مع ارتفاع نسبة الطلاق المهولة في المجتمع لابد من البحث عن الأسباب والتعرف على حيثيات الأمر.. فنسبة الطلاق آخذة بالازدياد ولن تتوقف عند حد معين، وما نراه اليوم من تفكك الأسر وضياع الأولاد هو نتيجة طبيعية لتراكم المشاكل التي لم تجد لها حلولا في حينها.
والسؤال الذي يطرح نفسه بما يختص بالمرأة هو: هل المرأة المطلّقة تطلّقت نتيجة ظروف معينة مثلا؟ أم نتيجة اختيار خاطىء؟ أم بسبب زوج يفتقد للرجولة ويمارس عنفه وساديته تجاه زوجته وأم أولاده؟ وفي النهاية هل الطلاق يشكّل بالنسبة لها رحمة أم نقمة؟
جعل الله -سبحانه وتعالى- الزواج سبباً للسَّكَن والأمان، وجعل المودّة والرحمة من أسباب استمرار المَحبّة والانسجام بين الزوجَين، قال تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
إلّا أنّ ذلك ليس حتميَّاً، فقد يصل الزوجان إلى مرحلة يتعذَّر معها استمرار الحياة الزوجيّة بينهما، فتكون العشرة مع بعضهم سبباً في تعاستهم وتنافرهم، ويتعذّر التوفيق بينهم، ولذلك شُرّع الطلاق.
في البدء ربما كانت الإختيارات صحيحة ظاهرا، ولعل أهل الفتاة سألوا وبحثوا وتأكدوا من استقامة الخاطب، ولعل الجميع ممن يحيطونه قد زكّوه وأكدوا على نزاهته وحسن أخلاقه، لكن الله وحده هو من يعرف بواطن الإنسان، وما تخفيه جوانحه، وبما تنطوي عليه سريرته وعلانيته.
فالإختيار قد لا يُلام في هذه الحالة، وليس هو السبب الذي نعلق عليه شماعة الطلاق، فكثير من الأمور قد تتغير وتتبدل بعد الزواج، فالرجل تبدو عليه سيماء الصلاح لكنه ربما يصطدم بأولى المشكلات التي تعترض طريقهما، فنجده عصبيا جزوعا لا يحسن التعامل مع أي امتحان قد يطرأ في حياته الزوجية.
فالزواج ليس مجرد ارتباط مؤقت بين اثنين اتفقا على الشراكة في كل شيء، وإنما هي حياة متكاملة بحلوها ومرها، وبما يكتنفها من مطبات وامتحانات، وأوقات عصيبة قد يجد الزوجان فيها نفسيهما أمام اختبار حقيقي لمواصلة المسيرة بينهما، أو الإفتراق في أول محطة قد تصادفهما.
هنا تختبر القابلية في واقع الأمر، وقدرة الزوج لقيادة مركبة العشرة بالشكل اللائق.
لابد للرجل قبل أن ينوي الارتباط بأي امرأة، أن يعرف ماذا تريد المرأة؟ وما هو أقصر الطرق لكسب ودّها؟
الثالوث العجيب الذي ينبغي أن يتعرف عليه كل زوج هو الثالوث القائم على ثلاثة أضلاع: الحب والاهتمام والاحتواء. وبهذا الثالوث تسير سفينة الحياة الزوجية بسلام.. ومن دونه تصبح الحياة الزوجية بلا معنى.
فإذا افتقدت الزوجة أي زوجة إلى الحب والاهتمام والاحتواء من قبل الزوج، ستصبح حياتها جحيما لا يطاق.. وإذا جرى إصلاح ذات البين بينهما كان خيرا على خير، أما إذا استنفذت جميع حالات الإصلاح، ووصلت الحالة إلى طريق مسدود فالطلاق هو الفيصل ويبقى هو أبغض الحلال إلى الله..
هنا فقط يصبح الطلاق رحمة لا نقمة.
اضافةتعليق
التعليقات