يبقى النفاق الأوربي يلقي بظلاله على الشباب العربي، بأحلام عاجية، وآمال خفية لايعلم ما الذي ينتظره في عالم الغربة، ولكي تتسع دائرة النفاق وتلك المغريات يروج لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن تلك القصص قصة رهف محمد القنون (18 عاما) الفتاة السعودية، التي اجتذبت اهتماما دوليا بعد أن تحصنت بغرفة فندق في مطار بانكوك وطلبت المساعدة عبر "تويتر" لمقاومة تسليمها إلى عائلتها والتي اتهمت عائلتها بسوء معاملتها، وتعنيفها جسديا ولفظيا، حيث صرحت الفتاة لإحدى القنوات: إنها هربت من عائلتها بسبب تعنيفها جسديا ولفظيا وحبسها في المنزل، وتهديدها بالقتل أو المنع من الدراسة، واتهمت القنون السفارة السعودية في بانكوك بسحب جواز سفرها قسرا، وتهديدها بالاختطاف، فيما قالت السفارة إن الفتاة خالفت قوانين الإقامة، نافية لقاء مسؤولي السفارة بها.
وقد أثارت تلك الحادثة الرأي العام بعدة تساؤلات، كيف لتلك الفتاة المراهقة الضعيفة أن تكسر القيود وتخرج من قوقعة العنف الأسري، والدولي كما يزعم ساسة النفاق.
ونلاحظ في الفترة الأخيرة أن هناك حرب اعلامية على سياسة السعودية ضد الشباب، وخاصة المرأة من قبل الدول الأوربية، زاعمةً معاداة الحكومات للناشطات الاجتماعيات وتنتقد الحجاب وتعتبره حرية شخصية، وبين الحين والآخر يشهد الفيس بوك حادثة أو انتقاد للدول بسبب الحريات المزعومة في الدول العربية وفي السعودية بشكل خاص بحجة تعرضهن للعنف المعنوي أو الجسدي من قبل ذويهم أو الدولة، وكأنها تنتقي تلك الأحداث، وتغتنم الفرص لتثير المواقع بتلك القصص.
نحن لسنا بصدد الدفاع عن حكومة السعودية وتلك الأحداث التي تجري فيها فهناك ظلم وكبت واضح في تلك الدولة؛ ولكن نفاق الدول حاضنة اللجوء والتي تستهوي الشباب لاتمنحه إلا لمن يصب في أحضانها المصالح السياسية.. حيث اتهمت منظمة مدعومة من السعودية عدة دول أجنبية بتحريض الفتيات على التمرد على عائلاتهن، أما والد القنون أوضح انه لا يعلم "ما إذا كانت ابنته قد وقعت ضحية لأجندة خارجية تستهدف تسييس قضيتها".
إن مثل هذه الأساليب التي تتبعها بعض الدول وبعض المنظمات الدولية دوافعها سياسية وليست إنسانية.. وتعمد وعلى لسان بعض مسؤوليها إلى تحريض بعض الجانحات والمراهقات السعوديات على الخروج على قيم وتقاليد أسرهن. وتدفع بهن في نهاية المطاف على الضياع وربما إلى الإرتماء في أحضان سماسرة الإتجار بالبشر.
وكانت أزمة دبلوماسية قد نشأت بين الرياض (وأوتاوا) الرياض العام الماضي بعد انتقاد كندا لحبس نشطاء حقوقيين سعوديين، ما أدى لقرار من الرياض بسحب سفيرها من هناك، إذ هنالك توتر سياسي بين البلدين منذ عام تقريباً. لذا ضيعت كندا سلاح دبلوماسي كانت تعتقد أنه منفذ ووسيلة للضغط على السعودية بعدما أعلنت الأخيرة أن قضية رهف القنون قضية عائلية وأن الحكومة السعودية لاتسمح بالعنف المنزلي وتحافظ على الحريات الشخصية لكل المواطنين.
ولكن هناك تساؤل هل ستتفكك الأسرة المسلمة بسبب تلك المغريات من قبل الدول الحاضنة للجوء وهل يفقد الأبوان سلطتهما على الأبناء بعد تجدد تلك الحوادث وظهورها في مواقع التواصل وما الحل؟
نعم فهنالك الكثير من شبابنا الذين استهوتهم وشجعتهم تلك المواقع الخاصة بالهجرة.. على التنمر ضد الأهل والمجتمع وأصبح غير قادر على التعايش مع ذويه وَجل همهُ الهجرة وبلاد الأحلام البعيدة التي يجد فيها مبتغاه من الحرية والإستقلال من سلطة العائلة وينتظر أقرب فرصة واستغلالها في السفر حتى لو كان غير شرعي، ولاشيء يثنيه عن رأيهُ ولاحتى التجارب السابقة من أبناء جيله الذين وحتى هذه اللحظة يعيش أغلبيتهم في مخيمات، وأبعدتهم عن وطنهم وعن ذويهم، بعد أن زرعت في أدمغتهم وهم الحرية الغربية، والانفلات الأخلاقي، وقتلت لديهم وطنية الانتماء للوطن وللأهل، إلا ماندر ممن حافظ على هويته وعروبته، هذا فيما لو لم يستغل بتجنيده في منظمات أخرى.
الأسباب التي تدفع الشباب إلى التمرد والهروب من المنزل كثيرة منها: بسبب قساوة الوالدين، وسيطرة أحدهما المفرطة في المنزل وكأن الأولاد في معسكر يتبع لقائد عسكري، فمن الضروري الابتعاد عن حب التملك للأبناء واعطاءهم حرية التعبير والإختيار، والتقرب اليهم، بالنصيحة وحل مشاكلهم لا بالتهديد والوعيد فسياسة العنف في المنزل تولد العنف وتؤدي إلى نفور الأولاد عن الأم والأب.
أما العامل الثاني فهي المدرسة: المعلم له دور كبير لبناء ذات الطالب وسلوكياته، لذا يتوجب على المعلمين في تعاملهم مع أبنائهم وطلابهم وطالباتهم أن يكون على أساس التفاهم والاحترام لمشاعرهم ومشاركتهم في الرأي، وعدم إحراجهم بنقدهم أمام زملائهم وعدم قسرهم على أشياء لايرغبونها، ولاتفريط ولا إفراط في القسوة ولا تفريط في التساهل، وبناء الثقة المتبادلة بين الأبناء لايكون بالتخويف والترهيب بل بالاحترام والحب فنستطيع أن نقوي ثقة أبنائنا بأنفسهم ونجعلهم رجالا صالحين يخدمون أنفسهم ودينهم ووطنهم.
أما من الأمور التي على الدولة مراعاتها: توفير فرص عمل للشباب، يجب أن يكون من أولوياتها، ففي ظل التقدم السريع وعصر التكنولوجيا أصبح الشاب يحتاج لاستقلالٍ مادي حتى لو كان أعزبا، واستغلال طاقات الشباب في العطل الصيفية، ومشاركتهم في مؤتمرات وندوات توعوية وإيجاد الحلول للشباب الخريجين الذين لم يجنوا ثمرة دراستهم، وتفعيل دور وسائل الاعلام لتكون تيار معاكس لما ينشره الغرب من أفكار كاذبة ووعود زائفة.
اضافةتعليق
التعليقات