أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية ملتقاها الثقافي تحت عنوان: (اليقين المهدوي في عصر الاضطراب العالمي) باستضافة الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يوم الخميس المصادف 15 شعبان يوم ولادة الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) الموافق 9/4/2020 م، الساعة التاسعة مساءً.
ففي ظل الظروف الراهنة التي طالت جميع العالم بانتشار فايروس جعل الخوف يدب في نفوسهم وأجلسهم في بيوتهم، حوّلت الجمعية ملتقاها الثقافي إلكترونياً ومن خلال وسائل التواصل الالكتروني كي لا تغيب الفائدة ولا تنقطع، وكان التفاعل والمتابعة من قبل المشاركات جيد جداً.
تكمن أهمية اقامة مثل هذه الملتقيات التي تساعد على طرح الأفكار ومناقشتها ونضوجها ومشاركتها إذ لكل زمن آلياته ومستلزماته لتلائم ذلك العصر، وإننا نعيش في هذا الزمن الذي تعتبر أسلحة الأفكار هي الأبرز والأهم إضافة إلى أن من أهم خاصيتها الخفية واللامرئية، كي يتمكنوا من السيطرة والهيمنة.
حضر الملتقى ثلة من الكاتبات والناشطات وطرح عليهن السؤالين التاليين:
1- ماهي الأسباب التي تجعل العالم يعيش حالة الاضطراب والشك في الحاضر والمستقبل؟
2- كيف يمكن لليقين المهدوي أن يبني عصر السلام والاطمئنان والاستقرار المعنوي والنفسي والعقائدي؟
القلق الوجودي في عصر الاضطراب العالمي
ابتدأ الشيخ مرتضى حديثه قائلاً:
ما المقصود بقضية اليقين المهدوي؟
تلاحظون اليوم خصوصاً مع ظهور الفيروس الذي شمل كل البشرية، هناك ظهور لحالة من الاضطراب والقلق الوجودي عند الناس، أخذوا يشعرون أن لا مستقبل لهم، هناك غموض في المستقبل، ماذا سيحصل؟
هناك خوف وهلع من هذا الفيروس الصغير الذي لا يُرى وكيف استطاع أن يهز البشرية بأجمعها مع كل ما تملكه من تقدم علمي وتكنولوجي وصحي وامكانات هائلة من الأموال، الطائرات، والأسلحة لكن لم يستطيعوا أن يقفوا أمامه، هذا الفيروس كشف عن قلق وجودي يعيشه البشر..
وحديثنا اليوم هو كيف نستطيع باليقين المهدوي أن نواجه هذا الخطر الوجودي الذي يعيشه الناس وكيف يمكن أن نقرأ المستقبل من خلال اليقين المهدوي والظهور المبارك في هذه القضية..
نحاول أن نسلط الضوء على عصر الاضطراب والشك، ففي الفترة الأخيرة طرح بعض المفكرين الغربيين قضية تسمى عدم اليقين، قبل سنتين قرأت مقالات عن الموضوع وخصوصاً لمفكرين اقتصاديين..
يسير العالم نحو المستقبل بعدم اليقين بمعنى حالة من الشك والضبابية والغموض، لماذا؟ لأن الغرب رغم تقدمه لم يوجد لديهم ذلك الاستقرار والتطور الثابت الذي يسير بهم نحو الإمام.
نعم أوجد لديهم حالة من التطور والتضخم المادي الكبير، لكن لم يوجد ذلك الاستقرار النفسي والعقائدي والاجتماعي والمعنوي في داخلهم، فالطفرة حدثت في التقدم المادي والتكنولوجي والاستهلاكي، ولم يرافقه تقدم معنوي، أخلاقي، اجتماعي، بل أصبح اضمحلال أكبر في الجانب المعنوي مع تضخم الجانب المادي.
نضرب مثال لذلك: لو إن شخصاً كان رأسه صغير جداً وجسمه كبير، في هذه الحالة يكون مشوها.
واليوم الحضارة العالمية حضارة مشوهة، لأنها تعيش تضخما ماديا كبيرا مع اضمحلال معنوي وأخلاقي وعقائدي كبير جداً، وهذا معنى الانحلال والشك..
إذن كيف وصل العالم إلى هذه المرحلة حيث هناك تشوه حضاري كبير، تقدم مادي هائل، واضمحلال معنوي وأخلاقي وعقائدي هائل..
بعد ظهور الثورة الصناعية تكلموا عن الحداثة، ومن ثم أعلنوا التخلي عن الدين وعن الأديان وتكلموا حول التخلي عن الله.
ثم ظهر عصر جديد تحدث عنه الفلاسفة أسموه عصر مابعد الحداثة، وأعلنوا فيه موت الإله وظهور الإنسان السوبرمان الأعلى وإن الإنسان لا يحتاج إلى الله كما يقولون، بل هُو الإنسان بوجوده، بقدرته، وذاته يخلق من نفسه ذاتية يستطيع من خلالها أن يفعل كل شيء ويسيطر على كل شيء وتحدث آخرون وأسسوا مدرسة التفكيك وتعني تفكيك كل القيم والأديان والمنظومات الإنسانية الموجودة وتهديمها تهديماً كاملا. فالإنسان هو الذي يؤسس بنفسه فليس هناك حقيقة مطلقة بل هي كما يدعون حقيقة نسبية وكل إنسان هو مؤسس لحقيقته الذاتية في الحياة.
عندما تلاحظون هذه المنظومة من التفكير ماذا يأتي في ذهنكم؟ هل بقى شيء للإنسان من قيم من فطرة من حقائق دينية أو إيمانية أو اخلاقية؟ لم يبقَ شيء بل كان الدخول في عالم اللاشيء واللامعنى بمحاولتهم تأسيس دين أو أديان أخرى خاصة بهم..
هذا التقدم الحضاري الغربي الذي يقوده الغرب قاد إلى مجموعة من النتائج هم أعلنوا إنهاء الأساطير كما يسمونها لكنهم هم أسسوا مجموعة من الأوهام والاساطير وانتهى الوضع إلى الحرب العالمية الأولى بفضل هذه الأفكار الفلسفية والحرب العالمية الثانية وصعود الماركسية والشيوعية وأدى ذلك إلى موت الملايين في ألمانيا وفي أوربا وفي الصين والاتحاد السوفيتي بسبب هذه الأفكار التي يدعون بها انها حتميات، حتمية الماركسية، حتمية الليبرالية، حتمية الرأسمالية، لكنهم بكل هذا خلقوا وحوشاً جديدة أخذت تحكم العالم، وحوشا بلا مبادئ بلا أخلاق بلا يقين، تعيش على رمال متحركة، شك وريب، والنتيجة نرى في كثير من الأحيان الانحلال الأخلاقي..
فكانت نهاية الإنسان الذي أصبح في كثير من الدول بلا أخلاق، بلا وجود قاعدة أخلاقية يسير عليها، انفلات، انحلال، سير نحو الشك، وكما أسموه العدمية، لا شيء فقط أنا موجود، أنا أعيش، أنا آكُل، أنا اشرب، أنا أتلذذ، أنا أتمتع، وليس هناك شيء خلف هذا الشيء.
بالنتيجة يعني هذا التفكير العدمي، عدم وجود تفكير بالمستقبل يؤدي إلى كوارث كبيرة، ويخلق أنانية واستحواذ وبالنتيجة إلغاء الآخرين، وانفلات أخلاقي كما نلاحظه اليوم. تعرفون إنه مع سقوط الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة أعلن عالم اجتماع أمريكي نهاية التاريخ وانتصار الليبرالية، ولكن الذي حصل إن هذه النظرية نظرية فاشلة جداً أدت إلى كارثة الأزمة المالية العالمية، وكما أسموها العولمة لكن الليبرالية والعولمة خدمت الأغنياء وأضرت بالفقراء، فأصبح في العالم قلة قليلة جداً من الناس أغنياء جدًا والآخرين فقراء، (هناك إحصائية حول عدد الأغنياء الأشد غنى هم 1% والبعض الآخر يقول هم 1 بالمئة من واحد بالمئة وقد أحصيت عددهم تقريبا يصبح عدد 700 ألف شخص بل أقل من ذلك) وهذه هي قضية التفاوت تفاوت كبير بين الاغنياء والفقراء. (وعندما انتشر فيروس كورونا أخذ هؤلاء الأغنياء كل واحد منهم جزيرة واعتزل الناس وتركو الفقراء بلا عمل ووظيفة فكيف يعيشون يستطيع هؤلاء الفقراء أن يعيشوا حياتهم اليومية).
اليأس العدمي
قال الله سبحانه في كتابه الكريم: (إِنَّ الإنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)، الإنسان بطبيعته يكون حريصا والحرص الذي لديه يظهر عندما يواجه الشر والخير، فعندما يمسه الخير يمتنع عن إبداء المساعدة للآخرين، وعندما يمسه الشر تراه جزوعا يائساً عدمياً.
فالبعض عندما كان يتنعم في الخير، يعيش في بيته الخاص، يأكل أكله الخاص، لا يساهم اجتماعيا، لا يعمل، لا يتعاون، لا يتكافل، والآن عند حالة مرض كورونا تراه قلقا يائساً عدمياً خائفاً من المستقبل..
هذه الآية القرآنية تعبر عن حالة القلق الوجودي الذي يعيشه الإنسان في هذه الحياة، لافتقاده لليقين والإيمان والاطمئنان لذلك تقول الآية القرآنية: "إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ"، هؤلاء الذين لديهم ارتباط بالله سبحانه وتعالى، والذين يبادرون للانفاق والتعاون والتكافل، والذين يملكون اليقين العقائدي الإيماني الذي يجعلهم أقوياء في مواجهة هذه الهزات التي تواجههم سواء كانت هزات في حالة العسر أو موجات في حالة الرخاء، لا يطغون إنما يكون هذا الإنسان معطاء يعيش حالة اليقين المهدوي..
المشكلة التي نعيشها اليوم هي العدمية والعبث واللامبالاة، يائسين من كل شيء، لا نمتلك روح التوكل روح الايجابية، روح العمل، روح التعاون مع الآخرين، بل هناك نوع من التعصب والاستبداد والانكفاء والانعزال والذهاب نحو المشاريع الخاصة، بعيد عن المسؤولية الدينية أو الاجتماعية، حيث نعيش حياتنا عبثاً في عالم الاستهلاك واللامبالاة وعدم الاهتمام، وكأن الأمور ليست من مسؤوليتنا هذا الذي نلاحظه. كلنا نعيش هذه الحالة مع الأسف الشديد الحالة العدمية.
الحالة العدمية هي حالة من فقدان الإرادة وفقدان القدرة والعيش في حالة من القدرية والجبرية والاستلاب الذاتي عن قدرة الإنسان على أن لا يؤدي مسؤولياته.
مشكلة نفسية يعيشها اليوم بعض الناس، ما الفائدة من القيام بهذا العمل؟ ما الفائدة من العمل الثقافي؟ ما الفائدة من الندوات والاجتماعات؟ لاتوجد فائدة فكل ذلك لا ينفع. هذه هي الحالة العدمية اليائسة التي تبعث في الآخرين التحبيط والاحباط والتثبيط.
اليقين المهدوي هو المسؤولية
اليقين المهدوي نقيض للعدمية نقيض للعبث نقيض للامبالاة، اليقين المهدوي هو المسؤولية وحرية الإرادة والتوكل والعمل الايجابي والسعي الحثيث من أجل بناء القاعدة الأساسية لظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).
يقول تعالى في كتابه الكريم (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)، هناك هدف في الحياة ومخطط من أجل التكامل البشري والذهاب نحو المستقبل، وهذا معنى اليقين المهدوي إن هناك هدفية في الحياة فلا بد أن نبني الهدفية، أن نبني حاضراً قويا نعيش فيه اليقين. اليقين الكامل حتى نصنع الحاضر والمستقبل ونستطيع الوصول للإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
وفي الآية القرآنية: "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"، الوراثة الحقيقية هي الوراثة التي تعطينا الهدفية نحو بناء المستقبل من خلال العمل والسعي نحو اليقين المهدوي، هذا ما نقصده بالنتيجة فالنهاية نصل إليها من خلال الهدفية ووراثة الأرض بالسير خلف منهج الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).
في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليلة المعراج، قال الله تعالى: (وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرئ به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله جل وعز: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظهر الجهل، وكثر القرّاء، وقلّ العمل، وكثر القتل، وقلّ الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، وحلّيت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمّتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الأمراء كفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة)..
(هذا الحديث يعبر مايجري اليوم من الفوضى والاضطراب الثقافي والفكري والاخلاقي، واليقين هو في مقابل الانحراف ففي سورة الفاتحة (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
المقصود ليس العلم التكنولوجي فقط إنما العلم المعنوي والعلم العقائدي لذلك نلاحظ الجهل يتفشى ويظهر ويسيطر على العلم الحقيقي.
الحديث يعبر عن ما يجري اليوم من الفوضى والاضطراب الأخلاقي والثقافي والفكري الذي نراه اليوم، أسوأ شيء في مقابل اليقين هو الانحراف، وهذا الانحراف يخل بالتوازن هذا اليوم.
اليقين المهدوي وارجاع التوازن
اليقين المهدوي هو مشروع من أجل إرجاع التوازن إلى الكون والبشرية، فالبشرية التي انحرفت عن الطريق الإلهي وعن طريق الاستقامة ووقعت في الضلال "ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة"، الضلالة المحيرة التي فيها ريب وشك واختلال، تجعل الناس يعيشون حالة من العدمية واليأس والغموض في حاضرهم ومستقبلهم.
الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) يظهر من أجل إعادة توازن البشر، التوازن المادي والمعنوي التوازن بكافة السلوكيات عند الناس بين الفكر والمادة فيعيش الناس حياة معتدلة وإنسانية وليست حيوانية فالكون كله يقوم على التوازن.
اليقين العقائدي
وكي نصل لليقين المهدوي لابد أن نصل لليقين العقائدي، أن نعرف أصول الدين ونعمل بها (التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد) من خلال تكامل الأصول العقائدية تخلق البنية الأساسية للإنسان في العمل والحياة والتفكير، فكيف يمكن لإنسان ملحد أن يعيش بلا ايمان أو أن يكون مؤمنا بلا شيء؟! كيف يستطيع أن يبقى هائماً لا يملك شيء. فالله موجود في فطرتنا وفي ضمائرنا، لذلك الإيمان بالله تعالى أساس ثباتنا وقدرتنا على التوازن في الحياة.
كما لا يمكن لنا أن نعيش بلاعدل وعدالة، العدل الإلهي أساس التعامل ما بين البشر، الظلم قبيح والعدل حسن، وكل ما نراه اليوم من عالم المشكلات والكوارث أحد أسبابه الرئيسية غياب العدالة بين البشر فتطغى سلوكيات الاستبداد والطغيان والتعذيب والقمع وينتج عالما مظلما.
ويكون اليقين العقائدي بالأنبياء والحجج وهم المرشد والنموذج الذي يعطينا كيف نفهم العالم، وهل يمكن أن نعيش بلا نموذج، وآمن الناس بالرسول (صلى الله عليه وآله) لأنهم رأوا نموذج الصدق والأمانة، وكذلك الائمة (عليهم السلام) لأنهم رأوا فيهم نموذج من العمل الصالح وقمة الاخلاق والمعرفة والعلم فانهم حجة يشهدون على البشرية، فأحد الدلائل عندما يظهر الامام الحجة هو النموذج لأنه يأتي بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا مايسمى في المنطق بالدليل الإني وهو اثبات الشيء من المعلول الى العلة، لذا وجود النموذج هو الأساس في سبيل بناء النموذج العقائدي.
المعاد والجزاء الأخروي هل يمكن الانسان يفلت من العقاب لايمكن ذلك اذ ان جزاء الاحسان هو الثواب وجزاء الاساءة هو العقاب وهذه قاعدة من قواعد الكون وهي عدم الإفلات من العقاب، وهذا هو قمة اليقين وكثير من الناس يقومون بالمساوئ لعدم ايمانهم بالحياة الآخرة، ولكن اليقين العقائدي والايمان بالآخرة يجعل حالة مستقرة في الحياة إذ ان هناك خوف وتقوى وورع.
اليقين النفسي
كذلك هناك بناء لليقين النفسي فاليقين المهدوي يؤدي إلى اليقين النفسي، يخرجنا من القلق لأنه يعلمنا الانتظار ويعلمنا الصبر والتقوى والورع، كل هذا يؤدي إلى بناء نفس قوية قادرة على مواجهة الحياة ومشاكلها، لذلك نلاحظ في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): وإن من دينهم (أي دين الأئمة): (الورع والعفة والصدق والصلاح والاستقامة والاجتهاد وأداء الأمانة إلى البر والفاجر وطول السجود وصيام النهار وقيام الليل وانتظار الفرج بالصبر)، الصبر في مقابل الجزع كما في الآية القرآنية لذلك الصبر يبني اليقين النفسي عند الإنسان.
في الحديث "من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق" لذلك اليقين المهدوي يؤدي لليقين النفسي ويؤسس لنا حياة هادئة مطمئنة متوازنة، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) والاطمئنان النفسي نعمة كبيرة للإنسان.
اليقين الاخلاقي
كذلك اليقين المهدوي يُعلمنا اليقين الأخلاقي، يُعلمنا الصدق، الأمانة، الورع، التقوى، عدم الكذب، الإنصاف، الايثار والعطاء، الإبتعاد عن الرذائل والتمسك بالفضائل، لذلك نستطيع القول بأن اليقين الأخلاقي يقودنا نحو اليقين المهدوي وكذلك اليقين المهدوي يقودنا نحو اليقين الأخلاقي، فبالأخلاق نستطيع أن نبني حياة سليمة صحيحة، كيف يمكن أن يعيش الإنسان حياته بالكذب، حيث أن الصدق والأمانة هي بناء للإنسان ولشخصيته واعتباره.
اليقين الاجتماعي
كذلك يقودنا اليقين المهدوي إلى اليقين الاجتماعي وهو بناء الوحدة الإجتماعية فكم نعيش اليوم من مشاكل وأزمات وانشطارات اجتماعية وخلافات أسرية، لأننا لا نملك اليقين المهدوي، فاليقين المهدوي يفرض علينا أن نبني وحدة اجتماعية، أن نبني اتحاد اجتماعي، نبني ألفة ومحبة بيننا، التكافل، التعاون، عدم التفرقة، عدم النزاع، فاليوم تترسخ الانشطارات الاجتماعية بسبب التهمة الغيبة وسوء الظن وعدم الانصاف.
عن الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) قال: (لَوْ أَنَّ أَشْياعَنا وَفَّقَهُمُ اللّهُ لِطاعَتِهِ عَلَى اجْتِماعٍ مِنَ الْقُلُوبِ في الْوَفاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ لَما تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الُيمْنُ بِلِقائِنا، وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعادَةُ بِمُشاهَدَتِنا). اجتماع القلوب، الوحدة والمحبة والالتزام بالعهود الاجتماعية والأمانة الاجتماعية كلها تؤدي إلى اليقين المهدوي والطريق نحو الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).
وفي حديث مروي عن أمير المؤمنين قال: قلت: يا رسول الله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول الله: لا بل منا، يختم الله به الدين، كما فتح بنا وبنا ينقذون من الفتن كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا، كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم.
لابد أن نبحث عن اليقين المهدوي من خلال ائتلافنا الاجتماعي ووحدتنا الاجتماعية ومحبتنا فيما بيننا.
اليقين العقلي
لايمكن اليوم للإنسان الجاهل أن يكون من أصحاب اليقين المهدوي، فاليقين المهدوي يأتي من خلال العلم، المعرفة، والتراكم المعرفي، الإمام المهدي يحتاج إلى ناس عقلاء، ناضجين..
فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم.
وفي توقيع مروي: قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة...
هؤلاء هم الذين يعبدون الله على حرف ودينهم يكون قشريا وليس لديهم عمق عقلي كي يمكن باستطاعتهم إدراك عظمة قيمة أهل البيت والامام المهدي (عليهم السلام).
اليقين الحضاري
وكذلك اليقين الحضاري فالإمام عندما يظهر يأتي بحضارة جديدة تختلف عن كل هذا العالم، لأن حضارته متوازنة ناضجة عقلانية قائمة على التوازن بين المادة والمعنى، بين المظهر والجوهر..
اليقين الحضاري في حضارة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هي حضارة أخلاقية معنوية إنسانية، تعطي للإنسان الأولوية ومن ثم التقدم العلمي والتكنولوجي في حضارة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، هي إكمال الحضارة المعنوية والتقدم المعنوي عند البشر فالمعنى والأخلاق والجوهر في حضارة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) أقوى، (عن الامام الباقر (عليه السلام) في سيرة القائم (عليه السلام): يقوم بأمر جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد).
عن الإمام الصادق (عليه السلام) في جواب من سأل عن سيرة الإمام (عجل الله فرجه)؟ قال يصنع ما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويهدم ماكان قبله من الجاهلية، سوف يظهر الإمام بيقين مهدوي يهدم حضارة الشك والارتياب والعدمية واليأس ويبني حضارة قائمة على المعرفة والعلم واليقين الأخلاقي والإيمان بالإنسان كما خلقه تعالى في أحسن تقويم. وهذا هو طريق اليقين المهدوي لحياة بشرية قائمة على اليقين والاستقرار والاطمئنان.
المداخلات:
قالت فاطمة الركابي/ كاتبة:
نحتاج أن نقسم المجتمع الانساني العالمي إلى ثلاث مستويات في تعايشه مع الشك والاضطراب:
المستوى الاول: الذين هم ليسوا موحدين هؤلاء أسباب بقائهم مضطربين هو إنهم قطعوا صلتهم بالمصدر الحقيقي لبلوغ الاطمئنان وهو تعالى سبحانه والوسائط الالهية من الحجج السماوية (الأنبياء والأوصياء من الأئمة).
والسبب الآخر هو تأطير وجودهم بعالم الحياة الدنيا، وعدم الايمان بالجانب الغيبي، فلم يتحققوا ولم يبحثوا عن غاية وجودهم وما هو مصيرهم بعد هذه الحياة ليصلوا لليقين، هل هم يسيرون نحو كمالهم أم لا؟ مما جعلهم يعيشون وَهم بلوغ اليقين!!
والمستوى الثاني: الموحدون، لديهم يقين وإيمان بالغيب لكنه سطحي، وعادة يتولد فيهم لكونهم من بيئة مسلمة وأبوين مسلمين، هنا درجة معرفتهم ليست بالمستوى الذي يجعلهم أصحاب إيمان فعال يوصل للإطمئنان واليقين الموجب للسلام الداخلي، وذلك عن طريق المعرفة العقلية والوجدانية لحقيقة وجوداتهم التي كما لها ارتباط بالدنيا لها ارتباط بالغيب، ومعرفة طبيعة الحياة الدنيا، والسنن الالهية التي تحكم هذا الكون.
وهناك القسم الثالث وهم القلة الذين انتفعوا من نعمة الهداية والايمان، فبحثوا وعاشوا وتعايشوا معها، حتى وصلوا لمعرفة تكليفهم وغاية وجودهم وما هو مآلهم، هؤلاء ملكوا البصيرة التي جعلتهم يعيشون الاطمئنان واليقين من إن لكل شيء حكمة، وإن الحكيم لا يصدر منه إلا كل خير وجميل.
وأما السؤال الثاني: في حدود فهمي من خلال نقطتين:
اولاً: بالاعتقاد الراسخ إن الامام هو مظهر تجلي لصفات وأفعال الخالق جل وعلا في أرضه، لذا فالذي يوجد في نفسه التسليم والطاعة للخالق، انعكاس ذلك سيكون في تعامله مع خليفة الله في أرضه، الذي هو مظهر رحمته الواسعة، وبالنتيجة في معرفة ضرورة وجود الحجة، وانتفاء خلو الأرض منه.
وهذا يتحقق كلما كانت فطرة الانسان سليمة، خالي من التعصب والعناد لما يحمله من معتقدات موروثة، وبالبحث عن الحقيقة حتى بلوغ اليقين.
ثانياً: الشك والخوف يتولد عادة من عدم الشعور بوجود ركن وثيق يمكن للانسان أن يستند عليه، ويكون تحت حمايته. لذا فالايمان بأن حاكمية الامام (عجل الله فرجه) وولايته هي ذاتها في غيبته وظهوره، هذا يعطي ثبات وقوة في النفس للمؤمنين به.
فلا يولد غياب شخص الامام عن المجتمع تصور أن الخليقة بلا راعي ووالي بل هو مصدر قوة المؤمنين به، حافظهم والمحيط بشؤونهم، والدافع للبلاءات عنهم، ولكن ليس بالشكل الذي يتصوره البعض وهو الفعل الاعجاز انما وفق الاسباب الطبيعية.
فلابد من حصول موازنة في اليقين بين قدرة الامام الغيبية التامة، وبين التسليم لحكمته في إدارة شؤون هذا العالم.
قالت رقية تاج/ مديرة تحرير:
١. واحدة من الأسباب.. هي قلة الايمان وضعف الثقة بالنفس..
ومن ذلك يتولد القلق ومايتمخض عنه من اضطراب وشك في الماضي والمستقبل، وأيضاً مايولد الاضطراب والشك هو سوء القيادات على طول التاريخ وإلى يومنا هذا.
٢. اليقين يأتي من التأكد من الشيء مئة بالمئة، ومن يملك عقيدة بالإمام المهدي فسيكون لديه يقين بظهوره مهما اشتدت الظلمات، وأيضا مايولد اليقين هو الأمل، لولا الأمل لما ارضعت أم ولدا ولا غرس غارس شجرا.
وهذا الأمل بقرب الفرج وظهور المنقذ هو ما يصبّر الانسان نفسه به فتستقر وتطمئن وتستكين..
قالت زينب صاحب/ مديرة جمعية المودة والازدهار:
هناك عدة أسباب منها:
- هيمنة الحالة المادية القصوى على العالم والتي أدّت إلى ضحولة وضمور المعنى من النفوس. إضافة الى نكران وفقدان المعنى وفصله عن الحياة اليومية.
- الأنانية التي باتت مهيمنة على الجميع سواء كانت حكومات أو أفراد والتي لايهمها سوى المصلحة الشخصية والتي كانت الحروب والنزاعات في العديد من الدول هي من مخرجاتها.
- الخروج عن المسير الصحيح والهدف السامي الذي خلقه الله تعالى له، تشجيع المثلية والعلاقات بين الجنسين خارج الزواج يعتبر مثال واضح، (فمن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
قالت جنان آل ماجد/ مديرة مركز الدراسات الاستراتيجية:
البعد عن الله سبحانه وتعالى هو أهم الاسباب لحالة الاضطراب والشك.. بينما القرب منه جل وعلا يشعر العبد بمنتهى الطمأنينة والعزة كيف لا وهو أقدر القادرين ومالك الملوك وجبار الجبابرة.
قالت العلوية سكينة الموسوي/ خطيبة واعلامية:
الحاجة إلى المنقذ هي فطرة مستودعة في جبلة الانسان، وهي عقيدة تجعل الفرد يشعر بالأمل وبالراحة النفسية وهي حالة من السلام الباطني التي ترسم نهاية لمعاناة الفرد والأمة، بأن هناك نهاية جميلة تنتظرنا..
هذا الفهم بحد ذاته كفيل بأن يجعل المهدوية عقيدة جميلة في عيون الأجيال، بمقدار ما سمعنا بالأخبار السيئة والحروب الطاحنة والفقر والظلم... الخ، بمقدار ما نحتاج إلى إحساس يجعلنا نتطلع إلى مستقبل مشرق وزاهر، وعليه نجد هذه الفطرة والعقيدة لا تنفك عن البشرية بمختلف ثقافاتها وأديانها..
حتى في الأفلام السينمائية نلاحظ رسائل ضمنية تتحدث عن (المنقذ) أو (المخلص العالمي)، يأتي لإنقاذ البشرية من القتل والدمار والخوف والجوع، جسدوها من خلال شخصية ـ (سوبر مان)، شخصيات أخرى مثل (بات مان) و (سبايدر مان) شخصيات وهمية لكنها تعكس فكرة عالمية وهي المخلص.
شخصيات دخلت لمجال السينما تحكي موضوعاً واحداً بدراما مغايرة، شخصية متخفية متنكرة تظهر لمساعدة الناس...
في البداية كانت الأفلام تتناول شخصية ذات طباع جيدة وسمعة عالية ومحبوبة بين الناس، لكنّ هذا الأمر لم يبقَ على حاله!، فقد تبدّلت هذه الشخصيات بأخرى ذات كاريزما مخيفة وتمتهن أعمالاً مشينة وربما تتجاهر بالإلحاد مثل شخصية (فتى الجحيم).
وهكذا يتم تشويه هذه العقيدة، المغزى من الحديث إن الثقافة المهدوية ليست بعيدة عن الفطرة الانسانية وهي من البديهيات التي للأسف تم تشويهها!
ولم يتم التعامل معها كواقع وحقيقة ملموسة، لذا أصبحت القضية المهدوية مستبعدة وغامضة وغير مفهومة وذلك بسبب عدم تعاطينا معها بشكل واقعي وموضوعي، وبسبب تجاهلنا لها وتهميشها، إذن علينا أن نخلق أجواء لنجعل الأجيال تستوعب هذه الفكرة جيداً ونتعامل معها بشكل مباشر وعلى سبيل المثال:
اليهود كانوا ومازالوا يعلمون أبناءهم تعاليم اليهودية من خلال الأناشيد منذ الطفولة، فتكبر معهم الديانة اليهودية وتصبح من البديهيات! والمسيحيون استطاعوا أن يكذبون على أجيالهم بشخصية وهمية كشخصية (بابا نويل).
ونحن مازلنا لم نتمكن من أن نجعل الناشئة والشباب يتفاعلون مع دعاء الفرج كتفاعلهم مع أبسط نشيد يقرأونه بعنوان أطفال! في حين إن دعاء الفرج من المفترض أن يكون نشيد العائلة الشيعية وشعارها وهويتها. والخلاصة إننا بحاجه إلى إستحداث طرق إعلامية وتعليمية وتقنيات جديدة لنشر الثقافة المهدوية بما يتناسب مع متطلبات العصر، لكي تتحول هذه الفكرة من الإطار الأسطوري إلى مرحلة اليقين، ومن نطاق المفهوم الى الإذعان و التصديق بها..
قالت هدى الحسيني/ كاتبة:
١- إن من أهم الأسباب التي تجعل العالم مضطرب هو بعده عن المنهج الإلهي فنرى العالم يتخبط في الظلمات وليس له نور يهتدي به وخير مثال على ذلك أن هذا الفايروس الذي لايرى جعل الجميع من حيث لايعلمون يتركون أمرهم للسماء وهم كانوا لايؤمنون بمن أوجدها اصلاً !
٢- اليقين المهدوي هو حاجة فطرية لدى البشرية فجميعهم منذ الأزل يبحثون عن المنقذ أو المخلص وكل افكارهم تصب في معين واحد وهو شخص يكون اهلاً لحمل المسؤولية والخلافة الأرضية التي أوكل الله البشر فإذا اتجهت أبصار العالم اجمع نحو ذلك الشخص بمختلف مسمياته عندئذٍ يحصل ذلك الإستقرار بكافة اشكاله.
وقالت مروة ناهض/ صيدلانية:
ان عقبة الشك الازلية التي تُلازم الكثير من الناس يقف وراها سبب جوهري وهو ضعف الايمان والمعرفة بالقضية المطلوبة فنرى الانسان ذا المعرفة السطحية التي تتماشى حسب ظروفه وأهواءه يميل مع كل انعطافة لماذا؟
لأنه لايملك يقين الايمان وجوهر المعرفة التي تمنحه أرضية رصينة لا تهزها الظروف.
هذه في أي قضية، أما إذا ما أردنا أن نركز الضوء على الشك في القضية المهدوية فهو يعود أيضاً لنفس السبب مع تقاعس الفرد على العمل بواجباته اتجاه هذه القضية العقائدية الحساسة والجوهرية!
فيكتفي بـ التقاط الافكار والقناعات من هنا وهناك دون أرضية حصينة تقف بوجه موجة التشكيكات المطروحة في زماننا الحالي.
أيضاً ضعف وغياب التمثيل الحقيقي لـ القائد الحقيقي الذي يريده مولانا (عجل الله فرجه) وبالتالي هذا يعطي ردة فعل عكسية.
ترك النفس تتخبط في موجة من الأهواء الداخلية والخارجية والتي تعود بنتائج عكسية على الفرد ولعله أهم ما ينتج عنها ضياع الهدف الجوهري من وجوده على أرض المعمورة.
فمتى ما تحقق اليقين الداخلي في نفس الانسان وآمن بهدفه والمسؤولية المطلوبة منه في زمن الظهور وأتقن دوره، سيصل لبر المعرفة وسينتج عن هذه المعرفة قوة العمل التي تحقق السلام والاطمئنان المعنوي والنفسي والعقائدي.
وقالت جنان الهلالي/ كاتبة:
السؤال الأول: الاضطراب النفسي والابتعاد عن الله وكتابه الكريم وعن الرسول وعن أهل البيت الذين هم خلفاء الله في الأرض. وهم سفينة النجاة المنقذين للبشر من الضلالة. فكل انسان بفطرته يشعر أنه يحتاج إلى مخلص أو منقذ يعيش تحت كنف رحمته ولطفه وهو مخلصه من الشدائد والمحن ورقيب عليه في نفس الوقت. فإذا مات هذا الاعتقاد أصبح الشخص في حالة من الشك والتخبط والاضطراب بين الحاضر والمستقبل.
السؤال الثاني: قال الله سبحانه وتعالى "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" وهذا يبدو.. جلياً في واقعنا اليوم نلاحظ الإبتعاد عن ذكر الله في كثير من الأمور ولو ذكرناها لداهمنا الوقت منها بمثلية الجنسية بحجة الحرية الشخصية والثقافة التي بدأت تدخل وتزيح الرداء عن الهوية العربية وتُعريها شيئاً فشيئاً بحجة التعقيد والانعزال ومصطلحات وهمية. كل تلك الأسباب أدت إلى صراع داخل النفس البشرية حتى عند الغرب وليس في الواقع العربي فقط.
بالإضافة إلى فساد المنظومات الحكومية فمتى ماحكم الأمراء بكتاب الله وتمسكوا بالمعروف ونهوا عن المنكر ساد العدل الإلهي في الأرض وشعر الإنسان بالطمأنينة ولكن هذا كله لا يتحقق إلا في رضا الله وهو طريق شاق ووعر على السالكين والممهدين لظهور الامام ومخلص البشرية.
وقالت حنين حليم/ صيدلانية:
١ - ضعف العقيدة وخواء الاخلاق، هو من يجعل العالم يتموج بين الشك والاضطراب ويتوه بين الالحاد وغيره.
٢- (فإن بفرجه فرجكم) حل الأزمات العالمية والمحلية والشخصية، وعلى كل الاصعدة لايحصل ولايتحقق إلا بدولة العدل الإلهي، وهنا تقع المسؤولية على أهل الدين والعلماء، بالتصدي للضعف والفراغ الحاصل، وحالة عدم الراحة والاستقرار الشخصي، والضياع العقائدي، وتوجيه الناس الى تقوية العقيدة بمعرفة الامام وصفات دولته، وعولمة قضيته، وانه الحلم الذي ينتظره كل الضعفاء والمتحيرين بالعالم وعلى كل عاقل لبيب معرفة هدف خلقته وأن يتعلم ويطالع، وبالتالي سيتقوى بالعلم الذي ينور دربه وهو نور أهل البيت، صنو القران، والتمسك بهم لا ضلال بعده، كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين..
وقالت حنان حازم/ كاتبة:
ج س١: ان التغيرات وكُل الاحداث المخيفة الحاصلة في المجتمعات عمومًا ولدت حالة من الاختلال والترقب الشاغل، مثل كثرة الحروب وانعدام الأمان وتفشي الاوبئة والفايروسات التي باتت تتطور واصبحت أكثر قوة وشراسة في مقارعة الانسان والتغلب عليه، كوَّن سحابة كبيرة من اليأس الممتزج بالخوف خيمت على عقول البشر ونفوسهم وجعلت قلق الموت في اي لحظة يُلازم الجميع خصوصًا وبعمق لدى غير المسلمين بسبب كفرهم، إضافة الى ما يحصل من أزمات اقتصادية وعدم القدرة على ادارة الوضع الراهن بالشكل الصحيح والمطلوب، مايبقي العالم في حالة اضطراب وشك مستمر لاسيما حين أدرك العجز الواضح أمام آخر مايحدث وفقدان السيطرة على الحاضر والمستقبل متمثلة بالخطر الذي لامسناه عند بعض المجتمعات في تخليها عن انسانيتها في سحق الجانب المعنوي والروحي و تقديم المصلحة المادية على الانسان نفسه!.
ج س٢: هذا السؤال هو العلاج لما طُرح في جواب السؤال الاول، فالسؤالين يرتبطان ببعضهما كمشكلة وحل. إن القضية المهدوية حتمية ويقينية فقال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عباديّ الصالحون) الانبياء ١٠٥. وحدثنا عنها النبي الاكرم وآل بيته "صلوات الله عليهم اجمعين" والعلماء والتابعين عبر التأريخ الاسلامي، وحتى غير الاسلامي يترقب ويتحدث عن وجود منقذ لا بد له ان يظهر في آخر الزمان، فكل البشرية قد تستشعر ذلك بالفطرة. ان اليقين بوجود المُخَلِص المهدي له منا السلام والشوق والدعاء بتعجيل الفرج، وحده القادر على بث الاطمئنان والاستقرار في ربوع النفوس البشرية المُرتعبة، وحده بقية الله من سيمنح السلام للأرض وما فيها ويرد جور الظالمين ويحكم بالعدل، فما علينا إلا إدراك ان العقيدة المهدوية حقيقة ثابتة لاتتغير، انما فهمنا لها هو الذي يتغير ويتطور بمرور الايام والازمات، واستيعابنا مدى اهمية التمسك بهذه العقيدة المنجية من المهالك على جميع الاصعدة، هو ما يسهم في التمهيد لبناء عصر السلام.
أسئلة وأجوبة
بعد ذلك طرحت العلوية سكينة سؤالاً: في ظل الظروف الراهنة، كيف نستطيع أن نحدث نهضة مهدوية من دون أن نقع في حرمة التوقيت للظهور المقدس؟
فأجاب سماحة الشيخ معاش: التوقيت أمر هامشي، لابد أن نذهب نحو جوهر القضية المهدوية، أن نعمل نؤسس لعمل، نذهب لبناء القاعدة الأساسية لظهوره..
المجتمع لابد أن يكون متقدما وناضجا والنضج يحتاج إلى قوة في المعنى وقوة في الجوهر وقوة في العلم ويقين أخلاقي ومعرفي، فالعمل هو الذي يفيد الإنسان ويعطيه القوة.
وأيضاً كان لزينب الأسدي سؤال حول طريقة ايصال هذه المعرفة للشباب في ظل هذه الظروف:
الجيل الفتي الذي نعايشه صعب المراس والاقتناع، يعايش المادية البحتة، ما هي رؤاكم في ترسيخ اليقين المهدوي عند هذه الفئة؟ وهل هناك أمل بخروج جيل واع يكون فاعلا في هذا المجال؟ ويعتقد بالمهدوية بكل تفاصيلها مئة في المئة؟
فقال الشيخ: مانراه اليوم من حالة الغموض والشك هذا يعطينا رؤية لأهمية اليقين المهدوي ولكن اليقين المهدوي كما قلت يحتاج إلى عمل إلى بناء عقلي إلى بناء معرفي والى بناء ذاتي.
المشكلة اليوم هي الانبهار بالحضارة المادية.. وهذا الانبهار أوصل العالم إلى انحدار كبير فكيف نستطيع أن نبني بناء معنويا يوصلنا لليقين وهذا من ضمن دورنا ومسؤوليتنا أنا وانت، وهذا الطريق يحتاج للكثير من العمل والجهد.
وسألت الكاتبة سماح الجوراني عن أنواع اليقين وتحققها:
ذكرتم أنواع اليقين المهدوي، لكن نحن البشر لانطبق هذه الأنواع في حياتنا ولا نعمل بها؟ فترك النفس الإنسانية تتخبط دون الوصول لليقين المهدوي الذي يحتاجه الامام عجل الله فرجه. كيف علينا أن نكون؟ وان يصبح لدينا يقين من غير شك واضطراب داخلي ونفسي؟
فبيّن الشيخ ذلك بقوله: إن أهم طريق للوصول إلى أنواع هذا اليقين هو محاسبة النفس ومحاسبة الذات "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
محاسبة الذات وعدم إلقاء اللوم على الآخرين، وهذا يجعل حياتنا مملوءة بالأخطاء وتراكمات الأخطاء. لذلك محاسبة النفس أفضل طريق لبناء كل أنواع اليقين وتعطينا الطريق الواضح السليم من أجل بناء أنفسنا.
وفي الختام أبدت المشاركات مدى فائدتهن من مشاركتهن في الملتقى واستماعهن.
جدير بالذكر، أنّ جمعية المودّة والازدهار للتنمية النسوية، تهدف إلى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحدّيات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها، وإعداد العلاقات التربوية الواعية التي تُعنى بشؤون الأسرة، وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل جديد واع، وتسعى الجمعية إلى تحقيق أهدافها عبر إقامة المؤتمرات والندوات والدورات وإصدار الكرّاسات وإعداد البحوث والدراسات المختصّة بقضايا المرأة والطفل.
اضافةتعليق
التعليقات