ليس عيباً أن نفشل طالما أننا نستمر في المحاولة.
كانت هذه الكلمات مبدأ نجاة بلقاسم في الحياة, وبه استعانت في التسلق نحو أهدافها وتحقيق أحلامها , فغدت من راعية للغنم في قرية مغربية فقيرة الى ناشطة حقوقية في مجال وسائل الاعلام حتى وصلت الى مناصب مهمة في الدولة منها وزيرة لحقوق المرأة ومن ثم وزيرة الشباب والرياضة واخيرا وزيرة التعليم , لتصبح أول وأصغر امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ الجمهورية الفرنسية.
وبغض النظر عن اتجاهاتها السياسية وبعض أفكارها ومواقفها السلبية, إلا اننا نقف هنا على بعض مسيرتها من الناحية المهنية وكيف حققت أهدافها بقوة وعزيمة وكيف وصلت الى الوزارة بالرغم من كونها امرأة و من أصول عربية.
و نعرض هنا جزء من حوار لها مع مجلة “نيويورك تايمز” الأمريكية واسعة الانتشار، حيث كشفت الوزيرة الفرنسية ذات الأصول الناظورية نجاة بلقاسم جانباً خفياً من حياتها الشخصية والمتعلقة بفترة الطفولة التي قضتها بالمغرب.
وزيرة التعليم الفرنسية قالت إنها ترعرعت بقرية بني شيكر التابعة لإقليم الناظور، حيث قامت لفترة غير قصيرة برعي ماعز العائلة. وأكدت نجاة أنها تتقن التحدث “بالريفية”، حيث لازالت تستعملها خلال جلساتها العائلية.
وتقول فالو بلقاسم في فترة ترعرعها في فرنسا إنها “شخصياً كانت معرضة للنشأة وسط مشاعر السخط والغضب حيث كانت تعيش على الجانب المهمش والمستبعد من المجتمع الفرنسي”.
وقالت إنها تتذكر أيام طفولتها في بني شيكر، وهي قرية جبلية صغيرة في المغرب، حيث كانت ترعى الغنم وقد تشاهد سيارة واحدة مرة كل شهر. كان والدها يعمل في المعمار بفرنسا، والتحقت هي مع أمها وشقيقتها الكبرى بالوالد عندما كان عمرها 4 سنوات. وقد ولد أشقاؤها الخمسة في فرنسا. ترعرعت فالو بلقاسم في حي فقير بمدينة أبيفيل الواقعة شمال فرنسا، ثم انتقلت إلى مدينة اميان. كان للرجال والنساء في عائلتها أدوار تقليدية: كان الرجال يعملون، وترعى النساء الأطفال في المنازل. وكانت والدتها رغم ذلك تشجع أولادها السبعة على الدراسة، وتشجع الفتيات خصوصاً على الاستقلال المادي عن العائلة.
كان والد فالو بلقاسم صارماً إذ لم يكن يسمح لها بمقابلة الشبان. ومن ثم كانت الكتب هي ملاذها الوحيد، حيث وفرت قلة أنشطة أوقات الفراغ الفرصة للتفوق الدراسي. درست علم الاجتماع ومن ثم التحقت بكلية الحقوق، فشلت مرتين في مسابقة المدرسة الوطنية للادارة و ثم انضمت ل كلية باريس للدراسات السياسية المرموقة – وهو ميدان التدريب الفعلي للنخبة السياسية الفرنسية – وهناك تقابلت مع زوج المستقبل، بوريس فالو، أحد المقربين من الرئيس الفرنسي وقتذاك.
كانت انتخابات عام 2002 نقطة تحول بالنسبة لها. لم تكن لدى أسرتها اهتمامات سياسية قط. ولقد أصابتها لعنة السياسة. وقالت فالو بلقاسم: “كنت خجولة ومتحفظة للغاية، ولذلك كان أمراً يتعارض مع شخصيتي أن أنخرط في العمل السياسي. لكنني قررت أن أعلن التزامي مدى الحياة بمحاربة الظلم الاجتماعي، ومناهضة عدم المساواة،.
سرعان ما ارتقت نجاة السلم السياسي،
تبوأت مناصب عديدة قبل ان تصبح وزيرة حقوق المرأة والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة. و من ثم سميت فالو بلقاسم وزيرة للشباب والرياضة، ثم انتقلت في غشت إلى منصب وزيرة التعليم، وهو منصب رفيع المستوى تولته قبلها شخصيات بارزة.
لم يرحب الجميع في فرنسا بصعودها الصاروخي في عالم السياسة فقد وجه المسلمون في فرنسا الانتقادات اليها وبأنها علمانية لكنها نفت بشدة وتقول بلقاسم إنها “خففت من القيود المفروضة على الأمهات المسلمات المرتديات للحجاب خلال الأنشطة المدرسية، مثل الرحلات الميدانية”.
كما هوجمت فالو بلقاسم من قبل وسائل الإعلام المحافظة، حيث وصفوها بـ”آية الله”، ورأوا أن تعيينها في منصبها الجديد يعد بمثابة “استفزاز” وسط توقعات من جانبهم أنها تسعى لأسلمة المدارس الفرنسية.
وفي خضم هذا انتقدت نجاة الاهانات العنصرية التي وجهتها اليها وسائل اعلام فرنسية عقب تصريحات لها دعت فيها الى احترام خلفيتها الدينية والعرقية.
وفي الوقت الذي تعترف فيه فالو بلقاسم أن مسارها يبدو غير اعتيادي بالنسبة لكونها من المهاجرين إلى فرنسا، إلا أنها تشجع باقي الأطفال المهاجرين على عدم التخلي عن أحلامهم.
وأخيرا تقول لقد كانت أمي تقول لي : لا تقلقي , إن بالحياة خيالا وأحلاما أكبر مما تتصورين.
وهذا ماحصل لها في نهاية المطاف, فهل كان يجول في خلد تلك الراعية للغنم أن تكون في يوم ما وزيرة في احدى أكبر الدول؟!
صدق من قال من جد وجد , ومن سار على الدرب وصل.
اضافةتعليق
التعليقات