جمهورية الحروف المتشكلة كلام ومعاني داخل النافذة الصامتة. الرسائل النصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تكشف جزءا كبيرا من الشخصية والمحتوى العقلي، وتعكس الحالات الوجدانية والسلوكية، وربما تفشل محاولات إخفاء هذا الجانب، ولذلك تمنح المتلقي القدرة ولو كانت ضئيلة على تخيل تعابير الوجوه وتلمس المشاعر من سلسة الحروف.
العبارات هي تيار ضوئي يكشف ملامح شخصية من نحاوره، وتفصح المفردات عن مشاعر تبثق المتعة والراحة أو الأفكار والمخيال أو الحزن والضيق.
إن ما يحكمنا في الردود على الرسائل أو الامتناع في العالم الأزرق مجموعة أسباب مثلا سرعة الرد تأتي إما من باب الحب أو العلاقات النفعية أو من باب الاحترام أو الغرابة والمفاجئة، ودواعي الامتناع إما لحماية النفس أو السيطرة على الجموح العاطفي أو خفوة جذوة الاهتمام وموت فكرة القبول واستمرار الانفعالية.
ما تعلمناه من غمار الحياة و الدوائر الكونية (مواقع التواصل)، عندما تحب شخصا تكون متشوقا لمعرفة ما كتبه، وتنخفض اللهفة قليلا مع الأعزاء والأصدقاء، وفي المصالح الشخصية تتساوى السرعة أياً كان من يرسلها الحكم الوحيد حينها هو المنفعة الآتية أو المتوقعة أن تأتي من المرسل، وكذلك يدفعنا باب الاحترام لنسرع بالرد، وهناك شعور المفاجئة والاستغراب لمعرفة ماذا يريد شخص لم يكلمنا منذ فترة طويلة أو شخص لا تربطنا معه مصلحة، أو رسالة من رقم مجهول، أو شخص انقطعت علاقتنا به منذ زمن، أو شخصية مهمة نفاجئ بوجود رسالة منها.
إن انتقاء وترتيب الرد على حسب أهمية المرسل، إذ تتساوى المصالح الشخصية والمشاعر في السرعة والأهمية لدى البشر، وأخالف من يقول المشاعر تدفعنا بقوة أكبر من قوة المصالح.
هذه أكثر الأسباب التي تدفع المتلقي بالرد واختيار المفردات وانتقائها، وهنا المتلقي يشعر بكم كبير من الأهمية أو عدمها، وهي تختلف عن ما نواجهه بالواقع، فإذا واجهك الشخص وجها لوجه تكون مهمة عدم الرد صعبة أو تحتاج سبب وإرادة قوية، أما في الرد الافتراضي فالمهمة أسهل بكثير، وحرية أكبر ومساحة من الوقت لتفكر وتقرر، من هو الذي ترد عليه أو لا ترد.
إن غاب الحب والاحترام والمصلحة والمفاجئة حضرت اللامبالاة وعدم الاهتمام، في الحب تبدأ في اللامبالاة ويتدرج إلى الخنقة والهروب، في المصلحة يكون اللامبالاة بعد انتفاء الأسباب ويصعد لدرجة عدم الأهمية، الاحترام إذا غاب جاءت اللامبالاة والاستصغار أو الاستهزاء، وعدم الاكتراث، كل هذه المشاعر نجسدها في العالم الأزرق.
المتلقي الذي لا يجد رداً، تصله رسالة لا مرئية، رسالة لا تقرأها عينيه ولا تسمعها أذنيه ولكن تقرأها وتفهمها مشاعره وعقله، فهو يترجم ويضع احتمالات واعتقادات ويحلل ويستنتج ويعطي أسباباً لنفسه، ووفقها يتصرف فإما يتجاهل أو يتعامل بالمثل في المفردة والأسلوب أو بطرق أخرى ترضيه.
اضافةتعليق
التعليقات