من أجل أن ينجح أى مشروع، يجب أن تتوافر منظومة لإدارته، عندما يتعلق الأمر بمشروعك للوصول إلى النجاح، يجب أن تتم إدارته بالشكل المناسب، ولا يوجد من هو أنسب منك لإدارة مشروعك هذا.
إدارة الذات هي نشاط إيجابي عليك أن تتحلى بالقدرة على اعتناق هذه الفكرة بشكل أكثر تحمساً من اعتناقك لفكرة التحكم في الذات أو فكرة ضبط الذات.
إن كل شخص هو مدير في قرارة نفسه، وهناك بعض الأشخاص الذين يتمتعون بالمسؤولية المطلوبة لإدارة الآخرين علاوة على إدارة أنفسهم، لكنني أومن بصدق أن القائد أو المدير الناجح يحتاج إلى تمرس القدرة على إدارة الذات قبل إدارة أي شخص آخر.
إننى لا يمكنني التفكير فى أي شخص حقق نجاحاً كبيراً في أي مجال من مجالات الأعمال أو الرياضة أو الترفية أو السياسة وهو لا يتمتع بالقدرة على التحكم بالذات وضبط النفس وإدارة الذات ومن المؤسف أن تجد أن السجون حول العالم مليئة بأشخاص تعوزهم القدرة على التحكم بالذات حيث لم يتمكنوا من مقاومة الإغواء السلبي للعالم من حولهم. ويمكن وصف التحكم في الذات بأنه التحكم فى التفكير، ومن هذا المنظور علينا أن نقترب من الفرص العظيمة التي يمكن لإدارة الذات خلقها لنا بتقدمنا في اتجاه النجاح والسعادة.
تخيل أن برفقتك طوال الوقت شخصين يقدمان لك النصيحة مثل الرؤساء ومقدمي النصيحة في المجال السياسي، فإن هذين الشخصين غير مرئيين ولا يعرفهما أي أحد ، لكنك في نفس الوقت قادر على سماع نصائحهما في كل شيء تنوى القيام به سنسمي هذين الناصحين بـ "السيد ناجح" و" السيد فاشل" الاثنان يعملان على مدار الـ ٢٤ ساعة، وكلما عملا أكثر، أصر كل منهما على اقتراحاته والاثنان قادران على التأثير على كل النتائج والإنجازات في حياتك. اسأل نفسك، إلى نصائح أيهما كنت تستمع طوال حياتك وحتى الآن؟.
تخيل صبيحة يوم بارد فى الشتاء: جرس المنبه يرن، والسيد ناجح دائما يطلق على هذه اللحظة "ساعة الفرص"، لأنها تبشر بيوم جديد من الفرص لتصبح ناجحاً. أما السيد فاشل فما زال يطلق على هذه اللحظة "ساعة التنبيه"، لأنه يخشى من قدوم يوم جديد. السيد ناجح يحفزك بقوله: "رائع، يوم آخر جديد، دعنا نبدأ العمل"، أما السيد فاشل فهو يقول: "ادفن هذا المنبة، امكث في السرير لثلاثة أرباع ساعة زيادة فإن السرير مريح ودافئ وممتع، وأنت لا ترغب حقاً في الخروج مبكراً إلى هذه الدرجة.
الآن، إذا كان السيد فاشل هو المتحكم في حياتك ستمكث بالفعل في السرير، ولن يجدي معك نفعاً تحمس السيد ناجح للإنجاز، ولن يتمكن حتى من الدخول إلى عقلك.
عندما كنت طفلاً حظيت بأم رائعة للغاية وحكيمة إلى درجة لا توصف، وأتذكر عندما كانت تقول لي وأنا في السادسة من عمري إن الشيطان الذي يجري في عروقي هو الذي جعلني أترك المناشف على الأرض بدلاً من تعليقها بعد الانتهاء من الاستحمام، وأن الشيطان هو من جعلني أرمي ملابسي على الأرض بدلاً من طيها ووضعها على الكرسي. كانت معتادة أيضًا أن تقول إنه عندما نشعر بالإغراء للقيام بأي شىء متكاسل أو عديم الاكتراث أو مهدر، يكون الشيطان هو السبب وراء هذا الإغراء. ويمكننا تشبيه السيد فاشل بشيطان طفولتي فهو الذي يحاول دفعي إلى الاتجاه الخاطئ ويمنعني من تحقيق أي أهداف.
في أحد أيام السبت بعد الظهيرة، كنت عند تقاطع شارع "ستار تفورد" مع إيفون، عندما رأيت شابا يلقي ببقايا وجبته من مطعم كنتاكي على قارعة الطريق على الرغم من وجود سلال مهملات ليست ببعيدة عنه. من كان يعمل بداخل عقل هذا الشاب؟ السيد ناجح أم السيد فاشل؟ مع القليل من التحكم في الذات، كان يمكن لهذا الشاب الاستماع إلى السيد ناجح والمشى ١٠ أو ٢٠ خطوة حتى يصل إلى سلة المهملات لكنه استمع إلى السيد فاشل الذي قال له: "إذا كنت انتهيت منها، ألق بها على الأرض، فهذا هو الخيار السهل، لم تشغل بالك؟"، والمرجح أن السيد فاشل يعمل في عقل هذا الشاب منذ سنوات، بينما لم يتمكن السيد ناجح حتى من إلقاء نظرة على عقله.
إذن، كيف يمكننا جعل السيد ناجح هو من يعمل معنا؟ ولا تنس أنه مهما حاولت فلن تتمكن أبدا من فصل السيد فاشل عن العمل فقد حاولت كثيرا لكنه دائما موجود في مرحلة أو أخرى ليعمل على نقاط الضعف بداخلي.
كل ما يمكننا فعله هو محاولة إبقائه في إجازة مرضية.
والطريقة لتطوير قوى السيد ناجح وإصراره وحماسه اللانهائي هي بإعطائه هدفاً قوياً ومحفزاً. ويصبح التحكم في الذات وضبط النفس وإدارة الذات مبادئ تلقائية بداخلنا عندما تكون لدينا أهداف، وإذا كان هذا الهدف واقعيا، أو كان شرعيا وقانونياً، أو كنا نرغب فيه أكثر من أي شيء آخر، فإن عملية التفكير والقوالب السلوكية بداخلنا تبدأ في العمل بشكل تلقائي هي الأخرى.
الآن، دعنا نطور هذه الأفكار ونحولها إلى تصرفات واقعية وعملية، يرجع الكثير من قوة السيد فاشل إلى العادات السيئة ومن أجل تغيير تلك العادات أو التصرفات، ومن أجل تغيير النتيجة لتصبح في صالحنا يجب أن نغير القوالب أو الروتين المسبب لها، إذ يمكنك مثلا أن تفكر في أبسط وأسهل الطرق التي يتبعها المدخن للإقلاع عن التدخين إن المراحل التي يمر بها أبسط مما يمكن تخيله.
المرحلة الأولى
أن تقرر حقا الإقلاع عن التدخين لأنك لن تتمكن من التوقف عن التدخين إن لم ترغب في هذا.
المرحلة الثانية
اكسر النموذج، وغير روتين حياتك، على الرغم من أن الجسم يطلب النيكوتين بالفعل، إلا أن الكثير من التدخين يكون بسبب قالب معين، التدخين بعد احتساء القهوة، أو في وجودك في مقهى، أو قبل محادثة هاتفية مهمة، إذن اجعل الأمر سهلاً: اختر وقتاً يكون روتين حياتك فيه متغيراً بأي حال، على سبيل المثال يمكنك التوقف عن التدخين في عطلة تستغرق أسبوعين بوصولك إلى المطار ستكون هذه هي لفافة التبغ الأخيرة لك، ولأنك غيرت الروتين والقالب السلوكي ولأنك في بيئة جديدة ذات نشاطات جديدة ومواقف مختلفة، سيقل احتياج الجسم للنيكوتين بشكل قوي.
في خلال أول يومين أو ثلاثة، قد تشعر بالتلهف على لفافة تبغ من وقت لآخر لكن الاحتياج الحقيقي لا يدوم أكثر من ١٠ أو ۲۰ ثانية، بعد ذلك يبدأ السيد فاشل بالعمل، فيقول لك: "أحتاج إلى لفافة تبغ". هنا عليك أن تقول لنفسك: "أنا لست مدخنا سيجارة" إن تلك اللهفة أنا لا أحتاج إليها، وهكذا الرغبة بالتدخين تتلاشى بسرعة ومن الطبيعي أن يكون الأمر أكثر صعوبة إذا كنت تختلط بأشخاص يدخنون باستمرار من حولك.
ويحين الاختبار الحقيقي عندما تعود من الإجازة إلى روتين حياتك القديم فبعد أسبوعين بدون تدخين، ستجد أن احتياجك للتدخين اختفى بشكل ملحوظ وستجد أن الإغراء بالتدخين لا يظل لأكثر من ثوان معدودة، إذا وصلت إلى هذه المرحلة تكون قد حطمت الروتين والقوالب السيئة الموجودة في حياتك.
إن أعظم تعريف للغباء هو أن تقوم العام القادم بنفس ما قمت به هذا العام وتتوقع أن تختلف النتائج.
كل شخص منا له نقاط ضعف ونقاط قوة، وأنا مقتنع بأن التحلي بالأمانة المطلوبة والاعتراف بالضعف هو قوة في حد ذاته. ولقد عرفت من الأشخاص الذين يعملون مع مدمني الشراب أن العلاج لا يبدأ بالفعل إلا عندما يصبح الشخص قادراً على الاعتراف بأنه مدمن، إن الأمر يحتاج إلى الشجاعة والقوة ليطلب الإنسان المساعدة، لماذا لا يجب عليك القيام بهذا على أية حال؟
تغيير العادات والسلوكيات السيئة والاعتراف بضعفك هما حجر الأساس لإدارة الذات.
اضافةتعليق
التعليقات