لا فائدة في ثلاثة: المال بيد البخيل، والسيف بيد الجبان، والقلم بيد المنافق، ولأن قلم الكاتب والإعلامي أصبح سلاحاً مؤثراً بما يقدمه من معلومات ومصدر مهم من مصادر التوعية وبناء الفكر في المجتمع، فهو قادر على ترسيخ القيم أو زعزعتها. وذلك وفق مصدر الرسالة والمضمون الذي يحمله سلباً أو إيجاباً..
وله دور مهم في المجتمع من حيث تثقيفهم بالأخبار وتزويدهم بالمعلومات التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار والتنفيذ. والاعلامي الراشد هو الذي يتلمس جوانب الخير في الإعلام ومناهجه ويُسخر وسائله التي هي محايدة تماماً، ليتحقق بها وعن طريقها صلاح الأمة واستقامة المجتمع، ويظل للإعلام مزاياه وأثره الإيجابي في المجتمع الإنساني طالما أنه ينطلق من وعي صحيح وفهمٍ سليم للقضايا والمشاكل المتأزمة.
فأصبح لزاماً وضرورياً أن تؤدي وسائل الإعلام رسالتها بوعي ووضوح الغاية وتحديد الهدف وبلورة المضامين الأساسية للرسالة الإعلامية في المجتمع، بما يوفر التزامها بالهدى الصحيح والاستقامة لصلاح الأمة أفراداً وجماعات. وخاصة بعد تطور الأحداث الأخيرة في الساحة وماتشهده من اضطرابات وتغيرات سياسية... فلابد للاعلامي الواعي أن ينتقي مايختاره فيما يصب في مصلحة المجتمع والفرد وأن يبذل كل مايستطيع كي يكون منبراً للتوعية والإرشاد، ليساهم في تثقيف وتوعية المواطنين، وخلق المثل الإجتماعي وذلك بتقديم النموذج الإيجابي في كافة مجالات الحياة، والكشف عن الفساد، واحترام القوانين وغيرها من الأدوار التي يجب أن تتضمن رسائل الوسائل الإعلامية المختلفة، والحث عليها. وأن تقوم بدور الرقيب أو الحارس فيما يتعلق بحرية التعبير وحرصها على أن يكون هذا الحق ملكية خاصة لكل مواطن.
وبهذه الأهداف يكون تأثير وسائل الأعلام على الجماهير إيجابي بصورة كبيرة، ولكن للوصول إلى هذه الصورة المثالية لوسائل الاعلام يجب الحرص والحفاظ على استقلالية وسائل الاعلام وعدم وجود هيمنة أو سيطرة عليها إلا من الشعب.
والأهم من ذلك أن القائمين على وسائل الإعلام المختلفة، يجب أن يكون أدائهم حيادي وبعيداً عن سياسة الدولة، والأنظمة السياسية التي تسعى للهيمنة على وسائل الإعلام ليبث من خلالها أفكار واتجاهات بغرض التأثير على الجمهور لصالح ذلك النظام السياسي؛ لهدفٍ ما يصب في مصلحة جماعة معينة.
أو المهيمنين على وسائل الإعلام ومن الممكن أن تكون هذه الأفكار مشوهة بغرض ايجاد حالة من الانقسام بين المواطنين اتجاه قضايا معينة. ولكن واقعياً الإعلام لايكون كما تسعى للوصول إليه وتواجه عقبات وصعوبات بالغة؛ بسبب بعض النظم السياسية التي تفرض الهيمنة والسيطرة عليه وتشديد الخناق من خلال فرض قوانين واجراءات عقيمة وروتينية، أو سيطرة رأس المال تجعل المالك يتحكم في سياسات الوسيلة الإعلامية لصالح أفكاره وأهوائه فواقع الإعلام في البلدان العربية ومنها العراق دائماً مقيدة وليست متحررة بما يلبي الطموح.. لذلك نجد انتشار واسع في الآونة الأخيرة للإعلام المضلل والذي لايهدف إلى توعية جماهيرية حقيقية وصادقة، وقد ينتشر في الكثير منها الأخبار المضللة، والغامضة خاصة بعد الانتشار الواسع للسوشيال ميديا مما يجعل هناك مجالاً خصباً لنشر الشائعات وغسيل المخ لترويج أفكار المُهيمنين على وسائل الاعلام. والتي لا تصب في خدمة المجتمع والدولة. لذلك أصبح لزاماً؛ وضوح الغاية وتحديد الهدف وبلورة المضامين الأساسية للرسالة الإعلامية في المجتمع، بما يوفر التزامها بالهدى الصحيح على صلاح الأمة أفراداً وجماعات.
وأن يكون لها دور في توجيه النشء ويسهم في تنمية الأفكار الإيجابية، والطروحات الجيدة وكل ما يساهم في خدمة المجتمع بمصداقية، وكسب احترام وثقة المواطن، والكف عن تمجيد أهل الفساد والانحلال لمن عرفوا بالتحلل من قيم الدين والخلق، والسراق حتى لا يكونوا قدوة للمجتمع المسلم، وفي الوقت نفسه تقديم أهل الصلاح من أهل العلم في كافة فروعه الدينية والدنيوية والتقنية، والتعريف بالمتفوقين في مجالاتهم المعرفية بما يفسح المجال واسعاً لنماذج يمكن الاهتداء بها وتعلق الناشئة بهم. ومحاربة الفكر الضال وتوعية المواطنين.
ومن هنا فإن الإعلام إنما هو عمل مسؤول وقضية بشرية وحامل الرسالة يعظم بعظم المضمون الذي يحمله، وإذا كانت هنالك بعض السلبيات ظهرت مع المسيرة الإعلامية فإنما ذلك سنة من سنن الله في خلقه. ففي كل مؤسسة هنالك تكون فئة مناوئة وضدية للفئة الأخرى ويبقى العقل والضمير هو الراجح في الرسالة الإعلامية الناجحة والراشدة والتي تقود إلى تنمية المجتمع ورفاهيته وإقامة علاقات المودة والإلفة والتعاون بين أفراده وجماعاته.
يمكن أن نخلص بعد هذه اللَّمحة البسيطة في هذا الموضوع أنَّ وسائل الإعلام بجميع أشكالِها وألوانها تلعب دورًا سلبيًّا خطيرًا، يجب الاحتياطُ منه، وتلعب في الآنِ نفسه دورًا إيجابيًّا عظيمًا لا يمكن إغفاله أو التنكُّر له؛ أيْ: إن هذه الوسائل باختصارٍ سلاحٌ ذو حدَّين، ومن أجل ذلك يجب البحث عن الوجه المشْرِق في هذه الوسائل من حيث الاستخدامُ؛ أيْ نوظِّفها فيما يعود على الشخص والأُمَّة بالنَّفع في جميع الجوانب. فالرسائل الإعلامية هي حجر زاوية في أي رأي عام.ْ ينتظر منها أن يكون لها دوراً فاعلاً وتستطيع عبر تبنيها سياسة شفافة وحضارية وأن تكون قادرة على خلق اتجاهات في المجتمع بشأن قضايا متعددة وهادفة ومهمة. وبهذا يكون على الإعلامي التأثير بموضوعية ولا ينحاز لمصالحه، وألا يسعى وراء شعبية الجماهير عبر التكلم بما يحبون سماعه، كما يجب عليه عدم اللجوء للتجريح أو تقديم فكرٍ يتصادم به مع المجتمع بصورةٍ مباشرة؛ لأنّ ذلك سيُبعد الناس عن رسالته، ويُخسره إمكانيّة التأثير في رأيهم. فالكثير من أفراد المجتمع يعتبر الإعلامي هو الناقل الحقيقي للحدث. ويترجى منهم الإفصاح عن الحقيقة والصدق وبث الأفكار الإيجابية بين عموم الناس والشعور بالمسؤولية اتجاه بلده من خلال عرض الحقائق بحيادية ومصداقية.
اضافةتعليق
التعليقات