شهر رمضان شهر القرآن وتطهير النفوس، شهر الخير الذي تُغلق أبواب جهنم به وتُفتح أبواب الجنان، ننتظره عام بعد عام ليطهر نفوسنا من الآثام، ننتظره بشوق ومحبة وكأنه غائب عزيز علينا فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق من النار، شهر الصدقات والإحسان، الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، وتجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر صلة الأرحام ولمة الأهل والأقرباء، وشهر تقوية الأواصر العائلية فترى النفوس شجية وجمعة الأهل والأصدقاء والأقارب والأحباب بروح أبية وجميلة وهم ينتظرون موعد الافطار...
إنه شهر العتق من النار لأنه شهر نزول القرآن فالمفروض على المؤمن أن يستغل كل لحظة وكل ثانية في هذا الشهر الفضيل بالأعمال الروحية التي تقربه إلى الله وخاصة أن في هذا الشهر أعظم ليلة وهي ليلة القدر التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ"، ليلة نزول القرآن الكريم على صدر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فهي ليلة توزيع الأقدار وقبول الطاعات والدعوات.
إذن فشهر رمضان الكريم هو نقطة تحول في حياة كل انسان مؤمن فهو بمثابة صك غفران يمنحه لنا الله سبحانه وتعالى بدون مقابل أو خسران، يودعه لنا رب العالمين لنمحي به أخطاءنا ويكون ذلك بالتزامنا بأعمالنا الروحية والايمانية وقيامنا وصلاتنا وإحياء لياليه بتلاوة القرآن.
كل هذا الذي يوفره لنا رب العباد ونبقى نحن نسير خلف أهواء الملذات ونترك كل هذه الحسنات التي وفرها لنا سبحانه وتعالى في ثلاثين يوم فقط ، نتركها خلف ظهورنا لنسعى وراء أهواء الشيطان، فأعداء الاسلام يضعون جميع المغريات في هذا الشهر الفضيل لشغل المؤمن عن هذا الكنز الرباني العظيم الذي يهبه لنا الله سبحانه بدون أي جهد أو مقابل.
ففي كل زمان ومكان نجد هنالك لهو يبعد المؤمن عن أداء الفرائض في هذا الشهر المبارك، فسابقا وقبل انتشار التطور الالكتروني والتلفزيوني انتشرت في شهر رمضان الألعاب والمسابقات التي تجري بعد الافطار فبدل أن يجلس المؤمن لأداء واجباته الدينية واستغلال هذه الأيام المباركة يخرج لأداء لعبة المحيبس المشهورة في شهر رمضان فقط!، وكالعادة نحن نسير خلف المغريات بدون تفكير أو مناقشة ونتمسك بأي شيء يبعدنا عن الجنة ورضا الله.
ومن ثم بعد ظهور التلفاز صارت هنالك برامج تلفزيونية خاصة بشهر رمضان هي أيضا من الملهيات ففي بادئ الأمر كانت المسلسلات والبرامج التلفزيونية تحمل معاني هذا الشهر وبعضها تتحدث عن فضله حتى أنه لحد زمن ليس ببعيد كانت المذيعات في القنوات أو الممثلات في هذا الشهر يرتدون الحجاب لإعطاء صورة واضحة أن هذا الشهر فضيل ويجدر بنا أن نحترم وقوعه بيننا وكانت التفاتة جميلة.
ولكن بعد هجوم التطور الالكتروني علينا واقتحامه حياتنا وظهور الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي باتت طقوس رمضان تختفي شيئا فشيئا وباتت البرامج الرمضانية في هذا الشهر الفضيل تكون من سيء إلى أسوء حتى باتت لا تحمل أي علامة من علامات هذا الشهر الفضيل بل على العكس البرامج التي تذاع في شهر رمضان لا تحمل أي معنى من معاني هذا الشهر الجميلة، فجميعها مبتذله وتدعوا إلى الرذيلة والخلاعة وشيء جدا مقزز تقف له العقول وتشمئز منه النفوس فما دخل شهر رمضان بكل هذه البرامج البراقة والتافهة والتي لا تمد للإسلام ولا للشهر الفضيل بأي صلة.
لم أشأ الكتابة عن المسلسلات والبرامج الرمضانية حتى لا أعمل لها دعاية اعلانية لأن مع الأسف صار الحديث عن الأمر السلبي يجلب كثرة المشاهدات وكأنها دعوة لمشاهدة جماعية ولكن بات أمر الدراما الرمضانية لا يسكت عنه. لن أتدخل بها وأتحدث عن الأفكار الشاذة التي تدعوا إليها تلك الأعمال المبتذلة ولكن سؤالي لماذا يشوهون هذا الشهر الفضيل بهذه الأعمال المبتذلة والتافهة؟ هل شهر رمضان يستحق منا أن نستخف به لهذه الدرجة؟.
إضافة الى ذلك ظهور العاب الكترونية خاصة بشهر رمضان من خلال شخصيات كارتونية ابتدعتها إحدى القنوات الفضائية وجعلت منها طريقة لجذب انتباه الشباب في هذا الشهر الفضيل فبدل أن يصنعون طريقة لالتزام الشباب بهذا الشهر وأداء فروضه وواجباته صنعوا فكرة لجذب الشباب التي لا تستهويهم الدراما والتلفاز من خلال الألعاب الالكترونية. إنها حرب نفسية وعقائدية ومهزلة كبيرة تحدث لنا بتدبير أجنبي يهودي وصناعة عربية مسلمة.
نعم حرب فكرية لتشويه الصورة الدينية وتشويه الاسلام في هذا الشهر الفضيل، فهو شهر العبادات وتنقية النفوس وليس شهر بيع الأعمال في سوق رمضان ونشر العادات والأفكار الشاذة حتى بات الناس تنتظر شهر رمضان للتلهف إلى المسلسلات والبرامج الغير هادفة التي تعرض في هذا الشهر بالذات!، ولماذا فقط بشهر رمضان يذاع هذا الكم الكبير من الأعمال الدرامية الفاشلة؟.
أسئلة إجابتها معروفة وواضحة ولكننا في غفلة عن الانتباه.
اضافةتعليق
التعليقات