قد تبالغ المرأة فى وصف بعض الأمور، وينتقل الحديث من تلك الصديقات إلى أزواجهن، وقد يتحدث بعض هؤلاء الأزواج إلى الزوج المخطئ ناصحاً إياه زوجته، فيشعر هذا الزوج بافتضاح أمره بين الناس والجيران، ويظن أن الناس تعلم كل شيء عن حياته الزوجية عن طريق زوجته، فيتضايق الزوج أكثر وأكثر وتتفاقم المشكلات بدلاً من حلها، ويفقد الزوج الثقة في زوجته.
على الزوجة أن تدرك خصوصية العلاقة بينها وبين زوجها، وأن أسرار الحياة الزوجية لا يجوز أن تخرج خارج البيت، وكيف تخرج وهي أم أهل البيت، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة)، يعنى إذا حدث الرجل أخاه بحديث ثم التفت خوفاً من أن يكون أحد يسمعه، فإن هذا الحديث يعتبر أمانة في عنق ذلك الرجل الذي سمع هذا الحديث، فلا يجوز إفشاؤه لأحد، لأن في ذلك تضييعاً للأمانة هذا بالنسبة للحديث العادي بين رجل وآخر يسر به إليه ، فكيف بما يحدث بين الرجل وزوجته داخل البيت ، وهو يعلم يقيناً أن أحداً لا يسمعهم إلا الله تعالى ، فهل لا يأمن أن ينقل هذا الكلام إلى أحد ؟!
إنها أمانة عظيمة ، يجب أن تدركها كل امرأة وكل رجل ، تلك الأحاديث المنزلية التي لا يجب أن يطلع عليها غيرهما ، والتي تغضب أياً منهما إذا عرف أن الغير قد اطلع عليها ، إن تضييع هذه الأمانة وإفشاء تلك الأسرار أمر خطير ، وفي الحديث : (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) وهذا حتى لا تفشى أسرار العائلة ويعلم بها الناس ، ولإختلاف طبيعة الرجل والمرأة ، واختلاف نظرتهم للأمور ، فلا تبالغي أيتها الزوجة في الخصومة ، ولا تطلبي الاعتذار من زوجك في كل مرة ، فلن يفعل ، ولن تصلح الأمور بهذه الطريقة ، إنما عليك بحسن المعاملة وقبول المعذرة ، والسماحة والصبر ، فستجدين من زوجك حسن المعاملة أيضاً وكل الحب. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
التذمر والقلق المستمر :
إن التذمر والقلق المستمر والإلحاح صفات تخضع لها كثير من النساء ، وبخاصة تجاه الزوج حين يفعل ما لا يعجبها ، أو حين يخطأ في أمر ما ، فمثلاً قد ينسى الزوج إحضار شيء ما للزوجة ، وقد ترهقه بطلبات كثيرة فيضطر لتأجيل بعضها ، وربما لعدم فعل البعض الآخر ، فإذا بزوجته تقول له : « لقد قلت لك ألف مرة .... ويجد منها التذمر والتململ ، والرجال عادة لا يحيون هذا من المرأة ، ولا يحبون التذمر ولا كثرة الإلحاح أو إصدار الأوامر : لماذا لم تحضر كذا .. ؟! ، لقد قلت لك إنني أريد كذا ، إنك غير مبال بما أقول.
إن الرجال عادة لا يحبون تلقي الأوامر ، إنهم يحبون إصدار الأوامر لا تلقيها تقول إيفان كريستان : ( الرجال لا يحبون الإصغاء للتذمر وأن يقال لهم ما عليهم عمله ، فهم يفضلون إعطاء الأوامر على تلقيها ) وقد تكون المرأة ذاتها مخطئة فى تصورها لخطأ الزوج خاصة في موضوع القلق ، لأن المرأة بطبيعتها تحب التفكير في كل شيء والدوران حوله، ويمكن أن تقول أنها تفكر بنوع من القلق ، إنها خائفة من المستقبل ، كما أنها خائفة على صحة الأولاد ... إلخ، إنها تخاف أموراً كثيرة ومن ثم تقلق بشأنها ، فإذا لم يشاركها زوجها هذا القلق تعتبره شخصاً سلبياً ، ولديه لا مبالاة ، وعدم اهتمام ببيته وأولاده وذلك لأنه لم يشاركها فى قلقها ، والحقيقة التي يجب أن تعلمها المرأة أن الرجال عادة أقل قلقاً من النساء ، ذلك لأن الرجال يهتمون بالفصل في الأمور ، والحزم وعدم التردد ، ولا يحبون التفكير والقلق بشأن الأشياء ، هذا طبعاً بصفة عامة، لكن قد يكون البعض ليس بهذه الدرجة من الحزم ، وهناك رجال قلقون، لكن بصفة عامة الرجال أقل قلقاً. ومن هنا فإن قلق الزوجة وتذمرها يسبب للزوج نوعاً من المشاكل من النساء .
وقد يضطر إلى الإنفصال عن زوجته ، وهذا ما حدث فعلاً بشأن كثير من الزوجات ، تجد أن الرجل يعترف (أن زوجته جيدة وأم مخلصة ، لكنه لم يعد يتحمل العيش معها ).
نعم إن القلق الكبير والتذمر المستمر من قبل الزوجة يجعل الحياة الزوجية مع تلك الزوجة مهمة صعبة ، لا يستطيع تحملها أي زوج ، مع العلم بأن هذه الزوجة القلقة المتذمرة قد لا تجد في نفسها أنها مخطئة، وإذا سألتها . قالت : إن زوجي هو السبب، إن لديه لا مبالاة بأي شيء!! ، أيتها الزوجة المخلصة إذا أردت أن تعيشي حياة هنيئة، فإن عليك أن تسمعي هذه النصيحة : قليل من القلق ، قليل من التذمر ، كثير من الصبر ، كثير من الحب ، ولا تكثري الإلمام عليه ، فإن كثرة الإلحاح تولد الكراهية .
مقارنة الزوج بغيره من الأزواج :
لا تخلو جلسات النساء مع بعضهن البعض من ذكر حالهن مع أزواجهن، وكثير منهن يبالغن في وصف سعادتهن في بيوتهن ، ومدى قيام أزواجهن وبعضهم يكذبن ويلفقن الحكايات ليظهرن أنهن أفضل من غيرهن ، والمرأة التي لا تدرك حقيقة تلك الأمور ، فتجلس تستمع من هذه عن زوجها ، ومن تلك ، فترى أن زوجها مقصر في خدمتها ، ويرتكب في حقها أخطاء معينة ، حسب ما سمعته من صديقاتها ، وقد يكون زوجها خيراً من أزواج هؤلاء لأنهن لا ينقلن الحقائق، أو ينقلتها مبتورة منقوصة ، أو لأن أزواجهن لديهن عيوب كبيرة لكنهن طبعاً لا ينقلن هذه العيوب .
والخلاصة، نقول أن الزوجة التي لا تشرك طبيعة تلك المجالس والمبالغات التي تحكي بها تخرج بصورة شبه مثالية عن الأزواج سوى زوجها ، لأنها ترى من زوجها حسنات وسيئات ، وتسمع عن غيره من أولئك الحسنات فقط ، ومن ثم تسخط على حياتها الزوجية ، وتظل تنتقد سلوكيات في زوجها لم تكن تنتقدها من قبل ، وتطلب منه أموراً قد لا تكون في استطاعته أو لا تناسب ظروفه ، فإن رفض قالت له : لماذا لا تكون مثل فلان أو فلان ؟!! ، إنهم مثلنا في الظروف ومع ذلك يشترون كذا وكذا ... ويفعلون كذا وكذا أو تقول له : لماذا لا تترك وظيفتك هذه وتعمل مثل فلان في وظيفة كذا إنه أحسن حالاً وأوفر مالاً .
وهكذا تحاول المرأة معالجة ما تراه من أخطاء للزوج عن طريق اقتباس حياة الآخرين، ومعايشهم ومحاولة تطبيقها في بيتها، وإذا رجعت المرأة إلى نفسها لوجدت أن أسلوب التشبه بالآخرين في كل صغيرة وكبيرة ، والنظر إلى ما عند الناس ، والتطلع إليهم ومحاولة عقد مقارنات دائماً بين حياتها وحياة غيرها ، وبين سلوك زوجها وسلوك غيره من الأزواج . حسب ما تسمع ، لو رجعت المرأة إلى نفسها لوجدت كل هذه الأساليب أساليب خاطئة.
اضافةتعليق
التعليقات