تغزو صور الحياة المثالية شاشات هواتفنا وأجهزة الكمبيوتر، حيث تظهر لنا حياة بلا عيوب، مليئة بالسفر والمغامرات والنجاح والأصدقاء والأزواج المثاليين، ولكن هل هذه الصور تعكس واقعنا أم مجرد وهم يصنعهُ الآخرون؟ تُعتَبر منصات التواصل الاجتماعي نافذةً واسعةً نطل منها على حياة الآخرين، فنرى صورًا لحياة تبدو سعيدة ومثالية، لكن هل هذه الصورة حقيقية؟ أم أنها مجرد واجهة نراها عبر الشاشات؟ ولماذا نسعى وراء المثالية على السوشيال ميديا؟ إن الرغبة في الظهور بأفضل صورة ممكنة ومثالية مُفرَطة وما نراه عبر الشاشات هو شعور بالنقص، كما أن مقارنة النفس بصور الحياة المثالية على السوشيال ميديا يُشعر الأغلب بالنقص ايضًا. لذا يجب أن نتذكر أن ما نراه على السوشيال ميديا هو مجرد جزء صغير من حياة الآخرين، وأنهم لا يعرضون كل جوانب حياتهم. فهل لاحظتم أو تساءلتم يومًا لماذا في السوشيال ميديا الكثير من الأنبياء بلا خطايا، مثاليون بلا أخطاء. أين ذهب السراق؟ أين النمامين؟ والظالمين؟ والذين نراهم كل يوم في الشارع؟ الكل متذوق والكل يحب الأدب ويحب القراءة؟ ويتحدث وينقل أفكار ومُثل عُليا يومياً في صفحته؟ هل تبخروا؟ نجيب بإختصار.. السوشيال ميديا ليست مرآة للواقع إطلاقا. هي منصة للهروب! وهو تجمع كبير ويلعب الجميع أدوار البطولة.. بينما خلف الشاشات تتكرر نفس السلوكيات التي يَدَعون رفضها، هي ليست مساحة للتغيير بل هي أشبه بنافذة لتجميل القبح وإعادة تدوير العيوب في صور براقة، وحالة من استعراض الذات بدلاً من إصلاحها!. في الميديا يحاول الجميع أن يظهر نسخة من ذاته كما يتمنى أن يراها الآخرون لا كما هي في الواقع. كذلك يفسرها علماء الاجتماع نوع من الرغبة في القبول والاعتراف وتعويض نقص داخلي أو شعور دفين بعدم الكفاية. السوشيال ميديا مرآة (مشوهة) تُقدم صورة انتقائية للذات.. الجميع يرتدي قناع الفضيلة والمثالية لأن المنصة تتيح لهم إعادة تشكيل ورسم شخصياتهم بعيداً عن رقابة الواقع.. هذا السلوك بشكل اكثر دقة تمثيل (للازدواجية النفسية) فهنا يهرب الإنسان من مواجهة ذاته الحقيقية إلى عالم رقمي يستطيع فيه التحكم بكل تفصيل. لابد أن نتذكر أن الحياة الحقيقية أكثر جمالا من الفلتر، لنقبل أنفسنا كما نحن، ونحتفل بالتنوع والاختلاف. السوشيال ميديا مجرد نافذة، وليست صورة كاملة للحياة، لذا فالنبدأ رحلة نحو واقع أكثر صدقاً، دعونا نشجع المحتوى الأصيل، ونكشف عن الحقيقة وراء الكواليس، لنجعل من السوشيال ميديا مكاناً للإلهام والتواصل الحقيقي. كما يجب أن نكون على دراية بأن المثالية هي مجرد وهم، وأن السعي وراءها يؤدي إلى عواقب سلبية. فعلينا أن نركز على حياتنا الخاصة وأن نكون سعداء بما لدينا.
اضافةتعليق
التعليقات