دوما كان يراودني ذاك الشعور الغريب او هو محض حلم ساذج (الذهاب لتلك العرافة التي تسكن المنطقة الخضراء المليئة بالأمان ربما فعلا هي المنطقة الوحيدة في بلادي خالية من الضجيج المزعج واصوات المتخاذلين الذين يطلبون الحياة دون خجل).
عدت مجددا من مدرستي وانا ذاتي ابحث عن سؤال لجوابي الذي ادليته هذا الصباح حين مررنا بأحد الأفرع الجميلة المشيدة على أتم وجه، لكن كل البنايات قديمة وكل الشوارع بائسة تشكوا جسدها الذي اضحى حفرا لاتحمل السائرين عليها، لكن مالفت انتباهنا هو ذاك العمود الذي توسط الشارع، نعم عمود الكهرباء الذي سقط صباحا قبل وصولنا، حينها بدأ الحديث داخل السيارة والجدال العقيم لكنني اكتفيت بقول: (لاتخشوا شيء سيتم اصلاحه قبل عودتنا)، ولكن الجميع ضحك بصوت عال وكأنهم يخبروني اني مازلت نائمة والوسادة تركت اثرها علي..
ولكن عند عودتي فعلا وجدنا ان العمود قد ازيح وكل شيء عاد كما كان، وعند وصولي للمنزل هممت للشبكة العنكبوتية التي تفرض خيوطها قسرا علي وتسحبني نحوها وجدت السؤال لجوابي بلى وهو: (ماذا سيحصل اذا اقتربت الانتخابات)، الجواب بسيط هو انه لن تتأخر اي واجبات للدولة ولن يستاء المواطن في هذه الفترة بل واننا لن نتعب انفسنا لشراء شيء بل سيقدم كل شيء مجانا وحنان مرشحينا يصل لتقديم الغطاء حتى في الصيف فهم يخشون علينا من نسمات الهواء..
وجدت كثيرا من الوعود اعتلت قائمة الفيس بوك والجميع يصرح انا ثقتكم وانا ابن مدينتكم، ابصرت قليلا لكل من يتركون اثرهم في التعليقات منهم من كانوا مستائين ويطلقون الفاظ بذيئة والبعض يمدحون وهم من المؤكد اقرباء الشخص وكل من لديه مصلحة، ولكن الجميع تناسى نقطة مهمة هو انهم يجب ان يسألوا العرافة التي تسكن الخضراء اولا فهي ستضع من تريد وان كانت كل الاصوات ضده وتنحي عن المنصب من تريد ولو اجتمع ابناء الشعب على حبه بل ان الشيء الاسوء الذي تناساه المرشحون ان مازال ذاك المنصب يحمل فايروس يستبدلهم وان كانوا طيبين الى الاسوء..
اليوم اعلنت جميع القوائم ايمانها ورسمت احلام اليقظة لشعبنا المبجل ولكن ماجال في خاطري وجعلني ابتسم امام احد الاعلانات التي اطلقها احد مرشحي الانتخابات هو استذكاري لقصة جميلة سمعتها مؤخرا على مواقع التواصل تنص على أن (هناك ثلاثة لصوص كل منهم يختص بشيء في تلك القرية، احدهم لايسرق سوى الاغنام والاخر لايسرق سوى الابقار والثالث مختص بالدواب، حتى اتى يوم ووقف الثلاثة في وسط القرية وحلفوا بأغلظ الايمان انهم لن يسرقوا بعد الان وعاشت تلك القرية مدة من الزمن بسلام ولكن في احدى الليالي اختفت بقرة وماكان منهم سوى ان يذهبوا لسارق الابقار ولكنه اقسم انه لم يسرقها وتلت هذه الحادثة حادثة اخرى وسرق من الغنم فذهبوا لسارق الاغنام وهو الاخر اقسم انه ليس هو حتى سرق احدى دوابهم والاخير اقسم انه ليس هو..
حتى قام مختار القرية بدس شخص من خارج القرية بينهم لكي لايعرفوه وبعد مدة عاد ومعه الحقيقة وماكان منه سوى ان يقول فعلا سارق الغنم لم يسرق غنم لكنه سرق دابة وسارق الدواب لم يسرق دابة بل سرق بقرة وكذلك سارق البقر قد سرق غنم اي انهم عادوا للسرقة لكنهم غيروا مهنتهم لشيء اخر).
وهذا هو مايحدث اليوم لم يعودوا ذات الاشخاص لكن استبدلوا بمن هم امهر بالسرقة منهم ولكن كيف عرفنا هذا لأننا حتما نضجت افكارنا مع مرور الخيبات فلا علاقة للسنين بذلك النضج الذي طال حتى عقول صغارنا..
في النهاية تاهت افكاري بين شعاراتهم التي نصت ابرزها على(صوتك يبني الغد/ لكن اي غد ألستم من هدمه في الامس واليوم وقفتم على ركامه مدعين انكم من يريد بنيانه) (خدمة المهنة شرفنا/ يتكلمون عن المهنة ولكنهم سرقوا حتى اجور اقل مهنة تلك التي تنظف جشعهم) اما النهاية فقد سمعتها وابصرتها كثيرا ولو كانت تمتلك ذرة من المصداقية لوجدنا بلدنا اول البلدان وهو: (محافظتي اولا)..
قال تعالى(قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) سورة الاحزاب.
ارتفعت الشعارات والجميع يطالب بالانتخاب فبلدنا بأيدينا ولكن انا اقول دع العرافة تكتشف فالحقيقة نحن نضع اصواتنا في صندوق ومايصلهم صندوق رياء اخر..
اليوم نعيش في اوطان تخبئ السلام على ارصفة الشوارع وخلف جدران احلامنا البالية، كنا صغارا نواجه الحياة ونحن خلف الجدران الامنة لكن كيف بنا اليوم ونحن اصبحنا ذاتها الجدران، كنا نستقبل كل شيء بسذاجة الاطفال لكن اليوم كبرنا قسرا ونحن بأعمار الزهور كبرنا خلف واجهات الألم والسقوط المفتعل كبرنا على ألعاب قتال حقيقية وافلام رعب واقعية لانستطيع الهروب منها بمجرد الاختباء تحت الغطاء او في حجر امهاتنا بل مجبرين على مشاهدتها وربما نكون نحن احد مشاهدها المدمية..
لكن ماعسانا في النهاية سوى ان نقول (ياالله هذه االارواح تشكوا فقدان الروح والاحساس كما تشكوا الارض فقدان المطر.. فبرحمتك احساسا غزيرا نافعا غير ضار.. فليس لنا سواك حين نكون ضعفاء منكسرين من نبوح له بالاسرار وانت العليم بكل اسرارنا.. اليوم لانستطيع البكاء علنا فقط لاننا كبار ولكنك أعلم بأرواحنا التي تنحب كل ثانية)..
قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا).
اضافةتعليق
التعليقات