نجلة عماد هي ابنتنا العراقية وفخرنا وقدوة لأبنائنا حين تفوز بالذهب، ولكن نجلة وكل من هم في نفس ظرفها لا يمرون في خاطرنا عندما نخطط ونبني العراق، أو نعلم أبناءنا التخطيط لبناء العراق.
يعيش مجتمعنا في حالة من الإنكار والتهميش للـ "مختلف" كنوع من الثقافة المتأصلة في ذهن كل أفراد المجتمع، نحن لا نرى ولا نحاول أن نسمع أو نشعر بالمختلف، وحين يكون هذا المختلف مصاباً بإعاقة، الشعور الوحيد الذي نقدمه في أحسن الأحوال هو الشفقة، ذلك الشعور الاستعلائي المقيت، الذي يعطل كل من يتلقاه، ومفاده أننا في حال أحسن منك وأنت مسكين عاجز ولذا نستطيع أن نغمرك بهذا الشعور.
الحياة صممناها لتكون لنوع واحد من البشر، هي ليست للمختلفين، لا نستطيع تقبلهم أو احتضانهم، الحياة فقط للنموذج المثالي المقبول، فالحياة يجب أن تصمم من أجل الأصحاء، وإن وجدنا فائض في الموارد والوقت والفكر طورنا للمختلفين بعض الأدوات.
المختلفون يجب أن يبقوا في مساحات خاصة، أن يكونوا في مجتمع منعزل، ألا يشاركونا الحياة... من أشد الجمل التي تقع على أذن المرء عجرفة "هو احنا مرتاحين حتى همة يرتاحون" .
أنت لست نقطة الفصل والميزان عزيزي الصحيح بدنياً المعتل نفسياً، وهم ليسوا سوى مختلفين بحاجات خاصة يمكن توفيرها ببساطة لدمجهم بالمجتمع، فيحققون ما لم يحققه أصحاء كما فعلت نجلة عماد ورفاقها.
لا يوجد في وعي الإنسان العراقي اعتراف بوجود أنماط حياة متنوعة، ولهذه الحيوات المتنوعة هناك احتياجات مختلفة هي غير احتياجات الفرد الكامل، كل شيء متمركز حول نفسه ومن يشابهه كونه يشكل العدد الأكبر، وهذه النظرة علمت المختلف أن ينزوي ويخفي اختلافه أو ألا يظهر في العلن لأننا نسيناه عندما صممنا المباني والخدمات وحتى الشعور والفكر.
نحن لا نعيش في زمن الاصطياد، أو الحياة الزراعية، أو الارتحال والتنقل لكي يصبح وجود إعاقة بدنية شيئاً لا يمكن العيش معه، لقد غادرنا تلك الحياة منذ زمن بعيد، ونعيش عقدنا الأخير هذا، في عالم يسمح لنا في العمل والدراسة وإدارة أعمال كبرى من على أريكة المنزل، فلا يجدر بنا أخذ فكر قديمٍ ولى إلى عالم الحداثة، حيث يمكن للجميع أن يعبروا عن ذواتهم بأريحية.
هناك مفاهيم وتقنيات كثيرة موجودة بالفعل ومعمول بها عالمياً لجعل كل فرد قادر على أن يعيش حياته على أكمل وجه معتمداً على ذاته، كل ما علينا فعله هو أن نفكر في وجود الاختلاف، دون شفقة، بل برغبة حقيقية في صنع عالم يُمكّن الجميع من المشاركة والمساهمة في تحقيق النجاحات الوطنية والعالمية.
اضافةتعليق
التعليقات