بلاشك ان للكلمات تأثير كبير على حياة الانسان، فكما قال باستور: ضربة الكلمة أقوى من ضربة السيف. ولربما كلمة واحدة تغير مصير الانسان، اما الى السعادة أو الى الشقاء، لذلك على الآباء أن يختاروا كلماتهم بدقة وعناية كي يرشدوا أولادهم الى الطريق الصحيح و يعلموا أطفالهم التكلم بلغة سليمة لا يشوبها شائبة....
اذا نحن الآباء استخدمنا كلمات غير لائقة فكيف نتوقع من أبناءنا أن يستخدموا كلمات جميلة؟ نحن من نزرع في نفوسهم كلمات سلبية فكيف نتوقع أن يكونوا إيجابيين ويتطوروا ويصلوا الى اعلى المناصب؟ قكما يقول المثل الشهير: انت تحصد ما تزرع، فليس باستطاعتك ان تزرع خيار وتنتظر الموز، أو تزرع العلف وتنتظر الفاكهة!.
اذاً لابد لنا أن نصحح أخطاءنا وندقق في تصرفاتنا ونختار كلماتنا بدقة كي نحصد جيلا طيبا كريما ليكونوا قرة أعيننا في الدنيا قبل الآخرة.
فكم من رجل كبير في العمر تحمل الفشل في الحياة لأجل كلمة سمعها في صغره من والديه او أحد أقاربه وأصبحت تلك الكلمة وبال على عاتقه و دفعته الى المهالك!، كلما أراد أن يقدم على عمل أصبح يتذكر تلك الكلمة و يرجع الى الوراء ويقول لا داعي لذلك انني فاشل!.
وكم من رجل كبير في ساحة العظمة وصل الى نجاح وتفوق لأجل كلمة سمعها هنا وهناك من والديه أو أحد أقاربه، وأصبحت تلك الكلمة بصيص نور وسبب اندفاعه الى القمة كلما أراد أن يتراجع!.
لذلك نجد الآيات القرانية والاحاديث الشريفة تحثنا على اختيار كلمات جميلة وملائمة للموقف لأن القول الحسن يعد من الأسباب التي تكثر الحسنات وترفع الدرجات، والكلمات الحسنة هي من تأخذ بيد صاحبها الى الجنة، جنة الدنيا وهي مصاحبة الجميع والمعاشرة الحسنة التي يحبها الجميع وجنة الآخرة في نهاية المطاف ولذا كثر في القرآن والسنة (الأحاديث الشريفة) ذكر فضائلها تذكرة من الله تعالى للعباد وهداية منه إلى سبيل الرشاد، وإرشادًا إلى موجبات الفلاح والإسعاد قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾[1]، وقال سبحانه: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[2] وقال تبارك اسمه: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾[3]، وقال جل شأنه: ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾[4].
وكذلك نجد في أسعد أسرة في حياة البشرية أيضا الزوج والزوجة يتكلمان بأدب حيث يخاطب امير المومنين علي سيدتنا فاطمة (سلام الله عليهما): يابنت رسول الله، نعم العون في طاعة الله وتقول سيدة نساء العالمي: بنفسي أنت، هنا يظهر الحب والاحترام بصورته الحقيقية وأيضا تخاطب سيدتنا اولادها بأفضل الكلمات وتعبر عن مدى حبها لهم، ولكن للأسف هذه الفضيلة في مجتمعنا تتأرجح بين الإفراط والتفريط..
ففي بعض الأحيان نلاحظ بأن الوالدين يرفعان ابنهما الى السماء السابعة وفِي بعض الأحيان ينزلان من شأنه ويحطمان مشاعره ويجعلانه في أسفل السافلين بكلماتهما!
لنرجع الى تلك الحياة السعيدة ونقتطف من ثمارها الطيبة التي كانت أفضل نموذج في حياة البشرية من حيث الأدب والأخلاق والحلم والأيمان وهم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم سلام الله عليهم اجمعين.
سيدتنا فاطمة في حديث الكساء تخاطب الحسن والحسين عليهما السلام: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ يا قُرَّةَ عَيْنِي وَثَمَرَةَ فُؤادِي".
وكانت السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تلعب مع الحسن (عليه السلام) وتقول: أشبه أباك يا حسن واخلع عن الحقّ الرسن، وأعبد إلهاً ذا منن، ولا توالي ذا الإحن[5].
وبهذه الصورة تعبر عن مدى حبها لأطفالها وترسخ العقيدة الرصينة في عقولهم وتعطي لنساء أمتها بل لنساء العالم، بأن الكلمات كأشعة الشمس باستطاعتها ان تكون نافذة الى الأعماق وتحيي القلوب...
اضافةتعليق
التعليقات