كل الطرق تؤدي إلى كربلاء؛ إلى الحسين؛ إلى رحمة الله الواسعة؛ إلى الجنة.
هو نفس الطريق الذي سلكه عيال الإمام الحسين (عليه السلام) لكنه في وقتين مختلفين في الزمان والأشخاص؛ في ذلك الوقت كانت تسلكه زينب (عليها السلام) مع الأرامل والأيتام يتقدمهم زين العابدين (عليه السلام)؛ أقبلت سلام الله عليها وهي تخبئ تحت عباءتها الطاهرة رأس ريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كانت سلواها به طوال طريق العودة من الشام إلى كربلاء الأحزان بعد فاجعة السبى، واليوم يسلكه كل محبي أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وهم يرددون بكل خطوة (لبيك يا حسين) إجابةً لتلك الصرخة الممتدة عبر العصور والأزمان (ألا من ناصر ينصرنا)، كل بقاع العالم تضج وتشق لها طرقاً من كل حدب وصوب إلى أرض الطف.
في هذا الطريق أو ما يسميه البعض النهر الثالث الذي لا ينقطع مداه ولايشح عطاءه ممتداً من كل أنحاء العالم لا من منبع معين ترى العجب وبالأحرى ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على بالِ إنسان، هنا كل شيء مختلف تماماً؛ كل الحدود تتلاشى وكل القواعد تتغير، في الطبيعة تتفرع مجموعة من الأنهر من منبع واحد وتجري كل واحدة منها في مكان معين مبتعدة عن منبعها إلا هنا القضية مختلفة تماماً فالأنهر البشرية تجري كلٌّ من موقعه لتتجه صوب المنبع وتلتقي جميعها عنده، نعم إنه الحسين، سرٌّ من أسرار الله عز وجل، موحد العالم والديانات والبلدان والشعوب بمختلف جنسياتها وألوانها ولهجاتها ولغاتها لتنادي جميعها بلهجة عراقية بحتة (هلا بزوار أبو علي)، هنا في كل الطرق الممتدة إلى الجنة نرى كل الفئات العمرية تخدم سيد الشهداء (عليه السلام) بإخلاص وتفانٍ حبًّا له ومواساةً لأهل البيت (عليهم السلام) لا طلباً لشيء مادي؛ فهم يبذلون كل ما لديهم من مادة ويعدونها ربحاً عظيماً وتجارةً لن تبور، وبالتأكيد في مثل هكذا شعائر وهكذا تجمعات بشرية هائلة تجد حالات نادرة يلزمنا أن نسلط الضوء عليها لتُخلَّد بخلود مسيرة الأربعين هذه المسيرة المليونية العظيمة؛ وهنا كان لقناة الإمام الحسين (عليه السلام) الفرصة الثمينة والخطوة المباركة في بث برنامجها المميز (الحسين يوحدنا) ليعرض لنا صوراً حيةً لكل صغيرة وكبيرة في هذا الطريق الملكوتي، البرنامج الذي يُبَث للسنة التاسعة على التوالي في الأيام العشرين الأولى من شهر صفر عند الساعة التاسعة مساءً.
وكانت لنا فرصة ذهبية للتحدث مع مُعِد ومقدم البرنامج الاستاذ أحمد السلطاني حيث توجهنا له ببضع أسئلة فتفضَّل مجيباً عليها:
بشرى حياة: متى كانت أول انطلاقة لبرنامج الحسين يوحدنا؟ وما سبب هذه التسمية؟ ومن أين أتت فكرته؟
أحمد السلطاني: انطلاقة البرنامج الأولى كانت عام 2015م في موسمه الأول وفكرة البرنامج في بداياته كانت لرصد أهم الحالات والمشاهد والممارسات الانسانية التي تجري في الشوارع التي يسير فيها زوار أربعينية الامام الحسين (عليه السلام) لمناهضة العنف بكل أنواعه وعن الشخصيات التي تأثرت بالإمام الحسين (عليه السلام) ثم تطورت الفكرة ليصبح نافذة لرصد كل صغيرة وكبيرة في هذه الشوارع ولرصد أهم ما يشغل الرأي العام من صور فوتوغرافية أو مقاطع فيديوية تنشر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
أما تسمية البرنامج فهي شعار لإحدى زيارات أربعينية سيد الشهداء (عليه السلام) أطلقه آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) حين كانت عصابات داعش الارهابية في مواجهة مع القوات المسلحة العراقية ورأيت أن هذا الشعار يجب أن يُستَغَل استغلالاً حقيقيًّا ويكون اسم لبرنامج تلفزيوني يرصد أهم وأكبر تجمع بشري في العالم عابراً للقومية والطائفية والعرقية وكل العناوين الأخرى فزيارة اربعينية سيد الشهداء (عليه السلام) هي من أكبر التجمعات البشرية السنوية التي يتواجد فيها ملايين البشر بمختلف توجهاتهم ودياناتهم وثقافاتهم وجنسياتهم بطريقة عفوية وبدون دعوة رسمية من جهة سياسية أو اجتماعية ويتواجدون بفترة زمنية محددة ويكون همهم الأول هو زيارة الامام الحسين (عليه السلام) والمساهمة والاطلاع على ما يجري في هذه المناسبة.
بشرى حياة: تحدث لنا عن بعض الحالات التي بقيت عالقة في الذاكرة، وهل كانت من بين كل هذه المواد التي عُرِضَت هذا العام والأعوام السابقة حالات نادرة لم تتكرر؟
أحمد السلطاني: أما بخصوص الحالات النادرة فأعتقد أن كل الحالات التي تم رصدها هي حالات نادرة ولا يمكن لها أن تتكرر في أي تجمع بشري آخر خصوصاً بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف اصاباتهم خصوصاً وأن الزائر في هذه الزيارة يأتي سيراً على الأقدام قاطعاً مئات الكيلو مترات، فهناك مسير لفاقدي البصر والمعاقين بمختلف الاعاقات ولعل أهم ما بقي في الذاكرة منهم هو قيام أحد الزائرين بجلب والدته المصابة بالشلل الرباعي على سرير ذات عجلات وسط هذا الزحام قاطعا مئات الكيلو مترات وهو يسير ويقوم بدفع هذا السرير الذي صنع حالة من التعاطف و التفاعل الانساني لكل من يراه ناهيك عن حضور كبار السن من الرجال والنساء والأطفال وهم يقفون في الطرقات ويخدمون زوار سيد الشهداء ومنهم من يأتي سيرا على الأقدام أيضاً ولعل المرحومة أم مزهر كانت من بين المواد المهمة التي عرضت في البرنامج وكثيرة هي المواد النادرة الي تم عرضها من خلال حلقات البرنامج على مدى مواسمه التسعة السابقة.
اضافةتعليق
التعليقات