، التمكن من إنتاج النغمات، التوفيق بينها، يظهر بشكل واضح لدى مؤلفي الألحان، مهندسي الصوت.
سادسا: الذكاء الشخصي الذاتي
وهو معرفة الذات والقدرة على التصرف بصورة تكيفية على أساس من تلك المعرفة، وهو ما عرف بالذكاء الاستنباطي، حيث يقوم على التأمل الدقيق للقدرات الإنسانية وخصائصها، معرفتها ويتضمن الوعي بالمعرفة، وإدراك العالم الداخلي للنفس، يمتلك صاحب هذا الذكاء القدرة على التركیز على الأفكار الداخلية، الوعي بالدوافع، الثقة العالية بالنفس، والعمل بشكل منفرد ويتمكن من القيام بالتأمل التحليلي للنفس، إبداء الآراء والأفكار القوية أثناء المناقشة لقضية جدلية، ويظهر بشكل واضح لدى العلماء، الفلاسفة، والمنظرين.
سابعا: الذكاء الاجتماعي
ضمن الأجواء الاجتماعية، كالتعاون والتنافس کما أن الشخص الذي يمتلك الذكاء الاجتماعي لا يتم تعلمه إلا من خلال التفاعل مع الآخرين، ويمتاز صاحب هذا الذكاء بالحساسية الشديدة تجاه مشاعر الآخرين، وأفكارهم، وهو القدرة على إدراك، تمييز نوايا ودوافع، مشاعر الآخرين، بمعنى آخر القدرة على فهم الأشخاص الآخرين وفهم كيفية تكون العلاقات الاجتماعية، ولدیه مهارات في حل المشكلات بين الأفراد، والقيام بعمل دور الوسيط لتسوية الأمور بين الأطراف المتخالفـة، ويظهر بشكل واضح لدى المدرسين، المرشدين التربويين، الأطباء، السياسيين، رجال الدين.
ثامناً: الذكاء الطبيعي (البيئي)
وهو الخبرة في إدراك وتصنيف الأنواع الحية العديدة (النباتية والحيوانية) في بيئة الفرد، أي أنه الذكاء المرتبط بالبيئة، وأن صاحب هذا النوع من الذكاء لديه القدرة علی التعرف والتمييز، والتصنيف للطبيعة وغير ذلك مما هو موجود في العالم الخارجي، ويظهر بشكل واضح لدى علماء الفلك وعلماء البيئة وعلماء الأحياء.
اضافةتعليق
التعليقات