أيها القارئ الكريم.. أنا في هذه الحروف لن أعتذر من أحد، فإن وجدتَ ما يُزعجك في ما سأكتب اترك النص ولا تُكمل..
سمعنا بمنصات عديدة تتخذ من الشوراع محطة للفت انتباه المارة وإسعادهم لعلهم ينثرون النقود عليهم، بعضها تتضمن أعمال الخفة، بعضها السرك وأخرى تتخذ الكوميديا مِهنة لها.
أما في زماننا الحالي وبالتحديد في مجتماعاتنا العربية فتنتشر منصات التهريج التي تتخذ من الاستهزاء والاستهتار بالدين، الأخلاق، الأعراف وسيلة لملئ أوقات الفراغ وحصد اللايكات التي لا تعود على الفرد بمنفعة.
نعم، أقصد مواقع التواصل التي فقدت غايتها الأساسية (إن كان مؤسسها طرحها لغاية) وتحولت أغلبها إلى منصات للتهريج.
تجد صفحات بعدد متابعين كبيرة لا شيء فيها سوى منشورات ملؤها الكذب والتلفيق فقط من باب (الضحك) وتجد عدد الاعجابات تتعدى العشرة آلاف!.
نجد مثل هذه الصفحات قبل شهر محرم تنشر (باقي أسبوع وناكل قيمة)، صورة لترامب مُفبركة وبيده قيمة وتحتها تعليق (حتى ترامب أكل قيمة وانا بعدني) صور لطوابير طويلة ومكتوب عليها (من تلزم سرة على قيمة الموكب) وهكذا المنشورات كثيرة والتعليقات تصل إلى الألف وهي بين ضاحك وبين مؤيد، عجباً كيف وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من الجهل!.
الإطعام على حب سيد الشهداء شعيرة من الشعائر المقدسة، روي عن الامام علي عليه السلام: «إنّ الله تبارك وتعالی اطّلع إلی الأرض، فاختارنا، واختار لنا شيعة، ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أُولئك منّا وإلينا».
أوليس إطعام المعزين والزائرين هو من مصاديق بذل الأموال في سبيلهم؟
فمن أين أتى هذا الكم الهائل من الجهلة بالجرأة للضحك على هذه الشعيرة؟
لماذا لا يعترض أحد على منشوراتهم، الأغلب يضحك وإذا ما تكلم أحد واعترض قالوا بأن صاحب المنشور لا يقصد الإساءة هو منشور للضحك فقط!.
في الجانب الآخر تجد مع بدء تقديم الطلاب أسماءهم للتسجيل في الجامعات ونشر منشور مكتوب فيه: (عاجل: أعلنت وزارة التعليم العالي عن نصبهم مراجيح في الجامعات لأستقبال مواليد 2000) ومنشور آخر صورة لمجموعة أطفال في قاعة مكتوب تحتها (شكل طلاب مرحلة أولى مواليد 2000 و 2001 ).
والتساؤل المهم أي فئة عمرية تقوم بنشر مثل هذه المنشورات، هل هم الأكبر سناً، مواليد التسعينات؟.
شيء مُعيب فأي جهل يحمله من يتفوه بهكذا كلمات وإن كانت من باب المزاح، مواليد 2000 يبلغون من العمر 19 عام ومواليد 2001 يبلغون 18 عام، فما المُضحك في وصولهم إلى مستوى دخول الجامعات، التافه الذي يضحك ويُضحك الآخرين ألم يكن بنفس هذا العمر حين دخوله للجامعة؟.
أوليس من واجب الأكبر سناً توجيه هذه الأعمار إلى الصواب اعتماداً على خبرتهم في الحياة؟.
أوليس هؤلاء الشباب هم المستقبل الذي نتمنى أن يكون أفضل؟ كيف يكون أفضل وهو يُهمش بهذا الشكل؟ حتى أن الضحك عليه أصبح طريقة سريعة لجذب المتابعين وزيادة الاعجابات.
والأعجب هو أن أبناء هذا الجيل لم أرَ لهم ردة فعل لإيقاف هذه الظاهرة، بل إن بعضهم يشاركهم الاعجابات وهم يجهلون مدى تأثير هذا الأمر على مستقبلهم وثقتهم بأنفسهم.
أليس هناكَ شخص من بينهم قد حضر مجلس ليلة الثامن من محرم وسمع بقصة القاسم ابن الحسن وتفانيه في نصرة سيده وعمه، ألم ينتبه أحدهم لتعامل الإمام الحسين عليه السلام مع ابن أخيه وهو البالغ من العمر 12 عام، فمتى نقتدي بالحسين حقاً؟!.
وهكذا الأمر في المعلومات الطبية والثقافية، الكوارث الطبيعية والأخبار العامة، تجد أن الكذب والإشاعات تتطاير من كل الجهات فقط للضحك على عقول المتابعين.
من المسؤول؟ ومتى يوقفون عند حدهم، فما عاد للصفحات الجيدة من تأثير!.
اضافةتعليق
التعليقات