هناك عبارات تجذب انتباهك وانت تتصفح مواقع التواصل ولعل اكثر ما تجده هو في عالم الفيس بوك، حتى تشعر بأن صاحب هذه المقولة عملاق من عمالقة الثقافة والادب، فتثير اعجابك شخصيته وقد تضغط على المتابعة او اعجبني، ومرة اخرى يكون هناك تعليق فصيح يحاكي حالة ما او قضية ما يكون مختلف عن صاحبه، لعلمك جيدا ان هذه الشخصية بعيدة عن اجواء هذا الموضوع ومحتواه الفكري والثقافي فمن اين له هذا التعليق؟، ومن منظار اخر تجد ان بعض الناس يسودهم الصمت والهدوء وفي مواقع التواصل تراهم يضجون بالكلام والصور، واخرون يغيرون مبادئهم وثقافتهم من اجل لفت الانتباه والتحيز لجانب وان كان هو الاكثر جماعة وشهرة في عالم الفيس بوك .
ولو بحثت في اصدقاء صفحتك الخاصة ستجد ان هناك بعض الاصدقاء هم من هذا الصنف، يحمل اسم مستعار وصورة ليست حقيقية ومعلومات مزيفة، ستكون الإجابات متباينة، لكن المؤكد وحسب الاحصائيات أن نسبة تسعين بالمئة كانوا يمتلكون أكثر من ثلاثة "إميلات" وثلاث حسابات عبر صفحات التواصل الاجتماعي على الأقل، فتجد هناك اكثر من صفحة لدى الشخص، عبر الفيس بوك وتويتر وانستغرام وسناب شات وغيره، أو يمتلك أكثر من بريد إلكتروني، ومع ذلك تجده يتفاعل في العالم الافتراضي ويعيش فيه اكثر من العالم الواقعي، فتصبح لديه شخصيات متعددة في قالب واحد، حسب نوع الحساب أو البريد الإلكتروني الذي يملكه أو حسب نوع الأصدقاء والمتابعين في كل حساب أو بريد او موقع، وتتصف هذه الشخصية بسلوكيات مغايرة تماما عن شخصيته الحقيقية، ولا تظهر هذه الشخصية في الواقع وإنما تظهر فقط عبر عالم التواصل الرقمي، اليوم نفهمُ لماذا يحصل هذا التناقض مع الشخصية العادية والشخصية الفيسبوكية..
يجب الانتباه ان هذه الشخصية قد تشكل خطر في العالم الواقعي، تؤذي نفسها وغيرها، فتعيش في حالة صراع ايهما يكون..
والسؤال هنا ما هي أسباب ظهور ازدواجية الشخصية وتفشي هذه الظاهرة الخطيرة في مواقع التواصل؟.
ان وجود الشخصية المغايرة للحقيقة النفسية أخطر ما أظهره العالم الالكتروني وهو من العوارض النفسية فيعتبر انفصام في الشخصية، لا يعرف من هو بالضبط، في أي شخصية هو اليوم، هناك اسباب تدفع الى ظهور هذا الانفصام منها:
1- ضياع الهدف وتغير الواقع الذي يعيشه، وعدم تحمل المسؤولية.
2- الشخص الافتراضي هو الشخص السلبي وبسبب عدم قدرته على تحقيق المواصفات الايجابية في الواقع، فيقوم بتقمص شخصية ايجابية افتراضية ولكنه يفقد القدرة على التحكم فيها، سواء كانت هذه الشخصية المتصنعة سلبية أو ايجابية.
3- الشعور بالنقص وعدم الرضا النفسي مما يجعله في حالة اضطراب بين الشخصيتين. فتراه سعيدا في الفيس بوك حزينا في الواقع والعكس احيانا.
4- عدم وجود المراقبة الالكترونية وليس هناك قانون يراقب هذه الشخصيات ويمنع من امتلاك اكثر من صفحة شخصية مع وجود الاثبات حتى لا يكون هناك مجال لصفحات وهمية.
لماذا لا تكون في عالم التواصل انت وتكن غيرك، في عالم التنمية البشرية قال ديل كارنجي قبل عشرين عاما: "كن أنت ذاتك، أنت لا تمثل أحدا ولا تفترض شخصية ما، مثل نفسك الحالية والواقعية كن واقعك، أنت شخصية واحدة لها مواصفاتها وميزاتها وعالمها الجميل، أوقف أي شخصية افتراضية لديك وكن أنت، ابحث عن نفسك جيدا ستجد أشياء جميلة بالتأكيد."
عالم اليوم لا ينقصه شخصيات افتراضية، ما نحتاجة اليوم شخصيات واقعية تغير الحال الى الافضل، اشخاص لا يعانون من ازدواجية وليست لديهم امراض نفسية واجتماعية، يعرفون جيدا كيف يستخدمون مواقع التواصل بشكل مناسب لمصالحهم، يحققون اهدافهم، واقعيين في كل مكان وزمان، وهذا ما نأمل ان نراه، فليست الثقافة ان تكون حاملا معك كتاب وتجلس في مقهى وتملك صفحة ثقافية، الثقافة في الفكر وتغيير الواقع فعندها تعتبر مثقف فسيبوكي قابل للتغير والتعديل في عام 2018.
اضافةتعليق
التعليقات