بات الإعلام السياسي واقعاً مفروضاً لا يمكن تجاوزه حيث لا يمر علينا نهار نسلم فيه من فايروس النشرات الإخبارية منذ ساعات الصباح الأولى حتى المساء؛ تزخر فيها التقارير الطافحة بالمهمات، وغير المهمات عن أحوال الزعماء، ولقاءاتهم، واهتماماتهم وهواياتهم، حتى أدق التفاصيل في حياتهم الشخصية.
ومن الطريف في ذلك خبر نشره موقع "عربي بوست" تحت عنوان: (الزعيم الكوري الشمالي يستغل توقف قطاره "المصفح" لتدخين سيجارة) تناول فيه تدخين الرئيس أثناء رحلة الذهاب إلى فيتنام لأجل حضور قمة مع الرئيس دونالد ترامب.
أما الغريب في هذا الأمر هو مؤشر التراجع والتهميش الإعلامي الجائر على باقي الأخبار الهامة الأخرى التي تدغدغ مستقبل الإنسان، كالتقارير الغريبة حول التلوث البيئي، والعجز الغذائي، ومواجهة قلة الموارد المائية، وتجاهل أهم الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة، أو الإنجازات الأدبية لدى جمهرة الأدباء حول العالم، وآخر توصلات التكنلوجيا الطبية، والإبداعات الحديثة في سائر العلوم كالرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، وما إلى هنالك من أسس حيوية قامت عليها البشرية وضمنت من خلالها استمراريتها.
رائحة مكر ودسيسة:
ما الغاية من إشغال المواطن سياسياً بهذا الوابل المتواصل من الأخبار التي لا تهمه في كثير من الأوقات؟! ولو افترضنا جدلاً أهميتها، فهو لا يغير من الواقع قيد أنملة، بما أن المسكين لا حول له ولا قوة، لمواجهة هذا الكم من الدسائس القابعة خلف كواليس السياسة وقد لمح إلى ذلك الشاعر الثائر احمد مطر:
وضعوا فوق فمي كلب حراسة
وبنوا للكبرياء في دمي سوق نخاسة
وعلى صحوة عقلي أمروا التخدير أن يسكب كأسه
ثم لما صحت: قد أغرقني فيض النجاسة
قيل لي: لا تتدخل في السياسة..
لا بأس أن تكون لدى الإنسان إلمامة شاملة بما يحصل من حوله، ولكن الظاهر أن هناك سيناريو إعلامي معد مسبقاً لإبقاء الشارع في صراع فكري دائم و مثير، لجدل عقيم بين المجتمع، لا يوصل إلى نتيجة.
هذه الحالة الأولى؛ أما الحالة الثانية فهي محاولة الساسة رصَ أكبر عدد من التماثيل البشرية؛ حتى تتاح لها فرصة الصعود على أكتافها وتحقيق غاياتها الوصولية، ثم الزج بها من شاهق.
أخبرني عن اهتماماتك أخبرك من أنت:
إذا كنت متابعاً لصنوف الأطعمة لدى الشعوب المختلفة وكيفية إعدادها فأنت طاه ماهر.
إذا كنت متابعاً نشطاً للنتاجات الفكرية والأدبية، فأنت أديب بالقوة.
إذا كنت باحثاً متمرساً لأحدث أنواع الدراسات العلمية الحديثة فانت عالم بامتياز.
أما إذا كنت متابعاً سياسياً فقط، دون هدف وغاية فأحذرك! أنت ضائع تسير نحو اللامكان.
اضافةتعليق
التعليقات