من المألوف جداً ان نشاهد العديد من المتسولين منتشرين بصورة واخرى بين منعطفات الطرق والاماكن المزدحمة، ولكن ان نشاهد متسولين في المواقع الوهمية، فهذه ظاهرة جديدة إنتشرت بصورة كبيرة مع بداية العولمة وعالم الإنترنيت الجديد.
ولكن ما يميز المتسول الإلكتروني عن المتسول التقليدي هو ان المتسول مجهول الهوية، بلا إسم ولا عنوان ولا مكانة إجتماعية.
فمنذ سنوات عديدة نشاهد توسع هذا النوع من الظاهرة، عن طريق الرسائل التي تصل الى البريد الالكتروني لفتح ودعم مشاريع معينة، كما بدأت بعض المنظمات الخيرية الغير ربحية، بالإنتقال من إستخدام البريد الالكتروني العادي الى مواقع وخدمات الويب من أجل توسعة المشاريع الخيرية.
وتطور هذا الموضوع في نهاية التسعينات مع تطور الانترنيت، فنشاهد إنتشار الرسائل في مختلف المواقع التواصل الاجتماعي كالتويتر والفيسبوك...الخ، تتضمن شرح مبسط لحالة المحتاج وظرفه الصعب بحجة العلاج من السرطان أو دفع أقساط الفواتير الطبية او حتى الخضوع الى عمليات التجميل، إضافة الى رقم حساب يتم تحويل المبلغ المادي اليه حتى وان كان على بعد قارات.
(بعد يونيو 2002 اكتسب التسول عبر الإنترنت سمعة سيئة، حيث ظهر أكبر موقع للتسول على يد كارين بوسناك التي كتبت في موقعها "كل ما أحتاجه هو دولار واحد من عشرين ألف شخص، أو دولاران من عشرة آلاف، أو خمسة دولارات من أربعة آلاف شخص!". قد يبدو أن كارين بحاجة إلى هذا المبلغ لإجراء عملية جراحية لوالدتها المريضة، أو لإصلاح منزلها الآيل للسقوط، لكن الأمر ليس كذلك، فهذا المبلغ هو دين تورطت فيه كارين نتيجة لاندفاعها المحموم للشراء من المحلات بواسطة بطاقة الائتمان، ورفضها إعادة ما اشترته! وهكذا اتجهت كارين إلى تسول هذا المبلغ عبر الإنترنت. تلقت كارين تبرعات قيمتها 13.323 دولارا! بإضافة إلى 4.340 دولارا من موقع ايباي نظير وضع اللوجو الخاص بموقعها على بعض المنتجات، والباقي أكملته بنفسها، وأوفت الدين بالكامل).
ومن هنا اخذ التسول منحى آخر، نستطيع ان نقول بأن هنالك مافيات وعصابات الكترونية تحاول الاستجداء من خلف الشاشات لتحصل على الوف الدولارات دون اي تعب او جهد عن طريق خلق اكاذيب مزركشة ورسائل مؤثرة تهز عاطفة الانسان بأي طريقة.
والى هذا اليوم لم تفرض الحكومة اي عقوبات تردع هذه الظاهرة وتقلل من إنتشارها، ولكن دولة واحدة وهي المكسيك، فرضت على المتسول إظهار هويته الشخصية حتى لا يكون الناس مصيدة لهذه الاكاذيب.
ولو سعت كل دولة في إنشاء مؤسسات حكومية وأهلية، تتبنى حالات الفقر والتشرد الحاصلة في المجتمع وكافحت موضوع البطالة عند الشباب ورفعت من المستوى المعيشي للمواطن لقللت من ظاهرة التسول، وإنقرضت هذه الحالة بالتدريج.. ولم يحترق الاخضر مع اليابس ولم يضع الحق مع الباطل.
اضافةتعليق
التعليقات